قد يسعى الكاتب لساعات و أيام من أجل أن يشارك أفكاره و يعبر عن نفسيته للقارئ في قالب إبداعي متناسق، كما قد نجده منغمس في تفكيره أو ذهنه مشتت بسبب توظيفه الصحيح للمعنى، فالكلمة الواحدة قد تفعل الكثير بصاحبها قبل حتى ظهورها للعلن...و ما إن خرجت هذه اللفظة نجده يكرر فهمها بزاويا مختلفة وكل ما يريده في تلك اللحظة أن يجد قارئا واحد يؤكد له بأنه ما أراد إيصاله تم فهمه بالشكل الصحيح حينها يمكن للكاتب أن يهدئ قليلا.

لذلك الأفكار حسب تقسيمنا لها هي نوعين الحية والميتة، فالتي تظهر للعلن وتسبح بحرية في هذا العالم ليعبر عنها صاحبها بدون شروط أو منهجية معينة تفرض عليه ألية صياغة للكلمات أو العبارات وقف ما يتناسب مع مرجعيات خارجية يمكن أن نطلق عليها الأفكار الحية لأنها نجحت بكفاءة في التعبير عن أفكار الكاتب وأستطعنا نحن أن نلامس ما يدور داخله.

أما الأفكار المتية فهي نقيض الأولى، لكن قد نتساءل إذا طعنت هذه الفكرة وقيدت قد يصبح لا وجود لها من الأساس ألذلك نسميها ب" أفكار ميتة"، لا، فالكاتب سواء عبر عن أفكاره أو بقيت حبيسة داخله يبقى يطلق عليها إسم فكرة وبالرغم من التقييد الذي قد يمنعه عن التعبير عنها، إلا أن يؤمن بوجود الفكرة ومهما طال الزمن عليها أو الأيادي الخارجية التي تريد بسط نفوذها عليه سيأتي يوما وتصبح هذه الأفكار الميتة التي تمثل تهديدا نفسيا وصراعا بينه وبين كيانه قد يأتي يوما وتحيا بحرية.

لكن هناك نوع أخر من الأفكار التي يبقى التاريخ شاهد عليها حاملة روح الصراع والتحدي، وهي تتدحرج بين الأفكار الحية والميتة، وبين المقاومة والنبذ، فالجميل أنها تولد بحرية، تسمع للعلن لكنها تقتل عمدا ولا تموت، قد تحبس وتعذب لكنها تستمر في إسماع صوتها رغم المعاناة التي تتعرض لها....والكثير من الأسماء لأصحاب القلم الذين همشوا عمدا وحبسوا وحتى أنهم قتلوا عمدا، لكن مع ذلك إستطاعوا أن يتركوا بصبتهم بمقاومتهم و صمودهم على نفس المبادئ، لم يغرهم النفوذ ولم تشترهم الأموال....لماذا؟ لأنهم أعطوا قيمة للكلمة..وعرفوا المعنى الحقيقي التي تحمله، أمنوا بوجودها، فإذا جالت في أذهانهم لابد أن تصقل...أن تسمع للعلن وإن كانت لا تخدم بعض الجهات.

-من بين هؤلاء الأدباء و المثقفين الذين كانت الكلمة سلاحهم وبسبب أن كتابتهم قد لا تروق للبعض فكان مصيرهم الموت، مولود فرعون أحد أبناء المقاومة الجزائرية ضد الإحتلال الفرنسي له العديد من المؤلفات والروايات، أبرزها "الدروب الوعرة"، و"ابن الفقير" قتل على يد متطرفين هو خمسة من العاملين بقطاع التعليم.

أيضا، نجيب محفوظ الأديب المصري الشهير الذي عرفت كتاباته بتصوير لواقع المجتمع المصري، تعرض عام 1994 لمحاولة قتل على يد شابين من الجماعات الإرهابية أرادا قتله بسكين فتسببا في إصابته بجروح بليغة في العنق بسبب أفكاره التي عبر عنها في روايته "أولاد حارتنا".

والكثير من هؤلاء الذي أغتيلوا بسبب أفكارهم، لكن إعلموا جيدا أن الكلمة التي لا تعبر عن نفسها تًقتل صاحبها قبل أن تًقتل عمدا.

وماذا عنكم يا اصدقاء، كيف هي نظرتكم للأفكار التي يحملها الكاتب؟ هل لابد عليها أن تقاوم لظهور أم تستسلم وتبقى موالية لجهات معينة؟

وهل ما تمارسونه الأن من كتابات لا يعبر عن شخصياتكم وأفكاركم الحقيقية وأن الوظيفة هي من فرضت عليكم ذلك؟ شاركونا أرائكم.