كثيرًا ما أقرأ على المنتديات أو موقع ask أو غيرها رسائل لفتيات يرين أنهن لسن جميلات مقارنة بصديقاتهن أو قريباتهن ويتساءلن كيف يمكن التعايش مع هذه الحقيقة المرة (من وجهة نظرهن)، وأعتقد أن ما زاد من تفاقم هذا الشعور بالأسى عند الفتاة التي لا ترى نفسها جميلة هو زيادة الاهتمام في وقتنا الحاضر بالشكل والمظهر والرغبة المحمومة لدى الجميع أن تكون له صورًا مثالية بوجوه صافية خالية من العيوب، وقوام مثالي، ولقطات احترافية يضعونها على مواقع التواصل...(ولا أعلم إن كان الشباب يعانون من أمر مشابه) .. لذلك تصبح مشكلة مأساوية عند الفتاة التي لا ترى نفسها جميلة ويتضاعف لديها هذا الشعور يوما بعد يوم.
ولكن هل يمكن للفتاة أن تفكر بالأمر بشكل أكثر منطقية.. هل أنت بالفعل غير جميلة على الإطلاق... إذًا فكري معي:
هل تعلمين أن فكرة الجمال المطلق هي فكرة وهمية تمامًا... لا يوجد حتى أي معنى لمصطلح ملكة جمال العالم أو الكون!... هي فتاة تم اختيارها من بين عشرات أو مئات الفتيات ممن تقدمن بالفعل لهذه المسابقة.. هل خضعت كل فتيات الكون لهذه الاختبارات ونجم عن ذلك اختيار هذه أو تلك؟!
كثير من الفنانات جربن نشر صور لأنفسهن بدون أي تجميل، وإحداهن فنانة هندية جميلة جدًا وضعت لنفسها صورة بوجه خالٍ تمامًا من الماكياج .. فبدت شاحبة .. بشرتها غير نقية... والهالات السوداء أسفل عينيها.... وعلقت بأن هذه هي صورتها الفعلية، أما صورها الرائعة الأخرى فهي نتاج ساعات من العمل على شعرها ووجهها، ومصورين محترفين يختارون اللقطة المُثلى من بين عشرات اللقطات ثم ... فوتوشوب لمحو العيوب الطفيفة جدًا التي لم يخفيها الماكياج!.
هل تعلمين أن الإنسان يرى نفسه بصورة مختلفة تماما عن تلك التي يراه بها الآخرون؟.. هذه حقيقة علمية.. قرأت مقالا عن تجربة علمية أجريت بإحدى الجامعات الأمريكية على مجموعة من الناس، طُلِب منهم أن يقيموا صورهم الشخصية بناء على عدد من المعايير مثل: الإيحاء بالثقة - الجاذبية - الذكاء - ... ثم يضع كل واحد منهم تقييم لكل صورة من صوره بإعطاء الدرجة التي يراها لكل معيار، ثم تم إعطاء نفس الصور لأشخاص آخرين لتقييمها .. والمفاجأة أن الصور التي كان لها أفضلية عند أصحابها لم تكن هي الأفضل عند الآخرين، بل اختاروا الصور التي لم تعجب أصحابها!.... وعللت الدراسة ذلك بأن نظرتك لشكلك مبنية على صورتك الذهنية عن نفسك وعلى قناعات مسبقة لديك أما الغرباء فليست لديهم هذه القناعات فيرونك بعيون أخرى.
لستُ بحاجة لأن أخبرك أن الجمال نسبي، لأنه فعلًا كذلك! ...وتفضيلات البشر متغيرة أيضًا من عصر لآخر ومن بلد لآخر.. حضرت دورة تدريبية في عملي وكان معي فيها أشخاص من جنسيات مختلفة، إحداهم فتاة من ليبيريا بشرتها داكنة بشدة وممتلئة الجسم وشعرها مجعد جدا... هذه الفتاة قد لا يراها أحد جميلة، ولكن كان لها حضور لافت؛ فقد كانت شديدة الثقة بنفسها، بل وشديدة الإعجاب بشكلها.. لا تمل من التقاط الصور لنفسها وتغيير تسريحات شعرها .. سلوكها هذا جعلها جذابة بالفعل ... الكل كان يحب الحديث معها ... لأنها كانت لطيفة فعلا .. كانت ترى نفسها جميلة على الرغم من أن المجموعة كان بها فتيات جميلات بالمقاييس التقليدية .. ولكنها كانت جميلة بشكل غير تقليدي أبدًا.. جميلة بروحها وتقبلها لذاتها.
تقبلي نفسك .. حتى عيوبك هذا هو العامل الأساسي في رؤية الإنسان لنفسه بشكل إيجابي: كيف يتقبلك الناس إذا لم تتقبل أنت ذاتك؟ .. أحد الممثلين المشهورين كان لديه حول في عينيه... وفي حوار تليفزيوني معه سأله المذيع هل عانيت يومًا من هذا العيب أو ضايقتك نظرة الناس أو تعليقاتهم؟.. اجابه: لا أبدا... لأنني أحببت عيبي وتعايشت معه، ولدي قناعة أنه إذا أحببت عيبك وتقبلته فسيحبه الناس أيضا.
وعمليا الاهتمام بالصحة والمظهر وحسن اختيار الملابس وتناسقها يزيد من الجمال الذي وهبك الله إياه ... فأجمل الجميلات إن لم تكن نظيفة ومهندمة المظهر .. هل سنراها جميلة أيضًا؟... إطلاقا...
الجمال الشكلي هبة من الله تزيده الثقة بالنفس والروح النقية والنفس القانعة... هذا جمال داخلي ينعكس على الإنسان خارجيًا فيراه الآخرون جميلا.. فجملي باطنك وسيجمل الله ظاهرك.
التعليقات