كنت أظن أنني حين أصل، سيُحتَفى بي. حين أحقق، سيحتضنني التصفيق. حين أُنجز، سيتغير كل شيء. هذا ما قيل لي دوما وتربيت عليه، صدقته، وعملت بجد، من أجل أن يقدرني الجميع. فعلت حتى كدت أفقد نفسي وأنا أحاول أن أصبح ذلك الشخص الذي يستحق الاحترام، الذي لا يُنتقد، الذي لا يُهمّش. أحرقت ساعات راحتي، وحملت فوق ظهري أعوامًا من القلق والصبر والصمت.

ثم، وصلت. نجحت. لكن لم يتغير شيئ. لم يروا الضوء الذي ظننت أنَّه سيُبهرهم. لم يلتفتوا، حتى أنهم لم يعبِّرُوا ولو بكلمة أحسنت. وبدلًا من ذلك، مر على سمعي، ما يقال من وراء ظهري، سوآءا أكان حقيقيا أم لا، لكن أثره كان واضحا، عبارات من أمثال أنَّنِي ناجح، لكن لا يُؤتَمن لي جانب. بارع، لكن فيَّ أمرٍ ما يثير الريبة. أتصرف وكأنَّني أرفع من الجميع. مغرور، وإن كنت بارعًا!، بعبارة أدق، كنت منبوذ اجتماعيا. سألت نفسي، هل كنت أركض في الطريق الخطأ؟ هل يجب أن أكون محبوبًا أكثر من أن أكون ناجحًا؟ أم أن الحب الحقيقي لا يُشترى بإنجاز، بل يُمنح لأسبابٍ لا نفهمها؟

وقفت بين الجموع أنتظر ابتسامة، رأيتهم ينظرون نحوي… لكن ليس بإعجاب، بل بريبة. كأن نجاحي كشف عن فشلهم. كأنهم شعروا بالتهديد لا بالإلهام. وكانت تلك لحظة الصدمة. حين فهمت ولو متأخرًا أن القبول الاجتماعي لا يُمنح لمن ينجح فقط، بل لمن يشبههم… في الضعف، في الخوف، في التفاصيل الصغيرة التي تجعلهم يشعرون بأنك منهم.

النجاح وحيد، لا يحمل معه ضمانًا للحب. قد يرفعك، لكنه لا يُقربك منهم. بل قد يكون إقترابك من القمة يجعلك تبتعد عن الجميع.

مع ذلك، لم أندم. ربما لن يحبّوني كما أردت. لكنني أحببت نفسي بما يكفي لأكمل الطريق، لن أنتظر أن يُصفق لك الجميع، بل سأصفق لنفسي دون أن تحتاج أحدًا مثلهم.