كلنا نعرف أن ايمانويل كانط قد غير الفكر الإنساني بمجرد طرحه لأسئلته الثلاث الكبرى: مالذي يمكنني أن أعرفه؟ ومالذي يجب أن أفعله؟ ومالذي يحق لي أن آمله؟ وهي الأسئلة التي سمحلت للابستميولوجيا الإنسانية بتفجير كل طاقاتها الإبداعية في مجالات المعرفة والأخلاق، لكن مالا يعرفه البعض أن كانط نفسه قد وضعنا أيضا في معضلة أخرى من خلال ربط الوجود الإنساني كلية بالأخلاق ثم جعل الأخلاق قانوناً!! فكيف استطاع كانط تحويل الأخلاق النسبية إلى قوانين مطلقة لا جدال فيها؟؟؟
أحدى أهم القوانين عند كانط تقول : تصرف وعش كما لو كان كل فعل من أفعالك سيصبح قانونا كونيا، وهي قاعدة ملائكية إلى أبعد الحدود تعاكس الطبيعة البشرية الوحشية الأنانية، وهو يعلم ذلك أيضا، لكن يصر على أن البشر بطبيعتهم أخيار لكنهم ضعفاء وجبناء، لذلك يجب أن تكون هناك قوة أعلى منهم تردعهم وتلزمهم بالتقيد بمبادئ محددة ، وهذا ما يسميه "الضرورة الإلزامية"، ضرورة التزام الفرد بالواجب الأخلاقي، بشكل غير مشروط في جميع الظروف، على ألا يتأثر هذا الالتزام بميول الأشخاص أو رغباتهم الخاصة، أي أنهم ملزمون ومقيدون وفي نفس الوقت أحرار! ذلك أن ما يحكمهم هو ضميرهم الأخلاقي، وما يجعلهم أحرارا هو إرادتهم الحرة في الاختيار.
هكذا يصبح الواجب والإلزام الأخلاقي قانوناً، ويجب على الجميع أن يفعلوا واجبهم احتراما لهذا القانون أولا واحترما لعقولهم ثانيا، ويقول ملاحظة جد مهمة، بأن الشخص الحر العاقل المتزن يفعل الواجب الأخلاقي من تلقاء نفسه لأنه حر وعاقل، وأن القانون وضع لمساعدة القطيع الذين لا يفعلون الواجب إلا بسبب الخوف من العاقب( العقاب الإلهي أو عقولة الدولة والمجتمع..الخ) لأنهم ليسوا أحرارا بل عبيد لمخاوفهم.
في رأيك هل فرض الأخلاق من خلال جعلها قانونا سوف يجعل الناس أكثر أخلاقية فعلا؟ وهل تؤمن أن الضمير هو بوصلة جيدة للحكم على الأخلاق دوما؟
التعليقات