الموت هو الحقيقة المطلقة في الحياة، كالظل الذي لا يفارقنا مهما حاولنا الهروب. كيف للبشر أن يعيشوا هذه التجربة مرارًا وتكرارًا كل يوم، كأنهم يسيرون على حبل رفيع بين الحياة والمجهول؟ كيف لنا أن نتقبل أن لنا نهاية حتمية في يوم ما؟ تبحر سفينة الموت في بحر الدنيا الواسع، ولا بد أن تصل إلى الشاطئ المحتوم يومًا ما. وإن سألت عن الموعد أو السبب، لن تجد إجابة تقنعك.

يولد كل يوم آلاف البشر في هذا العالم، كزهور تتفتح، بينما يموت كل يوم آلاف آخرون، كأوراق تتساقط. يعزي البعض اللحظات السعيدة بولادة إنسان جديد، بينما يحزن البعض الآخر لرحيل إنسان آخر عن هذه الدنيا. ما هذا التناقض الغريب؟ ولماذا تجبرنا الحياة على عيش هذا التناقض يومًا بعد يوم؟ تارة نغرق في سعادة غامرة، وتارة نسقط في بحر الحزن العميق.

في الحقيقة، لا أعلم لماذا يفرح الناس ويحتفلون بأعياد ميلادهم، حتى أصبح هذا الاحتفال تقليدًا عالميًا متجذرًا. قد يزداد قرب الإنسان من الموت مع مرور الزمن، وعلى ما أعتقد، من المفترض أن يحتفل الإنسان عندما يكون صغير السن، لا عندما يكبر ويقترب من النهاية.

عندما أتأمل هذه الأحداث، أكتشف أن الحياة في منتهى العبث وفي منتهى السطحية، كلوحة رسمها طفل ببراءة لا يفهم مغزاها. حين أبحث عن المعنى، يتجلّى لي الوجود في كل مرة كضوء خافت في ظلام دامس. السؤال عن الموت لا يفارقني، كظل يتبعني في كل خطوة. هذا السؤال يطاردني حقًا، وتسلل الأسئلة السوداوية والفلسفية إلى عقلي مثل الرياح الغاضبة التي تهب على الأرض بلا توقف، ولا تقف إلا بعد أن تتسبب في دمار شامل. هذا ما يحدث في أعماق روحي حينما تطرق هذه الأسئلة أبوابها.

خواطري تتمثل في هذه الأسئلة: ماذا لو متنا جميعًا ولم نجد شيئًا؟ لم نجد ثوابًا ولا عقابًا كما يروي لنا الدين، بل وجدنا العدم الصامت. وماذا لو متنا ووجدنا عالمًا آخر، مختلفًا عما تصوره الناس؟ لماذا كل هذا أصلاً؟ لماذا الحياة والموت؟ لماذا الشيء وعكسه؟