الزجاجة العشرون

إلي رغد ليليّ :

في رحلة اليوم ، عبرت الأمواج الهادرة التي لم أتوقعها ، حتي لاحت في الآفاق جزيرة بعيدة ، لم يكن لها اسم على خرائط السفن أو الملاحين. كانت الجزيرة مغلفة بغطاء من الزهور البرية التي تمايلت مع الرياح كما لو كانت ترقص على أنغام البحر. أما السماء فقد كانت صافية لدرجة أنها عكست وجه البحر، وكأن كل شيء في هذا المكان متحد في جمالية واحدة.

في البداية ، ظننت أنني قد أخطأت الطريق، لكن مع مرور الوقت، أدركت أن هذا هو المكان الذي كنت أبحث عنه طوال سنواتي في البحر.

جزيرة  الحياة ، بل كانت مليئة بالأسرار التي تجذبك ، وتجعلك ترغب في البقاء. كان هناك طيور غريبة، بألوان لم أكن قد رأيتها من قبل ، وحيوانات بحرية صغيرة تقف على الشاطئ ، وكأنها في انتظار زوار جدد. لقد أدركت أنه لا أحد قد وطأ هذه الأرض من قبل. كان كل شيء هناك جديدًا، طازجًا، وكأن الطبيعة نفسها تتنفس لأول مرة.

 تخيلتكِ هنا، تماشيين معي بين الزهور البرية وتبتسمين كما تعودت منكِ. أكنتِ سترتدين الفستان الأبيض الذي تحبينه وتلتقطين أزهارًا عطرة لنزرعها معًا في مكان بعيدعن العالم؟ أتخيلكِ وأنتِ تجوبين المكان كما كنتِ تفعلين في كل زوايا حياتنا ، تتنقلين بين الأشياء ، وتبحثين عن جمالها في كل لحظة. لقد شعرت حينها وكأنني في فردوس ، حيث كل شيء جميل ، حيث لا صوت سوى همسات الرياح وضربات الأمواج على الصخور. ولكن رغم سحر المكان وجماله ، كانت فكرة أنكِ لستِ هنا تجعلني أفتقد كل لحظة ، وأدرك كم أن البحر، مهما كان هادئًا ، يظل دائمًا يشعر بالوحدة عندما لا تكونين فيه.

عندما أعود ، سأحدثكِ عن هذه الجزيرة بكل تفاصيلها ، وأخبركِ عن الزهور التي كانت تشبهكِ ، وعن البحر الذي كان يهمس لي بحكايات لم أفهمها بعد ، لكنني كنت على يقين أنها تخصنا ، كما تخص كل لحظة بيننا.

دائمًا في انتظار عودتي ، سيلمان

١٥/١٢/١٩١١