هل تفكر في الزواج؟ ربما أنت/ أنتِ مرتبط/ مرتبطة فعلا، لكنك تخشى/ين من أن يكون وقوعك في الحب مجرد خطأ أخر ترتكب/ ينه، أو لعلك تسعى إلى علاقة حب ناجحة لكنك لا تعلم أين تجدها بالفعل، وعليك أن تختار بنفسك وتزج بها في غمار التجربة، أو أن تتجه إلى أمك أو أختك وتلقي عليها هذا العبء ، كم مرة فكرت أن عليكِ الارتباط برجل تقترحه عليكِ إحدى القريبات - زواج صالونات كما يقال- تجنبا للمخاطرة وإرهاق القرار والبحث والفشل؟ لكن لماذا مازلنا نهرب إلى هذا التفكير رغم أننا وصلنا إلى أكثر درجات الانفتاح العاطفي والسهولة في التواصل؟
لاحظ العديد من المفكرين أن العلاقة بين الرجل والمرأة عادة إلى تقليدها السابق في الزواج، وهو أن يوكل للأم أو العائلة والأقارب مهمة اختيار الشريك المثالي، بمواصفات محددة تضمن حياة مستقرة وسعيدة للطرفين، ورغم تناقص هذا التقليد ظاهريا، لدرجة أنه أصبح مكروها ومظهرا من مظاهر التخلف والرجعية، بسبب انتشار فكرة الحرية في الاختيار وتقبل الناس فكرة تجارب الحب، لكن في الحقيقة هذا التقليد لم ينته أصلا بل تم تطويره بطريقة ما ليتماشى مع روح العصر لا أكثر، يقول الفيسلوف السلوفيني سلافوي جيجك بأن الأمر نفسه يتكرر الآن لكن عن طريق وكلاء، وشركات تخصصت في تهيئة الفرصة لاختيار الشريك الملائم لتجنبك المغامرة والمخاطرة.
يقول جيجك في عبارة ساخرة أننا ستخدم عبارة " الوقوع في الحب" لكننا الآن نريد الحب من دون وقوع! الأمر شبيه بأن نحب القهوة دون كافيين، أو الشكولاطة بدون سكر، وهذا يجعل الحب مجرد سلوك جاف لا صحي، بل ويتم إقناعنا من قبل الخبراء ،أننا لا تحب لنتعلم ونعرف ونكتشف ونسعد بل نحب للمحافظة على سلامتنا وصحتنا، لما للعلاقة الحميمة من إيجابيات يتم تصويرها كما لو كانت تمريناً رياضياً أو وجبة خالية من السعرات الحرارية، بحيث تعيش المشاعر الغامرة دون أي مغامرة أو مخاطرة.
قبل أشهر كنت أطالع حساب أحد المؤثرين على اليوتوب وإذا به يطلق مشروعه الخاص في شكل موقع إلكتروني للتعارف والزواج، إسمه دكتور زواج، وهو موقع مدفوع يسمح بالتعرف بين الرجال والنساء بغرض الزواج، يدعي الموقع أنه سيوفر إختبارات نفسية لتحليل نسب التوافق بين الشركاء المحتملين، والكارثة أن التطبيق يلقى رواج كبير من رواد الأعمال والمغتربين والنشطاء، مع أنهم أكثر الفئات وعيا حسب المفترض، لكن مع ذلك مازال الجميع يقع تحت تأثير مدعي المعرفة والمسوقين الوهميين للسعادة الذين يكرسون الخوف من المخاطرة أكثر وأكثر.
في رأيك ماهي المسافة المعقولة بين المشاعر والمخاطرة؟ وما مدى صحية الحب دون مخاطرة؟ هل يمكنك الزواج وفق إرشادات حماية كهذه أم تفضل المغامرة والفشل؟
التعليقات