هل يمنعك التوجه الفكري لكاتب أو مؤلف من قراءة كتابه أو مقاله؟

طرح في غاية الأهمّية يا خلود يذهب بنا إلى المزيد من التساؤلات حول ماهيّة الأدب واللاأدب بصفة عامة. في رأيي، أرى دائمًا أن الأمر يتمثّل في علاقتنا بالاستيعاب والبحث. فعمليات البحث هي المسار الوحيد الذي قد يذهب بنا إلى أراضٍ لا نرغب في أن تطأها أقدامنا. لكنّها في المقابل مهمّة إلى أبعد حدٍّ، لأنها تفرض علينا المزيد من التنوّع، بالإضافة إلى أن الانعزال الفكري عن الأفكار المضادة لنا يحبسنا في برجٍ عاجيٍّ لن ننزل منه ولو بعد مئة عام. وعليه، فإن التعرّض باستمرار أو من حينٍ إلى آخر لما يضاد أفكارنا يشحذها بشكلٍ ما ويصقل قدراتها على المقارنة والنقد. ناهيك عن استخلاص المزيد من الخلفيات البحثيّة.

تناقشنا معًا من قبل يا خلود في موضوع عن رأي محمد غنايم في الأنمي، واتفقنا أنه يستخدم شهرته في تنصيب نفسه كأخ كبير ويمرر أفكاره للمشاهدين دون فتلرة.

أرى أن ذلك نفس الأمر بالنسبة للكتاب مع اختلاف صعوبة تأثير الكاتب بالفعل ولكن بعض الكتاب كما ذكرتي يستخدمون الكتابة والأدب لتمرير أفكار وركوب موجة ما دون النظر للجدوى من ذلك ان أثره على الجمهور، شخصيًا لو تكرر الأمر معي ووجدت كاتب ما يحاول بكل الطرق الوصول لنقطة معينة باستخدام طرق ملتوية أو مغالطات منطقية وما أكثرها لتحقيق رغبته فقط أمتنع بالفعل عن القراءة له.

أما اذا كان رأيه مخالف لرأيي ولكنه يعرض رأيه بموضوعية ويناقش الرأي والرأي الآخر وينتصر لما يعتقده في النهاية فلا بأس.

وهوما الكُتاب الهواة والكتاب المخترفين المتخصصين، ظهر نوع الكتاب التسويقيين او الكتاب الربحيين

حدث ذلك بشكل ضخم في الآونة الأخيرة وذلك بإستغلال الكثير من الأشخاص المؤثرين على مواقع التواصل الإجتماعي "البلوجرز" لا يعلمون حتى أساسيات الكتابة ويبدأون بالسرد بالعامية وقصص غير ملهمة بالمرة ويبثون الأفكار الخطأ في عقول الأطفال أو الشباب الغير ناضج لذلك ارى أن هنالك مسئولية كبيرة لتقييد ذلك عن طريق فرض رقابة كبيرة لأن الموضوع أكبر بكثير من مجرد قصة وعمل تصميم لغلاف الكتاب.

كيف تختار من تقرأ ؟

بالطبع يعود ذلك لإهتماماتي في هذه الآونة لأننا كبشر يختلف شغفنا بمرور الوقت لذلك عندما أكون مهتمًا بموضوع معين وأجد نفسي مولعًا بالإنخراط بداخله حينها ابدأ بالبحث عن كتاب يشمل هذا المحتوى وابدأ بالقراءة، أحيانًا يكون الأمر متعلق أكثر بالحالة المزاجية والهدف منها فمن الممكن أن يكون بغرض المتعة فأتجه أكثر للروايات الرومانسية منها على سبيل المثال. وفي رأيي التنوع بين الأساليب الأدبية هو أحد أهم المعايير حتى لا نمل من القراءة أبدًا. ومن المؤكد أن تكون توصيات الآخرين أولوية للبحث أيضًا وخصوصُا من نثق بهم وبمدى ثقافتهم وتسوع آفاقهم لذلك بشكل عام، يجب أن تتذوق كافة الأنواع الأدبية ونختار منها ما يناسبك ويثير اهتمامنا.

هل يمنعك التوجه الفكري لكاتب أو مؤلف من قراءة كتابه أو مقاله؟

أعتقد أن ذلك نسبي بعض الشئ لأن التوجه الفكري لكاتب لا يمثل موضع أهمية بالنسبة لي لأن لكل منا اعتقاداته الشخصية ولكن أبتعد عن مؤلفاته حينما يكون توجهه هو الموضوع الذي يتمحور الكتاب حوله لأن ذلك يؤثر على طريقة تقديم المحتوى، المواقف التحليل، وجهات النظر ودس الحقائق ولابد من الإبتعاد عن المؤلفات الخاصة به أنذاك لأن هذا سيؤثر بكل تأكيد على حكمك ولكن يجب عدم إغفال بعض الكتب أو المقالات بسبب التوجه الفكري لصاحبها طالما أنها بعيدة كل البعد عن ذلك لأنه من الممكن أن تعكس أفكار وآراء جديدة.

يمكن للتوجه الفكري للكاتب أو المؤلف أن يؤثر على قرار قراءتك لكتابه أو مقاله، ولكن من المهم عدم الإغفال عن باقي العوامل الأخرى المتعلقة بالمحتوى والجودة والمصداقية. يمكن أن يكون لديك مصادر موثوقة أو أصدقاء قرروا قراءة الكتاب واستمتعوا به، وبالتالي يمكن أن يكون الكتاب مفيداً بغض النظر عن التوجه الفكري للكاتب. لذلك، ينبغي أن يكون قرار قراءتك مبني على معايير عالية من الجودة والصدق والفائدة، بدلاً من الاعتماد فقط على التوجه الفكري للكاتب.

اولا يجب أن انطلق من أن كل شيء قرأته سوف يؤثر على نفسيتي بطريقة مباشرة او غير مباشرة، يجب أن يكون لدي استعداد كي اقرأ كل شيء، لكن في المقابل لن اقتنع بكل شيء اقرأه، لا بأس أن أطلع على بعض افكار الآخرين وتوجهاتهم، لكن طبعا سآخد ما يفيدني واترك غير ذلك، لأن الاطلاع على افكار الآخرين قد يوسع مداركي، حتى ولو كانت هذه الأفكار تختلف عني وعن مبادئي، لأنني سآخد المفيد منها، واتخلص من المرجعيات التي قد تزيحني عن المنحى الذي اتبعه في الحياة.

التوجه الفكري منعني من قراءة الكتب، كنت في المكتبة العامة لنشاط ثقافي، في نفس الوقت أردت أن أستغل مجيئي وأستعير بعض الكتب الجديدة، فقرأت الورقة الأولى من الكتاب الأول فأرهقتني، قرأت الورقة الثانية فتذمرت وزدت مللاً، فلم أقرأ بعدها الكتب الجديدة، وما زلت أقرأ تلك الكتب العتيقة التي يعنقها الغبار في رفوف المكتب، كل عبارة فيه تُسحرني و أجد أثرها في حياتي؟

كيف هذا ونحن نستغل أوقاتنا بقراءة الكتب؟ لماذا أصبحتُ أقرأ ملخصات وليس كتب؟

نعم وأنا هكذا، أصبحت معظم الكتب تحمل في طياتها ورقاً كثيراً وبإمكان الكاتب أن يحدثنا عنها في ورقة واحدة، لماذا الكتاب يحمل فكرة واحدة؟

إجابة على الطرح أعلاه ، يكمن في عملية الإنتقاء و الاستناد على المعايير و الخلفيات الفكرية للكتب .

فعن نفسي فأنا أحدد أولا النوع الأدبي المراد قرأته ، وذلك عبر عملية إنتقائية أولية بناء على ميلي الآدبي ، ففي غالب الآحيان أقرأ كتب تاريخية و ثقافية و دينية و أحيانا فلسفية ، وأبتعد كل البعد عن الكتب التي تحت إطار التنمية البشرية .

لأنتقل بعدها في تحديد معايير الكتاب الذي سأقرأه ، بالبحث في خلفيته و خلفية كاتبه ، و لا أمانع بتاتا في أن تكون أفكار الكتاب مناقضة لأفكاري ، فهذا أرجحه في باب الاختلاف الفكري ، فكل شخص مستقل بأفكاره ، ةقد يكون هذا الإختلاف هو من باب صقل مهارة النقد و توسيع نطاق التفكير بدل تضييقه !