الزجاجة الثامنة

إلي رغد ليلي:

ما زلت أتنفس ، رغد ، بعد ليلة لم أر فيها سوى الموت بعيني. عاصفة عاتية تضرب بحر"إيجه" فجأة ، لو رأيت البحر كما رأيته الليلة، فهمتِ لماذا يهاب. إنه ليس مجرد ماء، إنه روح متقلبة ، ما زلت حيًا، أتت تلك الحوريات أنقذتني لأعود إليكِ.

ووسط جنون الطبيعة ، زمن سيلا ،  "سيلا" صاحبة الجسد نصفه إمراة ، ونصفه سمكة ، تنمو من وسطها رؤوس كلاب رأيت عينيها تلمعان كوميض البرق، وابتسامتها تتجسد رعبًا أشعر بها حتى الآن. ومن ثم أن هذه الصدمة لن تكون صدفة ؛ غاضبة. تلك العذراء التي رويت عنها الأساطير.

حين كنت أظن أن النهاية قد حانت ، من كهف فضي ، خرجن لإنقاذي كحال بقية البحارة ، أنهن فتيات جميلات للغاية ، غنت أصواتهن الرحيمة وهم يرقصن متوجاتٍ بفروع من المرجان الأحمر، ويرتدين أردية حريرية  بيضاء مزينة بالذهب ، ولكنهن يمشين حفاة. كانوا جزءًا من حاشية "بوسيدون" وحملوا رمح ثلاثي الشعب نحوها. كنّ يسبحن برشاقة ، عصرن الضوء وسط الظلام أرسلن لإنقاذي ..

كان البحر متغيرًا ، أمواجه عاتية ، والعاصفة تضرب من كل صوب وحدب ، هل كل هذا حدث بسبب غضب "بوسيدون" لوجود "سيلا"!. طبيعة البحر المُتغيرة نفسها كانت طبيعة " بوسيدون " . كانت مفاجئة أشبه بحلم بمعنى "سيلا" في غضبها، والحوريات في هدوئهن. ووسط هذا كله ، أنا  بحار صغير أمام عظمة البحر وأساطيره.

البحر مثل "بوسايدون" ، سيده المتقلب. يملك كل شيء: الهدوء، الغضب، والأسرار التي لا تنتهي.

 لكن في داخله شيء أكثر غموضًا، كالإله "بروتوس" الذي يتبدل ويغير أوبائه. فترة قصيرة من أشبه البحر، مشاعري تتأرجح بين الحنين والخوف ، لكن دائمًا ما تهدأ عندما أفكر فيكِ. سأعود إليكِ يومًا، يا رغد، ومعي كل هذه الحكايات. وسوف أحكي لكِ عن سيلا، عن الحوريات ، وعن كيف أن ذكركِ كان أمان.

لكِ  حياتي ، قلبي

سليمان

۲٤ /١١/١٩١١