الإنسان بطبعه كائن اجتماعي،ينفعل بالأحداث ويتفاعل معها.وهو في حياته اليومية محتاج إلى من يؤنسه،ويشاركه بعض الأحاسيس.

ولذلك،تشابهت الشعوب في كثير من الخصائص والعادات الاجتماعية.فأصبحت النكتة لغة مشتركة بين العالمين. ولسنا نبحث في الأسباب من حيث علم الاجتماع البشري،و لا من حيث المدرك النفسي لهذه الأشياء.

وإنما نعرض لحقيقة المزاح ومدى احتياج الإنسان إلى الترويح عن نفسه في بعض الاوقات.حتى لجأ الأدباء في تخفيهم عن الرقيب إلى اجتراح رموز وعبارات غامضة وتوظيفها في خلق خطاب بديل عن السائر والمألوف.

لكن المزاح حده أن يكون بين الأقران،وهو ما نسميه نحن الموريتانيين "الأعصار"،و هي جمع عصر وعصر.فلا يصح من الصغير للكبير،إلا في حدود الأدب والحشمة.

ويجب أن يراعي المروءة والدين ،وأن يبتعد عن التجريح وذكر العيوب الخلقية،أو الظاهرة.

وهناك من الناس من يكثر من المزاح والمداعبة،ولا يراعي شعور الناس،وقد يشتد في نقده ،فيتحول فعله إلى عدوان،كأن يمازح شخصا او صديقا إمام الأغراب.

ولذلك نهى العلماء عن الإكثار من المزاح،وعدوه مما يذهب الهيبة ويزري بالعقلاء.

وفي التاريخ العربي ،نجد كثيرا

من القصص التي تتناول أطرافا من المزاح والمداعبة.وعادة ما يكون أصحابها من أهل البلاغة،الذين عرفوا بسرعة البديهة والقدرة على الجواب ،كما نجد عند الأعراب.وقد أورد كتاب المستطرف الكثير من هذه الحكايات.

ويرتبط المزاح في أذهان الناس بفضيلة الحلم؛إذ هناك من الناس من لا يتحمل التلميحات ،وربما سببت له انقباضا،لشدة حساسيته.ومنهم من لا يعيرها اهتماما،مثلما يؤثر عن الأحنف بن قيس،أو الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.فقد عرفا بين العرب بالحلم والأناة.

ولا يفوتنا أن بعض الناس ممن يكثر المزاح،كثيرا ما تجاوز ذلك إلى التدخل في شؤون الآخرين و نقد تصرفاتهم بأسلوب ساخر وملتو،وهو ما يراه علم النفس مرضا نفسيا،يواري صاحبه إحساسا بالنقص والدونية،يحاول تغطيته.

من هنا،أردت أن أعرف آراء أهل حسوب في هذا الموضوع.وحبذا لو حكى كل واحد منكم عن تجاربه في هذا الميدان.

لكننا نريد أن نتساءل:هل المزاح من ضرورات الاجتماع البشري،وهل له حد؟وهل المكثرون من المزاح مرضى حقا؟أم أن المتجنب للمزاح ضعيف الشخصية لا يستطيع مواجهة الآخرين.وما هي حدود المزاح من وجهة نظرك؟

سعيد بهذا النقاش.