من أحدث ما اتطلعت عليه من روايات أدب الجريمة، رواية "فارس الحقوق" للكاتب عمر والي.

وأنقل إليكم مقطعا منها:

قاطع ثلاثة شباب حديث فارس وعمرو، وذلك عندما جاؤوا ورأوا ما حدث وأخذوا في الصراخ صائحين باسم مدحت-صديقهم- وهمّوا أيضًا بالاقتراب من جثة صديقهم، ولكنَّ فارسًا كان له رأي آخر، فقد طلب منهم عدم الاقتراب، أو فعل أي شيء إلى أن تصل الشرطة، حتى لا يفعلوا شيئًا يعيق مسار التحقيق.

 وها هي نصف ساعة قد مرت، ومع مرورها وصلت سيارة الشرطة، والتي قد نزل منها بعض أفراد الشرطة، وكان يترأسهم شخصٌ طويل القامة، أنيق الثياب، تبدو على ملامحه الحدة.. أمسك ذلك الشخص بنظارته السوداء التي كانت تحجب عنه ضوء الشمس، فنزعها وقال بصوت غليظ مرتفع: “مين أول واحد اكتشف الجثة؟”.. أجاب شادي متسائلًا: “جثة؟ سعادتك عرفت إزاي أنه مات خلاص من غير ما تقرب منه؟!”.. ابتسم ذلك الشخص ابتسامة سخرية في وجه شادي، ثم تكلّم باستهزاء وقال: “بقالنا نص ساعة مستلمين بلاغ إنه في جريمة قتل في جامعة القاهرة، واللي بلَّغ قال أن الشخص مقتول، ومنظر الدم اللي في كل مكان ده، والسكينة اللي غرزت في بطن الغلبان اللي على الأرض ده.. كل ده وبتسألني عرفت إزاي أنه مات؟! أظن مش محتاجة ذكاء يعني.. المهم، مين فيكم اللي اكتشف الجثة أول واحد؟”.. هنا تدخَّل فارس، حيث أشار بأصبعه نحو الفتاة صاحبة الصرخة، وأخذ يقول: “البنت دي هي أول واحدة شافت الجثة وإحنا أصلًا جينا على صوتها”.. أومأ الضابط برأسه إيجابًا، ثم صمت قليلًا، ثم أردف يقول: “عمومًا أنا الرائد سليمان إبراهيم، مباحث، أتمنى من الكل أنه يبعد شوية خلونا نشوف شغلنا”.. ثم سار نحو الفتاة التي أشار إليها فارس وقال: “أنت يا بنتي، اسمك وسنك وعنوانك، وإيه علاقتك بالضحية؟”.

 ارتبكت الفتاة من اقتراب الضابط منها وبدت على ملامحها الربكة، إلّا أنَّ الضابط طلب منها أن تهدأ، وأنّ الأمر طبيعي، وأنَّ عليها أن تتجاوب معه وتساعده على مسير التحقيق.. التقتت الفتاة بعض الأنفاس، ثم ختمتها بشهيق طويل، قامت بكتمه لحظات، ثم أخرجته وقالت: “أنا سمر سعيد، عندي ١٩ سنة، أنا في سنة أولى تجارة، معرفش الضحية ولا عمري شفته قبل كده، دي كانت أول مرة أشوفه فيها”.

– طيب احكِ لنا يا سمر كده بالضبط اللي حصل.

– أنا كان مفروض فيه ميعاد بيني وبين مازن صاحبي هنا، ففضلت مستنياه كتير، ولمّا تأخر اتصلت بيه وسألته هو فين، قال لي إنه حصل له كام حاجة كده منعته إنه ييجي النهاردة، فده ضايقني، وكنت راجعة وأنا قرفانة رايحة أحضر المحاضرة الأخيرة اللي عليا النهاردة، ففجأة لقيت المنظر ده، واحد غرقان في دمه، والسكينة في بطنه.. فمن الخضة وقعت على الأرض وفضلت أصرَّخ لحد ما الناس جت”..

أومأ الرائد برأسه، ثم صمت قليلًا وكأنه يفكر في شيءٍ ما، ثم تحدث مرة أخرى: “ها.. وإيه اللي حصل بعد كده؟”.

 فأعادت الفتاة الإشارة التي قد أشارها إليها فارس، إليه مرة أخرى، حيث قالت: “جه الولد ده، وفضل يلمس في الجثة، وبعد كده قال لنا إنه مات خلاص، وبعدين طلب من حد من اللي واقفين إنه يتصل بالشرطة، وفضل يبعد أي حد من إنه يقرب من الجثة لحد ما أنتم جيتم”.

فأي أنواع الأدب تفضل؟ وما رأيك في الكتابات العربية في أدب الجريمة؟؟