الماوس ولوحة المفاتيح
في عزّ العمل، فوق مكتب مزدحم، كان الماوس ينزلق بسرعة يمينًا ويسارًا، نقراته متلاحقة، بلا استراحة. بجانبه، لوحة المفاتيح تضربها الأصابع بسرعة، كأن هناك سباقًا لم يُعلن عنه. لكن لا أحد كان يفكر فيما يُكتب، ولا حتى يقرأ ما يُضغط.
قال الماوس وهو يلهث تقريبًا: "هل تعرفين ما نفعل؟" أجابته لوحة المفاتيح دون أن ترفع رأسها: "ننقذهم من بطء التفكير." ضحك الماوس بمرارة: "بل نغرقهم في السرعة… حتى لا يفكروا." صمتت لوحة المفاتيح. في السابق، كانت كل ضغطة تُحسب، كل كلمة تُفكَّر، كل رسالة تُراجَع. أما الآن؟ أصبحت مجرد أصوات بلا معنى، تسابق الزمن لتملأ فراغًا لا يُملأ. قالت لوحة المفاتيح، وهي تلاحظ كيف أصبحت المفاتيح تُستبدل بسرعة دون أن تُمسح: "الكتابة كانت تأمّلًا… صارت تفريغًا." ردّ الماوس: "والنقر كان قرارًا… صار عادة." وفي تلك اللحظة، تجمّد المؤشر.
ليس لانقطاع الاتصال… بل لأن صاحب اليد توقف، نظر إلى الشاشة مطوّلًا، ولم يحرّك شيئًا.
همس الماوس لنفسه: "هل… بدأ يُفكر؟"
التكنولوجيا قد تساعدك على السرعة، لكنها لا تُفكّر عنك. وإذا لم تتوقف لحظة… قد تمرّ حياتك كلّها وأنت تُضغط، دون أن تكتب ما يُشبهك.
التعليقات