بسم الله الرحمن الرحيم

مقتطفات من كتاب ( ( غريزة الحرية ) (مقالات في الفلسفة والفوضوية والطبيعة البشرية ) )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

كتاب ( ( غريزة الحرية ) ( مقالات في الفلسفة والفوضوية والطبيعة البشرية ) ), تأليف: نعوم تشومسكي, ترجمة: د. عدي الزعبي, مؤيَّد نشَّار, الطبعة الأولى 2017, دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع, سوريا – دمشق.

1-       ( لا يعتبر الإنسان شيئاً ملكه بقدر عمله؛ وربَّما بمعنى أصح العامل الذي يعتني بالحديقة هو مالكها, أكثر من المتبطِّل الذي يستمتع بثمارها... من وجهة النظر هذه... ). الصفحة (33). 

{ قال تعالى: (( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (32) )). (سورة الزخرف) آية (32). }.

2-       ( يتبنَّى جون كوبس هذا الرأي. يطرح هنا ما يراه " المعضلة الفكرية الأكبر للمساواتيين ", ألا وهي أن ( أي نظرة للعالم الحقيقي ستبيِّن لنا أن بعض الناس أذكى من غيرهم ). ويسأل ( هل من العدل الإصرار على أن يصل السريع والبطيء ... إلى المكان ذاته في الوقت ذاته ؟ ). هل من العدل الإصرار على المساواة في الظروف بالرغم من أن الموروث الطبيعي يتنوَّع بين الناس بجلاء ؟ ). الصفحة (54-55).

3-       ( يبقى أن السؤال الذي يُطرح هو التالي: ما الذي نستنتجه إن قبلنا بهذه الواقعة – على فرض أنها صحيحة – القائلة بأن مجموعة من الخصال المحدَّدة جزئياً بالوراثة تساعد على النجاح المادي ؟ كلُّ ما يتبع, على ما أرى, هو التعليق على الترتيبات الاجتماعية والاقتصادية الخاصَّة بنا. يستطيع المرء بسهولة أن يتخيَّل مجتمعاً تجلب فيه الشجاعة الجسدية والرغبة في القتل والقدرة على الخداع وما شابهها النجاح؛ لا يحتاج المرء إلى مخيَّلة استثنائية هنا. قد يكون ردُّ المساواتيين, على كلِّ هذه الأمثلة, أن علينا تغيير التنظيم الاجتماعي بحيث لا تؤدِّي مثل هذه الخصال إلى النجاح. ربَّما يجادلون أيضاً بأنه في مجتمع أرقى سيُنظر إلى الخصال المؤدية إلى النجاح الآن على أنها مرضيَّة, وأن الإقناع الهادئ سيكون الوسيلة المثلى لمساعدة الناس على التخلُّص من هذه الأمراض ). الصفحة (56).

4-       ( شرح لينين أن إخضاع العمَّال ( لسلطة الفرد ) هو ( النظام الذي يضمن أكثر من أيِّ نظام آخر الاستفادة من المصادر البشرية ). الصفحة (114).

5-       ( لقد جرى التدمير المنهجي لليابان, الأعزل عملياً, وكأننا نتصرَّف وفقاً لما يمليه الصواب الأخلاقي, ولم يتمَّ في حينه, ولا إلى يومنا, الطعن في هذا, حتى من بعيد. في الواقع, قام وزير الحرب آنذاك, هنري ستيمسون, بالتصريح بأنه لا بدَّ من وجود خلل ما في أمَّةٍ في وسعها الاستماع برباطة جأش إلى أخبار القصف المروِّع للمدن اليابانية ). الصفحة (120).

6-       ( اعتُمدت أفكار مشابهةٌ عندما ارتكب المكتشفون الإسبان ما دعاه تزفيتان تودوروف (أوسع إبادةٍ في تاريخ البشرية ) بعد " اكتشاف أمريكا " قبل 500 عام. لقد برَّروا أفعال الإرهاب والقمع التي أقدموا عليها بدعوى أن السكَّان الأصليين ليسوا ( بأقدر على إدارة شؤونهم الذاتية من المجانين, أو حتى من الحيوانات والوحوش البرية, ملاحظين أن طعامهم ليس أكثر استساغةً بل نادراً ما يكون أفضل من طعام تلك الضواري ), كما أن غبائهم ( يفوق بكثير غباء أطفال المجانين في البلدان الأخرى ). لذا كان التدخُّل مشروعاً ( كي يضطلعوا بحقِّ الوصاية ), يعلّق تودوروف, ملخِّصاً الفكرة الأساسية لهذه الإبادة.

تبنَّى الإنجليز المتوحِّشون الموقف ذاته, بشكل طبيعي, عند تولِّيهم لهذه المهمة بعد بضع سنوات, حيث قاموا بمحاولة ترويض الذئاب التي لها هيئة البشر, وذلك حسب وصف جورج واشنطن للكائنات التي تحول دون تقدُّم الحضارة والتي يتوجَّب التخلُّص منها لصالحها الخاص. كان المستعمرون الإنجليز قد طبَّقوا الأفكار نفسها على السلتيين " الجامحين ", على سبيل المثال, حيث فتك لورد كمبرلاند المعروف بـ " الجزَّار " بالمرتفعات الاسكتلندية, قبل أن يذهب إلى أمريكا الشمالية ليتابع تنفيذ مهامه.

بعد مئةٍ وخمسين عاماً, أنجز أحفادهم مهمَّة تطهير أمريكا الشمالية من هذا البلاء المحلِّي, مقلِّصين تعداد "المجانين " من نحو عشرة ملايين إلى ما يقارب مئتي ألفٍ وفقاً لآخر التقديرات, وبعدها حوَّلوا أنظارهم إلى مكان آخر, ليقوموا بمهمَّة تحضير وتهذيب الوحوش الضارية في الفلبين ). الصفحة (165).

7-       ( أمَّا على الساحة الداخلية, فقد صيغت المشكلة بوضوح من قبل المفكِّ السياسي للقرن السابع عشر ماركمونت نيدهام. فقد رأى أن اقتراحات الديمقراطيين الجذريين ستؤدِّي إلى ( وصول أشخاص جاهلين إلى السلطة, لا هم أهل علمٍ ولا ثروة ). وبناء على ما يتمتَّعون به من حرِّية, (سيقوم العامة المتعنِّتون بانتخاب " أكثر الناس وضاعة ", والذين سيعملون على " حلبِ أموال الأثرياء وخصيهم ", سالكين الدرب المؤدِّية لكلِّ أصناف الفجور والأذى, والبلبلة والفوضى الكاملة ). الصفحة (166).

{ قال تعالى: (( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) )). (سورة البقرة) آية (247). }.

8-       ( يصحُّ هذا خصوصاً على دول العالم الثالث. لطالما تخوَّفت النخب الغربية من أن تؤسِّس التنظيمات الشعبية لديمقراطية جادَّةٍ ولإصلاحٍ اجتماعيٍّ يؤدِّيان إلى تهديد مصالح أصحاب الامتيازات. ينبغي إذاً قمع أو سحق من يسعى إلى ( أن يُعْلِيَ من شأن الحشود الوضيعة ) و(يجمعهم في روابط واتحاداتٍ ) في مواجهة "نخبة الرجال " ). الصفحة (167-168).

9-        ( أمَّا الدور الثاني فهو " مهمَّة الشعب ", التي يجب أن تكون محدودة. يشير ليبمان إلى أنه ليس من شأن الشعب أن ( يدلي بدلوه بخصوص المزايا الجوهرية ) لقضية ما أو أن يقدِّم تحليلاً أو يطرح حلولاً, بل حسبه أحياناً أن يضع ( قواه تحت تصرُّف ) إحدى مجموعات (الرجال المتحلِّين بالمسؤولية ) من الطبقة الاختصاصية. ( لا يقوم " الشعب " بالتفكير, بالتحقُّق, بالابتكار, بالإقناع, بالمساومة, أو بالتسوية )؛ بل بالأحرى ( تقتصر مشاركة الناس حصراً في اصطفافهم كأنصارٍ لمن يشغل منصباً تنفيذياً يخوِّله التصرُّف ), بعد أن يمعن النظر في القضية المطروحة بشكل رزين ونزيه. ( ينبغي رسم حدودٍ للشعب ) حتى ننعم ( بحياةٍ لا يعكِّر صفوها حوافر قطيع هائجٍ ولا هديره ). للقطيع (وظيفة يقوم بها ): أن يكون ( المتفرِّج المهتم بالأحداث )؛ وليس المشارك في صنعها؛ فذاك واجب ( الرجال المتحلِّين بالمسؤولية ). الصفحة (179).

10-  ( كتب باستور: ( لم ترغب الولايات المتحدة في السيطرة على نيكاراغوا أو على أيِّ بلد آخر في المنطقة, لكنها لم ترغب كذلك في أن تخرج التطوُّرات عن السيطرة. لقد أرادت للنكاراغويين أن يتصرَّفوا باستقلالية, باستثناء الأوضاع التي تؤثِّر سلباً في المصالح الأمريكية ). باختصار, ينبغي أن تتمتَّع نيكاراغوا والبلدان الأخرى بالحرِّية – حرِّية أن يفعلوا ما نريده – ولهم أن يختاروا مسارهم باستقلاليةٍ طالما كان خيارهم منسجماً مع مصالحنا. أمَّا إذا ما استعملوا الحرِّية التي أسبغناها عليهم برعونة, فيحقُّ لنا بالتالي الردُّ من باب الدفاع عن النفس بطبيعة الحال ). الصفحة (182-183).

كتاب ( ( غريزة الحرية ) ( مقالات في الفلسفة والفوضوية والطبيعة البشرية ) ), تأليف: نعوم تشومسكي, ترجمة: د. عدي الزعبي, مؤيَّد نشَّار, الطبعة الأولى 2017, دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع, سوريا – دمشق.