ماهية الاخلاق البيوطبية (البيوتيقا)

في الوقت الذي حدثت فيه الثورات العلمية التطويرية في مجال البيولوجيا والطب وما لازمه من تساؤلات ذات أبعاد أخلاقية ترتبط بشكل أو بآخر بطبيعة الوجود الانساني وضمان عدم إلحاق الأذى للإنسان من الإنسان ظهرت مشكلات ترتبت على تطبيقات علوم البيولوجيا والطب وكذلك ممارسات العلماء في تلك الحقول العلمية.

الأخلاق البيوطبية ليس المقصود بها أخلاق الطبيب أو عالم البيولوجيا بل المقصود بها أيضا اخلاقيات التطبيقات البيولوجية والطبية ذاتها والنظر في المشكلات التي ترتبت على هذه التطبيقات وهي كلها تدور حول حدود التدخل الإنساني في مواضيع شديدة الحساسية مثل (الانجاب الاصطناعي، نقل الاعضاء، القتل الرحيم،.....)

إن البیوطیقا كمصطلح ابتكرت من طرف طبیب الأورام السرطانیة الأمریكي"فان بوتر" في مقال له نشر عام 1970، ثم طوره إلى كتاب نشر في العام الموالي بعنوان: "البیوطیقا: جسر نحو المستقبل"

المصطلح جمع بین الأخلاق وھي علم معیاري مجالھا "ما یجب أن یكون" والبیولوجیا وھي علم وضعي ووصفي مجالھا "ما ھو كائن", بما یوحي مباشرة إلى أن القصد كان التشدید على ضبط وتقنین و أخلقة الأبحاث والممارسات والتقنیات البیوطبیة حتى لا تنعكس ضررا ووبالا على الإنسان والأحیاء والطبیعة. ونشیر إلى أن ذلك قد لقي معارضة شدیدة وحادة من لدن أنصار النزعة العلمیة الضیقة والذین یؤیدون الحریة المطلقة وھم رأوا في ذلك تقییدًا لحریة البحث والتفكیر والإبداع وعودة إلى القرون الوسطى

أما على مستوى المضمون الدلالي للمصطلح فإنه تعبير عن مخاوف عديدة ناتجة عن التطورات الجدیدة للتكنولوجیات الحیویة وكذا الأبحاث في الطب والھندسة الوراثیة، مخاوف سببھا إشكالات مصیریة جدیدة وصعبة لا تخص الباحثین في المیدان وحدھم بل تھم كذلك بشكل مباشر: الأطباء ورجال القانون والسلطات العمومیة والسیاسیون والمواطن والمجتمع بصفة عامة: إلى أي مدى یمكننا الذھاب مع تلك الأبحاث والتقنیات المتحكمة في الجسد البشري؟! وھل كل ما ھو ممكن تقنيا ومخبريا مُباح أخلاقياً وانسانيا؟!

وعلى هذا النحو يمكن التوصل الى أنه لا يمكن الوقوف على تعريف محدد للأخلاق البيوطبية وذلك لارتباطها بفروع عدة لمجالات شتى تمس حياة الإنسان وتعد محورا لوجوده البشري الآمن

اشكاليات البيوطيقا وتحديات الوجود اللآمن للانسان

ولعل الحديث هنا قد لا يتسع لمناقشة ارتباط كافة تلك المجالات في آن الواحد ولكن ممكن الممكن طرحها في شكل تساؤلات جدلية أرى أنها قد تكون مجال رحب للنقاش فمثلا:

هل التلقيح الاصطناعي خاصة في حالة وجود طرف ثالث متبرع بالمني قد يؤدي لمشكلة تتعلق بهوية الطفل ؟!!!! وهل له الحق للتعرف على والده البيولوجي؟!!! وهل كل المجتمعات تقبل بهذا النوع من التلقيح في ضوء علاقة ذلك بمسألة المشروع وغير المشروع أو الحلال والحرام خاصة بالمجتمعات الشرقية؟؟!!!! وكيف تعاملت تلك المجتمعات مع ذلك الأمر إذا ما واجهه المتزوجون حديثا ؟!!

بنوك الأجنة ، استئجار الارحام ،الاخصاب خارج الرحم، وغيرها من القضايا التي تطرح قضايا وتساؤلات شائكة تتعلق بوجود الانسان وهويته بل و عيشه في سلام نفسي داخلي وهل يؤثر ذلك على قبول الذاتا لموضوع مفتوح للمناقشة

وللحديث بقية إن شاء الله