الزجاجة السادسة عشر

إلي رغد ليليّ:

ارتفعت الشمس مودعة يومًا آخر، تاركة خلفها سماءً تحمرّ كالجمر المشتعل ، بين ألسنة الضوء المتشابكة، خيّم صمت ثقيل، لم يُقطعه سوى هدير الأمواج وكأنها تتهامس بأسرار دفينة . التقت عيناي بتلك السماء الحمراء التي اكتست الأفق، تذكرت قصص القراصنة القديمة. قالت القراصنة ذات مرة: "حين تصطبغ السماء باللون القرمزي، فإن البحر يتهيأ للغضب." لم تكن كلماتهم مجرد خرافة ؛ فقد تعلمت أن تلك السماء الحمراء تنبئ بشيء قادم ، شيء يجرّ معه رائحة الملح والخطر. يقولون إن البحر حين يغضب، يعكس غضبه في لون السماء، كإنذار خفي لكل من يجرؤ على تحديه. إنها لحظة تمزج بين الجمال والمهابة ، تُشبه لحظة اعتراف بين عاشقين ، حيث يعبر الصمت عن كل شيء.

ألمح السماء الحمراء، وأفكر هل يشبهها الحنين الذي يخنقني الآن؟ ذلك الغضب الذي يحمله البحر قد لا يختلف عن ذاك الذي يلتهمني وأنا بعيد عنكِ. يا ليتني أستطيع أن أطوي الأمواج وأعود إليكِ قبل أن تُسدل الليلة ستارها على ما تبقى من هذا القلب المثقل بالأشواق. تري ما الذي أغضب البحر لتتلون هكذا السماء؟

رغد،أجد نفسي أقسم للبحر أنني لن أستسلم. سأعود إليكِ، مهما كلفني الأمر، مهما غضب البحر واحمرت سماؤه. ، ولو قست الرياح علينا، فتذكري أشرعتي دائمًا موجهة نحوكِ، مهما كانت السماء بلونها المشتعل تهددني.

بحبٍّ لا يُهزم،

سليمان

١٢/١٢/١٩١١