اعتقد أن نسبة لا بأس بها لا تميل إلى قراءة الروايات، لكن في حقيقة الأمر أرى أن رواية "أرض زيكولا" للكاتب المصري عمرو عبد الحميد رواية مذهلة غير الروايات التي قرأتها، كيف ليست مذهلة؟! وهي التي حققت نجاحا منقطع النظير. الرواية صدرت في نسختين الأولى في 2010 والثانية في 2015.
يبدو أنّ الكاتب عمر عبد الحميد استطاع أن يجمع بين الواقعي والمتخيل في نسجه لخيوط هذه الرواية، حيث أدار أحداثها في قرية، وهي إحدى القرى التابعة لمركز أجا في محافظة الدقهلية في دولة مصر العربية. ما قربها إلى قلوب القراء العرب والمصريين على وجه الخصوص.
بطل الرواية هو خالد تجرأ على دخول سرداب في قريته يسمى سرداب فوريك، ليجد نفسه في أرض لا تتعامل بالمال كسائر البشر، ولكن بوحدات الذكاء فأي عمل تقوم به في تلك الأرض تتلقى مقابله نسبة من الذكاء، وبالتالي فالفقير عندنا يختلف كثيرًا عن الفقير في أرض زيكولا، إن الفقير في تلك الأرض هو الأقل ذكاء بين القوم، وهي جريمة لا تغتفر، عقوبتها هي الموت.
الرواية تدور حول فكرة الذكاء ذلك أن قوانين أرض زيكولا تؤكد على أن التعامل بين الأشخاص يتم بوحدات الذكاء التي يمتلكها كل إنسان في عقله، وليس بوحدات المال. أي أن الذكاء هو العملة المعمول بها في تلك الأرض، ولا يهم إن كان الشخص قد ورثها أو اكتسبها من العمل، أو اثناء إسداء معروف ما لأحدهم، كما هو الحال مع خالد والطبيبة أسيل، إلا أنه لا يتم استلام الوحدات يدويًا بل يتم دفع قيمتها ببضاعة ما لمجرد قبول السعر، فتنتقل الوحدات مباشرة من المشتري للبائع .
ويتم التمييز بين الغني والفقير في هذه الأرض عن طريق مظهره. فإن كان ذكيًا حيويًا نَظِرَ الوجه فهو غني، وإن كان قليل الفطنة شاحب الوجه فهو فقير، وعليه العمل بجد حتى يجني المزيد من عملات الذكاء، ربما هناك من سيعارض هذا التفكير.
في نهاية السنة يتم ذبح أفقر الناس في القرية في يوم الزيكولا أي الأقلهم ذكاء. حيث يتم جمع أفقر الناس في القرية و اختيار ثلاثة من أشدهم فقرا. ويتم التعرف عليهم من قبل الأطباء، وبعد ذلك يتم إخضاعهم للعبة تسمى بلعبة الزيكولا، وبناء على النتائج المحصل عليها من تلك اللعبة، يحدد أفقر شخص في أرض زيكولا فيذبح بمناسبة الزيكولا.
مع العلم أنه لا يمكن لأي شخص مغادرة تلك الأرض إلا عندما تفتح الأبواب في رأس السنة الذي يصادف يوم الزيكولا أي بعد أن يخضع لاختبار الذكاء.
لكن الذي يهمنا في هذا المقام هو تقديس الذكاء، وهو العملة النادرة التي تحتاجها الإنسانية اليوم لتجاوز مشاكلها، وخصوصا الأمة العربية فلو توفرت لنا هذه العملة لواكبنا ركب الحضارة العالمية وحققنا التقدم الذي حققه غيرنا...
ما أفكر به الآن إلى أي حد ترى أن الذكاء قادر على حل مشاكلنا الشخصية والاجتماعية؟
التعليقات