إن أقصى درجات الظلم هو جعل الضحية جاني، وخاصة إذا كان الجاني الحقيقي من المفترض أن يكون هو مصدر الأمان لها.

تجرأت الكاتبة " توني ماغواير " في روايتها " لاتخبري ماما " التي تحكي فيها تجربتها مع والدها منذ بدأ بإغتصابها عندما كانت في السادسة من عمرها، لينتهي الأمر بحملها منه في عمر الرابعة عشر .

ان القسوة ليست في هذه الثمان سنوات فقط، بل إن القسوة الأكبر كانت في رد فعل أمها التي أصبحت مثل أبيها لا يهمها إلا أن لا تخبر هذه الطفلة أحد .

فجأة أصبح المجتمع كله ضدها لأنها فقط تجرأت وتحدثت عن أبيها المجرم، لم يقف بجوارها سوى القاضي لتنتهي هذه المأساة بسجن أبيها ومعالجتها نفسيًا .

ذكرتني هذه الرواية بالعديد من اعتداءات الأباء للأبناء، ولكنها ليست جنسية، بل فكرية، وحقوقية، وجسدية، بمعنى أوضح كم من أب تسبب في تدمير حياة ابنه او ابنته، ولم تأتي الفرصة للضحية ان تأتي بحقها لأنه وبكل بساطة أب !

أنا لا أدعو إلى التطاول على الأباء، ولكن ما أتحدث عنه هو رفض المجتمع لثقافة ان الابن يتحدث او يعترض عن أي فعل لأبيه ولو كان خاطئًا، حتى ثقافة المناقشة مع الأباء لا وجود لها، لأنه بكل بساطة أب !

إن تلك القضية واحدة من عشرات القضية التي علمنا بها، وهناك الآلاف من القضايا التي مات أصحابها في صمت مقهورين لم يجدوا من يساندهم في نيل حقوقهم .

ليس كل من أنجب هو أب، فالأبوة معاني كثيرة وليست وظيفة حيوية، وليس الأبناء عبيد عند آبائهم ليفعلوا فيهم ما يشاؤون !