سئل الامام أحمد بن حنبل :
كيف السبيل الى السلامة من الناس ؟
فقال : تعطيهم و لا تأخذ منهم , و يؤذونك و لا تؤذهم , و تقضي مصالحهم و لا تكلفهم بقضاء مصالحك .
قيل له : انها صعبة يا امام
قال : و ليتك تسلم
هكذا أصبحت الحياة يا صاحبي صعبة الى درجة اننا لم نعد نبحث عند الناس عن خدمة أو مصلحة بل السلامة منهم فقط . أعلم يقينا أنك لا تمر بأفضل لحظاتك تعاني صامتا , تتألم في فراشك و لا تجد أحدا يواسيك أو يئنسك .. أنت الذي لم تنم الليلة حتى تطمئن على جميع أحبابك , أنت الذي كنت تتخلى عن سعادتك حتى تتقاسم الهم و الحزن معهم .. أتذكر جيدا عندما حدثتني عن جبر الخواطر قائلا : “لا تيأس إذا تعثرت أقدامك، وسقطت في حفرة واسعة.. فسوف تخرج منها وأنت أكثر تماسكا وقوة .. والله مع الصابرين”
يقولون أن فاقد الشيء لايعطيه . صحيح ؟ اسمح لي بأن أنفي هذه العبارة فهي خاطئة تماما .. فاقد الشيء هو الأكثر عطاء له ! و اسمح لي أيضا بأن أتخذ من حالتك برهانا على ما قلت , فحين أخبرتني عن ألمك و حزنك الذي جعلك تستلقي على فراشك باكيا , لا تجد أحدا تفرغ له ما في قلبك و لا من يذهب عنك ضيق الحال واجهت الأمر وحدك و كم كان ذلك قاسيا و من لطفك و حسن خلقك يا صاحبي لم ترد ان يذوق غيرك مرارة الموقف فكنت حين ترى احدهم يعاني و يتألم تقسو على نفسك و تجبرها على المواساة و الأنس … تلك النفس التي لم تستطع اخماد النيران داخلها ها أنت تقحمها في معارك لا ناقة لها فيها و لا جمل تزيدها ألما على آلامها و لكن لا بأس يا صديقي أخبرها بأن تهدئ ففوقنا رب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة الا أحصاها فلعل هكذا مواقف هي التي ستجعلك تنال رضا الرحمان و تكون من أهل جنته
هكذا هي الحياة لا تفهم مغزاها الا بمرور الوقت , لا تتخذ مسارا معينا . كلها تقلبات .. لا تدري أية صفة تناسبها حتى تختارها لها سوى أنها فانية و ما من أحد سيخلد فيها لذا دعونا نعيش هذه الدنيا بحب و أن نعيشها بكل تفاصيلها بحلوها و مرها بجمالها و تعاستها بحالها الذي لا يدوم … بتلك البدايات التي لا نتوقعها و بتلك النهايات المتقلبة الأحاسيس
و اعلم يقينا أنك ان عانيت و تألمت فما هو الا امتحان من عند خالقنا و أنه اختارك بعناية ربانية لخوض غمار تلك المعركة لأنه يعلم ما فيك من قوة و أنك قادر على تجاوزها بأي حال من الأحوال و ردد دائما “ ما أراد الله أمرا الا لخير”
أظن أن هذا يكفي لجلسة اليوم سأودعكم و ليس بخاطري أن أفعل و لكن سأقول الى اللقاء يا أصدقائي لأنني ذاهب من هنا و في خاطري رجعة الى هذا المكان لذا سأكون متفائلا و متأملا
الى لقاء آخر ان شاء الله مولانا
السلام عليكم
التعليقات