يقول الفيلسوف السويسري جان جاك روسو: "إن الطبيعة جعلت الإنسان خيّراً لكن المجتمع ردّه شرّيراً، إن الطبيعة جعلت الإنسان حرّاً لكن المجتمع ردّه عبداً، إنّ الطبيعة جعلت الإنسان سعيداً لكنّ المجتمع ردّه يائساً."

أعتقد أن نجيب محفوظ في روايته اللص والكلاب يجسد قول روسو بحذافيره كما جسده من قبل وليام شكسبير في هاملت، فشخصية سعيد طرأ عليها تغييرات عديدة كان المجتمع دائماً العنصر الرئيسي فيها، لا أقول هنا أنه كان بالبداية فرد صالح بما أنه كان لصاً، ولكن تم تضليله من قبل معلمه رؤوف الذي رسخ بعقله مبادئ الاشتراكية وأن السرقة ممن يسرق تعد وسيلة لإحقاق الحق برجوعه للفقراء من الشعب كما فعل قبله روبن هود... وعملاً بقول ألبير كامو بأن العالم لا يهتم باحتياجاتنا الأساسية، اشتعلت بداخل سعيد شرارة الثورة والتمرد على الفروق الطبقية والانتهازية التي بددت كل آماله وأحلامه بالعيش الكريم، وككل متمرد كان مصيره السجن. 

جت الحزينة تفرح ملقتلهاش مطرح... 

أكمل المجتمع سلسلة رفضه لسعيد بعد خروجه من السجن، فوجد أنه خسر كل شيء زوجته وابنته وصديقه ومعلمه، وبما أن كل إنسان له طاقة تحمل فقد نفذ صبر سعيد انتظاراً لانصاف الكون له ولأبناء شعبه، فالخيانة لم تكن له وحده ولكنها كانت تطول أناس آخرين ظلموا بسبب الفساد والمصالح الشخصية التي سادت في الأجواء، ولكنه في طريقه لنصرة قضيته تورط فيها أفراد أبرياء خسروا أرواحهم فداءً للخائنين فخسر قضيته بالنهاية.

وهذا هو المتوقع حدوثه عندما تسلك طريق لا يناسبك، فسعيد اللص يعد بريء مقارنة مع أفعال الإنتقام التي قام بها، لا زال بداخله بعض النقاء ولا زال يصارع رغباته الشيطانية لذلك كان يتردد قبل أي عمل تمردي يقوم به، وكما كان الصراع الداخلي لهاملت يمنعه من تنفيذ ما يأمره به شيطانه وبما أن صراعهما لم ينتهي فكان نهايتهما الموت. 

المجتمع ذاته الذي يقف داعماً للعلماء والخبراء يقمع آخرون ممن هم أقل حظاً، فالمجرم لا يولد مجرماً...

ما الأسباب برأيكم وراء هذه التفرقة؟ 

وماذا ممكن أن تكون ردة فعلك إن شعرت بالرفض المجتمعي؟