سبق لي قبل ذلك ودار النقاش بيني وبين بعض الأصدقاء حول شخص كان بسيطاً وأنعم الله عليه بالغنى وترك القرية وسافر، معظم من أبدوا رأيهم في هذا الشخص كانت وجهات نظرهم (سلبية) أي تنتقد هذا الرجل وبشدة، ليس لخطأ فعله أو جريرة، ولا حتى لصفة فيه تلازمه ويلحظها الناس، فالكل يشهد له بحسن التربية والخُلق، ولكن ما أثار ريبتي أن كل من أبدى رأيه بطريقة سلبية في هذا الرجل كانت نظرته غير منطقية بالنسبة لي.

فالبعض انتقد بخله، والبعض انتقد حياة الأغنياء المليئة بالتعب والقلق، والبعض وضع نفسه مكان الشخص وقال، لو أنا مكانه لفعلت كذا وكذا و لأنقذت القرية من كذا، وكذلك هناك من استكثر عليه النعمة تحت ذريعة أنه لا يستحقها ووصل إليها بالحظ!

بخصوص هذا الموقف، هناك صفة لصيقة بشريحة كبرى من الناس، وهي صفة (كره الخير فيك) فليس كل من يكرهك، يكرهك لسبب سئ، ربما سبب كرهه لك هو تفوقك في مجال ما أو نجاحك، ومن الخطير أنك لا تعرف ما إذا كان الشخص الذي يكيل لك الثناء والمدح يحبك أم يكرهك، فقد يكون محب لك في العلن كارهاً لك في السر !

سبب ذلك الشعور من وجهة نظري، أن نجاحك يذكره بفشله أو كسله أو تعرقله المستمر، ويجعله يبغض نجاحك الذي (يُقلِّب عليه المواجع).

فلو ذهبت مثلاً واحتفلت بحصولك على الدكتوراه، ستجد من يزعجه ذلك، لأنك بطريقة ما تذكره بإخفاقه،وقد لا يظهر لك هذا الإزعاج.

في كتابه (أنا) يتحدث العقَّاد عن تلك الحالة فيقول:

"لقد علّمتني تجاربُ الحياة أن الناس تغيظُهم المزايا التي ننفرِدُ بهِا و لا تغيظهم النقائِص التي تعيبُنا. و أنهم يكرهون منك ما يصغّرهم لا ما يُصغِّرك. و قد يُرضيهم النقص الذي فيك لأنّهُ يُكبِّرهُم في رأي أنفسِهم. و لكنّهم يسخطون على مزايَاكَ لأنّها تصُغرهم أو تغطّي على مزاياهم.

فبعضُ الذّمِ في هذا خيرٌ من بعض الثناءِ. لا بل الذمُ من هذا القبيل أخلصُ من كلّ الثناء لأنّ الثناء قد يُخالطه الرياء. أمّا هذا الذم فهو ثناءٌ يقتحِم الرياءَ"

إنها لفكرة صعبة، أن تعرف أن هناك من يكرهك ليس لأنك سئ بل لسبب من المفترض أن يكون سبب حب وتشجيع لا كره وحقد. وإن طريقتي إذا واجهت أحداً وعلمت من طريقة كلامه أنه يحتقر نجاحاتي أو يكره شئ أنجزته، لا أرد عليه وأتجاهله، هذا لأنني أشفق على من يقعون في هذا الخطأ.

ماذا عنك صديقي القارئ: كيف تتعامل مع من يحتقر نجاحاتك أو تلاحظ أن ما تحققه من إنجازات يجعله حاقداً عليك؟