لماذا تقرأ؟

"كل ما فعلته البشرية، أو فكرت فيه، أو ربحته، أو كانته،

يرقد بين صفحات الكتب، محافظاً عليه، كأنما بواسطة يد سحرية!

توماس كارلايل

فوائد القراءة في هذا العصر "العملي" الذي نعيش فيه، كثيرة..

فأنت قد تقرأ:

1- كي تزجي - أو "تقتل" - وقت الفراغ..

2- أو لتتقن حرفة ما..

3- أو لتنسى همومك، وتهرب من نفسك..

4- أو لتعيش أحلامك التي عجزت عن تحقيقها في حياتك..

5- أو لتذكي خيالك وتختبر ذكاءك بالكتب المثيرة والقصص البوليسية..

6- أو قد تقرأ لمتعة القراءة في ذاتها، إذا كنت تعشقها..

7- أو تقرأ لتوسع مداركك، وتكتسب ما نطلق عليه لفظ "الثقافة" بشتى مفاهيمها..

8- أو لتنمي شخصيتك وتغدو مرموقاً في المجالس، جذاب الحديث..

9- وأخيراً، وليس آخراً، فأنت تقرأ لتزيد فهمك للإنسانية..

.. ومن ثم يتسنى لك أن تقيم علاقاتك مع الناس على أسس السلام والمحبة.. فإن ما تخرج به من قراءاتك في الكتب الجيدة، من أن الناس جميعاً سواء، في جميع الأقطار والعصور، يجعلك أميل إلى أن تسلك مع أصدقائك، وجيرانك، ومخالطيك، مسلكاً ينطوي على التسامح، حين تصادف بينهم شخصيات شاذة شبيهة بـ"الأب جوريو" ، أو "سيلاس مارنر"، أو "ليدي ماكبث".. الخ.

متى تقرأ؟

"هناك كتب تستحق أن يذوقها القارئ..

وكتب تستحق أن يلتهمها.. وكتب تستحق أن تمضغ وتهضم!"

فرنسيس بيكون

قد تقول: ولكن عملي ومطالب حياتي لا تترك لي وقتاً للقراءة..

وللرد على هذا الزعم "الوهمي" - أياً كانت ضخامة مشاغلك ومسئولياتك - ألخص لك بحثاً، مدعماً بالإحصاءات ذات الدلالة البليغة، نشره الباحث لويس شورز بعنوان: "كيف تجد وقتاً لتقرأ" وفيما يلي أهم ما انتهى إليه من نتائج وإحصاءات:

إذا كنت قارئاً متوسطاً(عادياً)، فأنت تستطيع أن تقرأ الكتاب العادي بمعدل 300 كلمة في الدقيقة (لكنك لن تبلغ هذا المعدل، أو تحافظ عليه، إلا إذا قرأت يومياً، بانتظام.. كما لن تحافظ عليه في الكتب المتخصصة، مثل العلوم، والرياضيات، والزراعة، والشعر، وكتب الأدب ذات الأسلوب الذي يستحق وقفة تأمل كل حين.. أو أي موضوع علمي جديد عليك).

ومعنى هذه السرعة، أن تقرأ 4500 كلمة في كل 15 دقيقة.. فإذا ضربت هذا الرقم في 7 أيام، تكون الحصيلة 31,500 كلمة في الأسبوع أو 126,000 كلمة في الشهر أو 1,512,000 (مليون ونصف) كلمة في العام، نتيجة للقراءة مجرد ربع ساعة كل يوم!

ولما كانت الكتب تتراوح في العادة بين 60,000 و 100,000 كلمة في المتوسط، فإن المحصول السنوي لقارئ "الربع ساعة في اليوم" يكون عشرين كتاباً في العام!

وقد جرب هذه الطريقة طبيب وعالم من أشهر أطباء العصر الحديث هو سير وليم أوسلر، الذي تتلمذ عليه الكثيرون من أساطين الطب المعاصرين، كما درس أطباء العالم كتبه المشهورة في الطب.. وقد عزا عارفوه عظمته- فضلاً عن تفوقه في فنه الخاص- إلى ثقافته العامة، البعيدة المدى، فقد كان واسع الاطلاع على ما فعله الجنس البشري - وفكر فيه- خلال العصور المتوالية، وكان يدرك أن السبيل الوحيد للوقوف على أفضل تجارب بني الإنسان هو قراءة ما كتبوه في كتبهم.. لكن مشكلته كانت هي مشكلة كل رجل مشغول، لا يملك خلال الأربع والعشرين ساعة اليومية وقتاً يخرج عن حدود عمله، سوى ما يقتطعه من ساعات قليلة للنوم وتناول الطعام وتلبية مطالب الحياة الضرورية.

لكن أوسلر توصل إلى الحل الذي ينشده في مرحلة مبكرة من حياته، فنظمها على أساس أن يقرأ لمدة ربع ساعة كل ليلة قبل النوم مباشرة، أياً كانت الظروف!.. فكان إذا أوى إلى فراشه في الحادية عشرة مثلاً، يقرأ حتى الحادية عشرة والربع.. وإذا شغلته جراحاته أو أبحاثه حتى الثانية صباحاً، يقرأ إلى الثانية والربع، وهكذا.. ولم يشذ عن هذه القاعدة التي وضعها لحياته يوماً واحداً، خلال نحو نصف قرن!.. وكان الدستور الذي استنّه لقراءاته الليلية أن تكون منعدمة الصلة بمهنته وعمله، فحصل من هذه القراءات على اطلاع واسع نادر المثال، كفل التوازن في شخصيته بين التثقيف المهني والتثقيف العام!

وفي العالم كثيرون من أمثال هذا الطبيب الفذ، نمّوا شخصياتهم بالقراءة في غير نواحي عملهم أو تخصصهم.. وقد اشتهر الألمان بصفة خاصة بالإقبال على القراءة في شتى الموضوعات، ولعل هذا من عوامل تفوقهم وتعدد وجوه ثقافتهم وشمولها كافة مناحي المعرفة.

كيف تقرأ؟

"الكتب هي الثروة المخبوءة، وميراث الأجيال والشعوب"

هنري دافيد ثورو

وقراءة الكتاب، مثل تأمل اللوحة أو التمثال، ينبغي لها ظروف معينة أو "عادات حسنة" لا بد من مراعاتها فيه، "وعادات سيئة" يحسن تجنبها، كما تتيح للقارئ أقصى متعة، بأقل قدر من الجهد الضائع.. وقد أحصى الأخصائي "دونالد ماك كامبل" أهم هذه العادات "الحسنة" و"السيئة" فيما يلي:

من العادات السيئة أو "العقبات" التي تعوق التأمل والقراءة المجدية: المعدة الخاوية.. والمعدة الممتلئة أكثر من اللازم.. وخير غذاء يؤهلك للقراءة المفيدة بعض الفاكهة. أما إذا تناولت أكلة ثقيلة، فينبغي أن تنتظر ساعة على الأقل قبل أن تقرأ، كي لا يصعد إلى رأسك الدم الذي يلزم بقاؤه في المعدة ليساعد على الهضم.

الإرهاق الجسماني عدو آخر للتركيز اللازم أثناء القراءة.. فإن الطاقة الحرارية المطلوبة توافرها أثناء القراءة الجادة، تكاد تعدل الطاقة اللازمة للعبة رياضية خفيفة. على أن ذلك لا يعني أن يقبل المرء على القراءة وهو في حالة خمول تام، بل يحسن أن يتمشى ولو قليلاً في الحجرة قبل القراءة، كي يزيل الخمول عن جسمه وعقله معاً، وينشط الدورة الدموية، إذ كثيراً ما يصيب خمول الجسم ذهن صاحبه بعدواه.

ومن العقبات التي تعوق القراءة المجدية، الشعور بالقلق، أو التوتر العصبي الناشئ عن الإمساك، أو عن حاجة الجسم إلى شيء من الرياضة.. كما يلزم تجنب الضجيج أو المقاطعات المتكررة التي تفسد التأمل والاستغراق.. على أن توفير الجو الهادئ المريح ينبغي أن لا يغالي فيه، كما فعلت تلك الثرية العجوز التي أعدت في قصرها غرفة خاصة للقراءة، بطّنت جدرانها بالمواد العازلة للصوت، وزودتها بأجهزة تكييف الهواء، وبسائر أدوات الترف ومستلزماته.. فلما اكتملت لها كل أسباب الراحة، فوجئت بما أفسد عليها كل تدبيرها: صارت لا تكاد تخلو إلى الكتاب في صومعتها المثالية، حتى يدهمها النعاس في الحال!

ولا بد لممارسة القراءة من مقعد مناسب، يتيح جلسة مريحة، لا ينحني فيها العمود الفقري كالقوس أثناء انكباب القارئ على كتابه.. وينبغي أن تكون صفحة الكتاب موازية للوجه، وعلى بعد نحو أربعين سنتيمتراً منه، وأن تكون حافة الكتاب العليا في مستوى العينين.

وللإضاءة، ودرجتها، وزاويتها، أهمية كبرى في إغراء الشخص بالمضي في القراءة، وهو مستريح النفس والبصر، أو تنفيره منها وصرفه عنها. لذلك يجب أن يراعي المرء عند جلوسه للقراءة أن يكون الضوء المنبعث من المصباح أو النافذة القريبة منصباً على كتفه اليسرى إذا كان من عادته أن يمسك الكتاب بيده اليمنى.. أو العكس بالعكس.

ويقتضي نوفير الجو الملائم للقراءة أن يكون المكان جيد التهوية، لا يفتقر إلى الأكسجين اللازم لتنشيط الجسم والذهن. كما يحسن أن تكون درجة حرارة المكان معتدلة - حوالي 2- درجة مئوية- بحيث لا يشكو الشخص من البرد أو الحر، وإلا استيقظت غريزته من نومها لتطالب عقله بمزيد من الدفء أو الهواء، أو بالعكس.

ماذا تقرأ؟

"في العلوم ابدأ بقراءة أحدث الكتب، وفي الآداب أقدمها،

فالكلاسيكيات لا تبلى جدتها، وهي دوماً حديثة".

إدوار بولوار ليتون

وقبل أن نستعرض الكتب - العربية والإفرنجية- التي لا غنى لمثقف عن قراءتها، ( أو قراءة جانب منها على الأقل، وفقاً لميوله ونزعاته)، والمراجع العالمية التي لا غنى له عن اقتنائها.. نبدأ بحصر أبواب المعرفة الرئيسية، وهي حسب ترتيبها الأبجدي:

1- آثار

2- أدب بمعناه الضيق، ويشمل: النقد، المقالات، السيرة الذاتية، الرحلات.

3- أديان

4- تاريخ

5- تراث الأقدمين

6- تراجم (سير الخالدين)

7- دراما (مسرحيات)

8- سياسة

9- شعر

10- علوم

11- علم النفس

12- علوم اجتماعية

13- فلسفة

14- فنون جميلة

15- قصص

16- كلاسيكيات

17- موسقى

18- موسوعات ومراجع

19- نشأة وتطور الإنسان

20- هوايات وحرف