تم إصدار هذا الكتاب في إطار مشروع الدكتور وليد سيف لتحويل أعماله التلفزيونية إلى أعمال مكتوبة. سررت جدًا عندما رأيت الكتاب فلا يخفى على أحد أن ذاكرة الكتب أطول من ذاكرة المسلسلات، وتحويل أعمال تلفزيونية خالدة كالتغريبة الفلسطينية إلى أعمال مكتوبة سيضمن لها استمراريتها.

على الرغم من أنني شاهدت المسلسل عدة مرات لكن أن تشاهد المسلسل شيء، وأن تقرأ الرواية شيء آخر تمامًا، فحصيلة الدكتور وليد سيف اللغوية الجميلة والمبدعة تنقلك إلى عالم آخر. وبالطبع أنا لا أقول ذلك بغرض التقليل من المسلسل ففي هذا العمل سيجد القارئ نفسه أمام حالة فريدة لا يحتاج معها إلى المفاضلة بين الرواية والمسلسل.

والآن سوف أترككم مع بعض الاقتباسات التي تظهر مدى جمال اللغة التي استخدمت في كتابة هذا الكتاب.

فمن يحمل عبء الذاكرة؟ ومن يكتب سيرة من لا سيرة لهم في بطون الكتب؟ أولئك الذين قسّموا أجسامهم في جسوم الناس، وخلّفوا آثاراً عميقة تدلّ على غيرهم.. ولكنها لا تدلّ عليهم!
حسن، ذلك الشاب النبيل الذي قاسمني وقاسمته قُمر الطفولة وشراع السندباد. ذلك الطفل الذي كان يمتطي الريح ويترجم همس العشب وهدير العواصف.. ذلك الطفل الذي كان يقتنص الغيوم ويعيد تشكيلها على صورة المدن التي طالما حلم بها.. ذلك الفتى.. عرف كيف يحل لغز الأرض وطلاسم المساء.
كنت أتعلم لغة الكتابة وقواعد النحو، حينما كان يتعلم لغة النهر والصخر والسنبلة..
⁠‫كنت أمتطي المعجم، حين كان يمتطي الريح والعواصف..
⁠‫كنت أكتشف الأسئلة، حين كان يعيش الأجوبة.
⁠‫كان يظن أني الجزء الذي لم يكنه.. والآن أعرف أنه كان الجزء الذي لم أكنه.
هناك في مكان ما أجهله، وتعرفه النجوم، يرقد أخي حسن. يلبس جلد الأرض التي أحبها، ويستعير منها نبضه الجديد..
⁠‫أنا هنا أبحث عن الوطن الضائع في موّالٍ شعبيّ، وهو هناك يكتشف الأرض فيه.. على عينيه ينمو عشبها وزعترها، ومن جرحه تتفتح شقائق النعمان وعروق الشومر البريّ.
⁠‫هناك هو، تكتبه الأرض وتعيد كتابته في كل فصل من فصولها.. وأنا الذي سرقت منه الكتاب والمدرسة والمحبرة، أنا هنا أبحث عن الكلمة التي تصفه.. أستعير جلده لأكتب عليه شعري فيه، ولأشعر ببعض الرضا، لعلّي أتابع حياتي من جديد.
⁠‫حسن! أيها الشاب النبيل الذي ظلمناه وأنصفته الأرض“

وفي النهاية، أحببت أن اختتم بأنني ارشح هذا الكتاب لأي قارئ مهتم بمعرفة تاريخ فلسطين الحديث ففيه وثق الكاتب فترة مهم جدًا وحرجة في تاريخ فلسطين.

القضايا العظيمة تحتاج أدبًا عظيمًا، برأيكم كيف ساهم الأدب في نقل معاناة الشعوب عبر الزمن؟