كان لقب الأب “المعلم” لأنه كان يملك ورشة نجارة ويديرها باحترافية، ويعمل تحت يديه عديد من الصنايعية والصبيان.

كان أحد العاملين في الورشة شاب مجتهد مهذب، أعجب به “المعلم” لاجتهاده ودماثة خلقه، فأحسن إليه المعلم وأسند إليه شؤون الورشة، وزوجه “ابنته” الوحيدة فكل ما لدى المعلم من أبناء:بنت وولد.

أنجب هذا الشاب المجتهد من ابنة المعلم صبيان وبنات، وزاد اجتهاده وتفانيه في العمل مع كبر المعلم في السن، وأصبح يقوم بأغلب أعمال “المعلم” داخل الورشة، ونظراً لأمانته وحسن تدبيره قام المعلم بعمل توكيل عام له، وأحسن هذا الشاب العمل فتوسعت أعمال الورشة وازدهرت أكثر من قبل.

بعد فترة من الوقت توفى “المعلم”، وقبل توزيع الميراث تمكن أهل السوء من أذن الشاب المجتهد أن كل ثروة “المعلم” هي حقه وحده، فهو سبب الخير للمعلم وأهل بيته، وهو من كان يحمل الورشة على كتفيه ويقوم بأغلب العمل.

باع الشاب لنفسه كل ممتلكات الأب المتوفى بالتوكيل الذي معه، وفوجىء الجميع بذلك وقت توزيع الميراث، وأكثرهم مفاجأة كان “ابن المعلم” فقد جاءت الخيانة من زوج أخته وأب أولادها، وبعد عدة أيام توفى ابن المعلم فلحق بأبيه من حسرته وعدم استطاعته فعل شيء لنسيبه.

قد تكون الصدمة من الأقارب أقوى على نفوسنا من الصدمة من الغرباء، كما أننا قد لا نستطيع أن نتصرف مع الأقارب بصلابة مثلما نستطيع أن نتصرف مع الغريب، فمع الغريب هناك متسع من طرق الردع، وطرق الغلبة والإخضاع، لكن لو آذينا القريب فقد يمتد الأذى لأشخاص تهمنا (الأخت وأولادها في هذه الحالة).

فكيف يمكننا أن نتصرف إذا جاءت الخديعة من أقرب الناس إلينا؟