من القواعد الجليلة التى طالما أرساها علماؤنا 

هى قاعدة 

  " لامشاحة فى الاصطلاح" 

 ومضمون هذه القاعدة ::

 كما يقولون أنه طالما أن الخلاف بينهم كعلماء هومجرد خلاف لفظى واصطلاحى أى لم يتعد اللفظ والمبنى إلى المضمون والمعنى فلا نعد ذلك خلافاً حقيقياً إنما هو مجرد خلاف ظاهرى فى الأسلوب وطريقة التعبير،،

والذى دعانى إلى ذكر تلك القاعدة هاهنا،،

 هو ما رأيناه ونراه من ذلك الكم الهائل من الاختلاف حول معنى الفلسفة ومضمونها وحكمها،،

فما بين صنف مانع محرم ، وآخر مبيح ومجوز بل ويري أنها ضرورية ولابدمنها ،

وثالث يرى أنها مجرد ترف فكرى وسفسطة ذهنية ولغو لفظي وتضييع للوقت ولا طائل من ورائها. 

و الذى أراه وأعتقده أن الخلاف بين هذه الأصناف 

لا يعدو أن يكون خلافاً لفظياً وأنهم متقاربون أكثر مما يعتقدون ،،

وذلك لأن الفلسفة فى جوهرها وحقيقتها و إن تعددت أشكالها و تنوعت ألوانها ما هى إلا خريطة كلية للوجود وتصور عقلى له ،،

وكما أن المسافر إلى أى مكان لابد أن يكون لديه خريطة ذهنية أو ورقية تعطى له تصور كلى عن الوجهة التى يريد الذهاب إليها وعن الطريق الذي يجب أن يسلكه له وعن المعوقات والأخطارالتى قد يلاقيها فى سفره ،، ولو فرضنا أن هذه الخريطة ضاعت من هذا المسافر لضل طريقة وهلك حتماً قبل أن يصل إلى بغيته ويدرك غايته،،

كذلك الفلسفة فى معناها وحقيقتها هى بمثابة تلك الخريطة الوجودية وذاك التصور،،

 هذه الخريطة تبين للإنسان مكانه في هذا الوجود وحاله وكذلك المصير الذى ينتهى إليه،،

 وإذا كنا سنأخذها بهذا المعنى::

 يكون الخلاف بين المؤيدين لها والمعارضين لها،،

 هو مجرد خلاف لفظى لأنه لا يتصور أن يخلو مؤيد لها أو معارض من تصورٍ ما لهذا الوجود صح ذلك التصور أم لم يصح ،،

 نعم قد لايسمي هذا التصور فلسفة وقد يسميه عقيدة أو مذهب أو منهج أو رؤية كونية أياًما يكن من خلاف فى المسميات والمصطلحات لكن يبقى المضمون ثابت والمعنى واحد ،،

 ويكون الخلاف الحقيقى ليس فى كون الفلسفة مباحة أو محرمة أو هل هى ضرورية أو ليست بضرورية ،،

وإنما:: 

 فى أى تصور من بين كل تلك التصورات هو الصحيح الحقيقى المطابق للواقع ونفس الأمر ،،

 وأى تلك الخرائط الوجودية هى التى إذا أخذ بها الإنسان وسار بمقتضاها لم يضل فى طريقه ورحلته الوجودية .

أحمد_محمد_الألفي