كنت أظن أن هناك خطب ما بعيني، اقتربت من ظلي الذي يتحرك بتوتر وعشوائية على الحائط، ثم مددت يدي بحذر إليه فأطبق فجأة عليها بيده، وسمعت همهمة منه كأنما يُريد قول شيء، لكنه تحرك حيث المقعد وجلس، كنت أراقب ما يحدث في ذعر وذهول حتى تنحنح قائلا: لا تفزعي، أنا أتحرك دائما بحرية لكني لم أشأ أن أخيفك. بقيت أنظر مشدوهة فتابع: لكني أرغب في الحديث معك الآن. لقد رأيتك تنزوين على نفسك مؤخرًا، وتتحدّثين إلى الفراغ كل يوم، أشاهد عقلك وهو يُأكل على مهل بوساوسك. قاطعته قائلة موجهة الكلام إلى نفسي: هل بلغت هلوستي هذا الحدّ!

قال: سمّي وجودي ما شئت، المهم أنني هنا حتى لا تبتلعك الوحدة أكثر.

قلت: لست وحيدة. لدي عائلة وأصدقاء.

شعرت به ينظر إلى بشفقة إن صح تكهني وقال: لكني لا تستطعين أن تخلعي عنكِ تصنّعك وإظهار حقيقتك البائسة لهم.

قلت: أنا لا أتصنع. لكن ليس كل ما تنطوي عليه نفسي يمكن أن يُقال.

قال: لذا أنا هنا، أنا قادر على أن أفهم كل ما تحويه دون أن تحتاجي للبوح.

ابتسمت بمرارة: لكنك لا تستطيع أن تنقذني.

قال: لكن يمكنني أن أربت على كتفك على الأقل.