أحيانًا أشعر أنني عالقة بين عالمين، كأنني لا أنتمي حقًا لأي منهما. هناك واقعٌ صلب يضغط على صدري ويُجبرني على السير في طرقٍ لم أخترها، وهناك خيالٌ واسع ألوذ به كلما ضاقت بي الأرض، خيال يجعلني أعيش حياة أخرى لم أعرفها، حياة تُشبهني أكثر مما يشبهني هذا الواقع.

عقلي يقول لي دومًا: “اصمدي، كوني قوية، لا تُصدّقي الأوهام ولا تركضي وراء المستحيل، عيشي كما يعيش الجميع.” لكن قلبي يرفض، يتمرّد، يصرخ بداخلي أن الحياة ليست حسابات ولا منطق فقط، أن للروح حقًّا في الحلم، وللنفس حقًّا في الهروب إلى أبسط أمانٍ وأحلى وهم.

الواقع ثقيل، يحمل معه قيود المجتمع ونظرات الناس وكلماتهم الجارحة، أما الخيال فهو نافذة مفتوحة على سماء بلا حدود. لكن ما قيمة الخيال إن كنتُ أعود بعده لواقعٍ يجرحني؟ وما قيمة الواقع إن كان يقتل داخلي كل جمال؟

العقل يلومني كلما اخترت قلبي، والقلب يتألم كلما غلبتُ عقلي. وفي النهاية أظل ممزقة بين الاثنين، فلا أنا عشتُ كما أراد عقلي، ولا أنا ارتحتُ كما تمنى قلبي.

هل أنا ضعيفة لأني أحلم؟ أم مجنونة لأني أحاور قلبي أكثر مما أحاور عقلي؟ أم أنني فقط إنسانة تبحث عن مكان لا يُعاقبها فيه أحد على أن تكون نفسها؟