اجلس قليلا في عزلة مع نفسي، الاف الافكار تسرع مع بعضها، اخذها واحدة واحدة كما اعتدت، انسقها قليلا، اترك السيء منها، واتمسك بتلك الوحيدة الجيدة، اقلبها، انوي ان اكتب عنها... ثم هف... انسى الفكرة من اساسها...

طورت نظاماً لحل هذا على مدى الخمس سنوات الماضية.

  • استخدام المحمول في المواصلات كان شبه ممنوع في دمشق، لذا لم اكن اعتمد عليه في حفظ الافكار السريعة، ثم ماذا عن افكار الحمام، او مثلا الافكار التي تراودك وانت ترمي القمامة... لذا كان الهاتف من البداية "ومازال" خياراً مستبعدا للامساك بالافكار.

  • الدفتر ايضاً كان محاولة جيدة للتقييد، ولكن سرعان ما بدأت بالملل...

انا احب الدفاتر وهي فارغة، تعطيني شعوراً بالامان انه عندما تنقطع الكهرباء وينتهي الشحن من البطاريات سأجد ما اكتب عليه، لذا رؤية دفاتري وهي ممتلئة كان اشبه بالكابوس، خصوصا ان اغلب ما كتب عليها هو من النوع "رؤوس اقلام - مقالات غير مكتملة - رسومات غير متقنة"... كنت املئ مساحة اماني بامور غير مهمة... واضطر لشراء الكثير من الدفاتر "بشكل ملحوظ....

في نهاية الامر توصلت للاقتناع، التدوين السريع ليس الحل...

الحل "على الاقل بالنسبة لي" كان بتحمل هذه الافكار من الصباح وحتى المساء... وفي المساء افعل ما يلي:

  • خمس دقائق لا افعل فيها شيئاً، استلقي في فراشي، اجلس على الكرسي، دون تصفح الهاتف المحمول او استخدام الحاسوب. في هذه الفنرة تعود بعض الافكار الى راسي بشكل مبهم...

  • بعد ذلك اقوم بنشاط ممتع، أعدت لعبة الHalf-Life تسع مرات تقريباً في حياتي من الجزء الاول وحتى نهاية الحلقة الثانية من الجزء الثاني، بكلمات سر وبدونها، بمتابعة الاماكن السرية في اللعبة وبالمرور السريع عليه، تابعت الكثير من المسلسلات بهذه الطريقة، شاهدت الكثير من الافلام، وتعرفت على الكثير من المواقع على الانترنت.

  • بعد ذلك ابدأ بالكتابة... ولكن؛ اكتب كل شيء في صفحة واحدة دون فصل، احاول الانتقال بين المواضيع دون انقطاع، ابدأ في تدوينة عن تطبيق ما، اتابع عن تجربتي الششخصية، ادخل لاتحدث عن مسلسل اعجبني، واذكر ما حصل معي في اليوم ذاته، كل ذلك في مقال واحد مترابط "نوعاً ما".

  • ابدا الفصل؛ اجعل كل فقرة موضوعا مستقلا، احذف الفقرات السيئة والضعيفة، انقح الافكار.

في البداية كان تجاهل الافكار صعبا ولكنه اصبح سهلا مع الزمن... لم اعد افقد تركيزي اثناء المشي او العمل بسبب فكرة عابرة، فهي ستعود حتماً.

  • في نهاية اليوم ابدأ بالتخلص من الشعور بالضيق الناتج عن النسيان، عندها يمكنني ان اعود لكتابة المقالات التي كنت قد قررت كتابتها سابقاً.

ماذا افادني ذلك؟

  • كتبت الاطنان من المقالات التي لم ادري ماذا افعل بها "انقذت ما يمكنني انقاذه قبل السفر ولكن ضاع اضعاف ذلك" وكانت تلك لعنة نوعا ما فلم اكن ادري ما افعل بها "الى ان تعرفت على حسوب IO وصرت ارمي كل ما اكتبه هنا".

  • اصبحت اميز الخبيث من الطيب مما اكتب، اكسبتني الكتابة خبرة في تحديد ما يفكر فيه القارئ اثناء قراءته... اتجاهل هذه الخبرة غالباً لانني عنيد ولكن عندما احتاجها ساجدها حتما امامي.

  • لم اعد اخاف من طرح افكاري، فهناك الكثير اسوا منها قد فكرت بها من قبل.

  • لم اعد افكر كثيرا في "امساك" هذه الافكار الضائعة... فهي ستعود حتماً... وهو الهدف الاساسي من "الروتين"

الان اصبحت اكتب "على الماشي"... فمجرد ما امسكت لوحة المفاتيح الخاصة بي مساء الافكار تبدأ لتعود الي تدريجياً، دون المقدمات الطويلة وتضييع الوقت.