الزجاجة الحادية عشر

إلي رغد ليليّ:

في ليالي تتلاطم بها الأمواج بشدة ، كأن البحر يتنهد بقوة من كثرة ما حمله من أسرار ، كل قطرة منها تحمل حكاية ، وكل موجة جديدة بوجودها  تبوح بسرٍ دفين.  لكني كنت الوحيد الذي يتنبأ بما يحمله البحر في أعماقه ، أو هكذا خُيل إليّ ، كنت أراه بحر كاهل الأسرار سهلاً بفك أسراره ، ورموزه ، ولكني أيضًا كنت صغيرًا قد يختلط الأمر أحيانًا عليّ ، انظر للسماء فرآها تمطر وهي تناظره ، وهو يرفع نظره يناظرها فتتلاطم أمواجه العاتية ، يتآمران ، البحر لم يكن مجرد ماء؛ كان عالماً يفيض بالأسرار، بعضها مهيب وجميل، وبعضها مريب وقاتل ، تخيلي ، رغد ، لو كان بإمكاني أن أستخرج الأسرار من داخله ، أن أحملها في كفيّ ، وأرسلها إليك بكل رسالة.

الليلة كان يتنهد وأتنبأ بما حمله ، ويحمله وسيحمله من الأسرار ، تنهد في المرة الأولي فكانت تنهيدته تقول أن الأسكندفان لديها أساطير تقول أن البحر له إلهان " إيجير" ، وزوجته "رين" بينما كان "نيورد" إله السفر البحري. وكان يُعتقد أنَّه من الأفضل أن تُسترضى الآلهة قبل الانطلاق في رحلة .

وتنهدته في المرة الثانية ، كانت تقول لي بهمس أن في جنوب شرق آسيا  ظهر العديد من الأساطير حول رحلات المحيط الملحمية، والأميرات في الجزر النائية ، والوحوش والأسماك السحرية الكامنة في الأعماق. ، تنهد ثالثًا فحملت تنهيدته أن ملوك شمال أوروبا ، يحصلون أحيانًا على الدفن في السفن ، وذلك عندما تُوضع جثة أحدهم في سفينة محاطة بالكنوز والنفائس الأخرى ، وإرسالها على غير هدى في البحر حتي تحصل علي السلام . ، ورابعًا وقد قالت  هناك الكثير من القصص المختلفة في أمريكا الشمالية يُذكر فيها بطة أو مخلوقًا آخر يغوص إلى قاع البحر ويحضر بعض الطين الذي تشكلت منه الأرض الجافة. في أساطير الإنويت (شعوب الأسكيمو) فهي إلهة البحر والحيوانات البحرية "سدنا".

رغد ، حين أرمي برسائلكِ إليه، أشعر بأنها ليست مجرد كلمات تُكتب في العدم. بل هي جزء من أسطورة جديدة ، ننسجها أنا وأنتِ. تخيلي أن البحر بنفسه قد يغار منّا، يخفي زجاجتي عن عينيه، ليحتفظ بها .

لكِ كتبت، أيتها الحكاية التي لن تنتهي، ووعدتكِ أن تبقى رسائلي تُبحر نحوكِ.

إلى اللقاء في أفقكِ الذي لا ينتهي.

سليمان

٢/١٢/١٩١١