عادت لين من عملها رفقة مراد ، ولم تمضِ ساعة ، وكانا علي أتم إستعدادًا للذهاب إلي مطعم بعينه، قد إملي إليهما عنوانه ، ملبيان دعوة والدي لين ، فقد تمت دعوتهما فجرًا بعد أن أدي فريضته ، وجدا الهاتف يعلن عن مكالمة هاتفية من والدة لين ، تطلب محادثة مراد ، وتدعوهما للإفطار معًا .

في السيارة كانت لين تجلس بجوار مراد بينما هو يقود في شوارع القاهرة المتكظة بالسيارات ، والدرجات ، والأشخاص ، ولهذا قرر الخروج باكرًا فور عودتهما لكي تسمح لهما الفرصة بالوصول بالموعد .

بعض مدة زمنية لا هي كبيرة ، ولا هي صغيرة كانا أمام منزل والداي لين ينتظرهما ، ريثما يهبطان من الأعلي ، بعد أن قرروا أن يمرا لإصطحابهما حيث المطعم إياه المتواجد علي بعد كمْ متر من المنزل.

مرت دقائق وهبطا من الأعلي ، وفتح والدة لين الباب لزوجته ، وهو يلقي التحية عليهما بود ، وتركب زوجته وهو بعدها في حين ألقت هي هي الآخري السلام ، وهي تتسأل عن الأحوال .

وصلوا حيث المطعم المرشود ، وهبطا رباعيتهم من السيارة صوبه ، ووالد لين يهاتف أخاه يتفقد أين هو إلي الآن ، ولمَ لم يحضر حتي الآن ، المَ يقل أنه لم يتخلف عن الميعاد ، وسينجز عمله مبكرًا هكذا دار الحوار بينهما بمشاعر عتاب ، ومحبة تواجد ، وغضب طفيف .

علي طاولة الطعام التي كانت مكانًا ، وركنُا تدلف العائلة صوبه في كل تجمع عائلي خارج المنزل .

مالت لين نحو أبيها بحنين وهي تقول :

(لين): مكاننا هذا يا أبي الذي لطالما شهد علي ذكريات عدة ، أتذكر يا أبي تلك المرة التي أحضرتني بها هنا عندما ضربنتي معلمتي في أول يوم بالمدرسة؟

(والدها): أجل ، كان ولا زال للآن يشهد علي تجماعتنا ، بالطبع أتذكر بكاءك يا ايتها الغزالة .نبس جملته وهو يشعر بتأثر يخص تلك الحادثة .

(والدتها): كنتي طفلة حساسة للغاية يا لين القلب أنتِ.

شاركهما الحديث مؤكدًا (مراد): كانت ولا زالت للآن يا حماتي . قال جملته ببسمة مشاكسة .

(لين): ماذا تقص.....؟

بتر تكملة جملتها حضور أخيها المبتسم ، وتعابيره متلهفة ، يفتح ذراعاه نحوها ، لتهب واقفة هي الآخري وقد أنفجرت أساريرها وتضمه في حب أخوي شديد.

خرجت من أحضانه ، وتسأل عن أحول الجميع ، بعدما ألقي السلام ولا زالت يديه تحيط كتفها بدافعية .

مر الإفطار بلحظات عائلية بحتة ، شديدة الحب ، والغيرة ، مع قليل من الدفاعية التي أطلاقاها والدها ، وأخاها ، وقهقهات لين ، ووالدتها ، وهن يحاولن فصل الشجار الطفيف نابع ومتوارِ عن حب .

حتي عاد كل منهم إلي منزله ، أوصلهم مراد بسيارته ، وأكمل نحو منزلهما .

ومر اليوم بسلام ، وأتي ثاني يوم ، وكان أجازة من العمل قررت لين أن تستغله في إستغراق بعض من السويعات القليلة في النوم ، وبعدها تنظيف ، وإحضار إحتياجات المنزل بعد الإفطار ، نهضت من نومها وأدت ما عليها من مهام ، وفروض ن وهكذا زوجها لحقها في أواخر الترتيب ، وساعدها بدوره بعد أن صلي فروضه هو أيضًا ، وقرر تدليلها اليوم، فدلف صوب المطبخ ، بينما هي تستحم ، وأحضر الإفطار ، وقد كان إفطار اليوم من صنع يدايه .

كانا بالخارج يتسوقان متطالبات المنزل في مرح ، هو يصورها وهي تدفع عربة التسوق وتبتسم ، علي غفلة منها ، وهي تطالبه بتذمر أن ينجزا في الوقت حتي تسنح لها الفرصة لكي يصورها كثيرًا .

إنتهيا بعد مدة ، وهما الآن في إنتظار دفع مستحقات الشراء ، فوصل صوت إشعار يعلن عن وصول رسالة هاتفية داهمت لين من أحد المتابعين تسألها هل كلية (فنون جميلة) لا تعد من الكليات القمة في نظر أقاربها لماذا ؟ ولماذا لا يري أحد مجهوداتها ، تفوقها ، حصولها علي تكريمات ، وشهادات ، بل وإمتيازات قد خصصتها إدارة الكلية للمتميزين مثلها؟

كادت لين أن تجاوبها حتي بغتها قدوم مراد وهو يحمل أكياس التسوق ، لتغلق الهاتف ، وتحمل ما تبقي من أكياس ، ويتجهان صوب السيارة يضعان بها الأكياس، وينطلقان صوب المنزل .

وفي الطريق فكرت لين بكم الضغوطات، والإحباط الذي راود هاته الفتاة حتي جعلها لا تثق برأيها ، وتسأل غيرها علها تجد إجابة مقنعة ، تبيح كل هذا التقليل ، والتهميش ، من قدرها، وقدر هوايتها، أو مجال دراستها، الذي هو عملها فيما بعد.

هكذا دار حوارًا ذي أهمية بعقل لين ، وحديثها بتعقل مع ذاتها، ليصدح صوت مراد منتشل إياها ، ليقطع شرودها ، متسائلاً عما حدث:

(مراد):بماذا شردتِ؟

بعد تفكير عميق يعصف بذهنها (لين):لقد طرحت عليّ إحدي المتابعين سؤالاً ، جعلني أفكر بسبب مقنع له .

(مراد): و ما هو إذن؟ ، من الممكن أن نتوصل لسبب مقنع معًا .

(لين):أجد البعض من خريجي كليات القمة ، كالمهندسين ، أو الأطباء ، فالمهندسين أغلبهم لم يجدوا وظائف تليق بهم ، ويعملون بوظائف لا تتماشي مع دراستهم ، والأطباء أغلبهم لا يدخر مبلغًا يكفيه لفتح عيادة خاصة ، وغير هذا قد ازالت الدولة التكليف ، ومعناه لا يوجد وظائف في مستشفيات حكومية ، فمن أين سيتوظفون ويدخرون مبلغًا شهريًا يكف حاجاتهم الشهرية ؟

ومن خرج بعضهم من قيد ، الوالدان وقرر دخول كلية يهوي تخصصها ، أو كلية غير هذه الكليات المسماه بالقمة ، لا ينظر له بعين الإعتبار. .

تساءل بتخمين (مراد): أهي فتاة بالمرحلة الثانوية ؟ ولم توفق بالمحموع الذي يؤهلها لكلية قمة؟

أجابته(لين):كلا ، هي طالبة مجتهدة بكلية (فنون جميلة)

أستأنف حديثه مجددًا (مراد):أغلب التخصصات مهمشة بالرغم تأثيرها في المجتمع ، وإفادته.

(لين): عمومًا أي كلية تعد قمة بنظري ، لطالما أستفاد منها المرء ، وأفاد غيره ، لو أنه أيضًا نجح بها ، وأكتسب من نهجها مكانة قيمة بالمجتمع ، ووسط مجتمعه العملي.

شاركها برأيه (مراد):ولكن تجدينهم يهمشون خريجي كلية الحقوق علي سبيل المثال ، علي الرغم من هذا يلجئون لهم ليترفعوا عنهم أمام النيابة ، أو المحكمة حيث تكون أوراقهم بين يد السلطة التشريعية "القاضي"، او يستفسرون عن القانون ، واللوائح حديثة الوضع ، بالدولة ، لمَ التقليل لا أعلم.

أردفت مكملة حديثه (لين):وفي الآن ذاته تجد أن بعض خريجي كليات القمة ، معدومو الأخلاق الإنسانية ، والمهنية ، كطبيب يسرق أعضاء مريضه ، ومهندس ينصب علي صاحب عقار في الأموال ، المواد ، وغيرها ولا يجدون إلا خريجي كلية الحقوق ليحاول إخراجهم بثغرات قانونية تحت بند أنهم بشر من الممكن أن يخطئوا .

ولا أجد تفسيرًا أيضًا لهذا التقليل من مهنة التدريس من الوزارة ، حيث لا يتعد مرتب المدرس/ة علي الأصابع علي عكسه غيره من المهن ، فالمدرس أو المعلم يخرج كافة البشر أصحاب جميع المهن ، ورغم هذا لا يستحق مرتبًا يوفيه حقه.

(مراد):وكلية تجارة لا يعدها الناس من كليات القمة ، لماذا؟ ، لا أجده له سببًا يعد مقنعًا بالنسبة لي ، فمن الممكن أن يتعب ، ويجتهد خريجها ، ويوظف في إدارة حسابات شركة، ...،....،....إلخ. ، فتخصصها يجعل المرء قادرًا عي حساب الدخل الشهري ، وأجد أن كان التخصص بسيطًا غير متشعب ، وإجتهد به المرء من الممكن أن يحصل علي منصب عال بالدولة ،كأن يكن من الممكن أن يكون وزير المالية.

توقف حديثهما عند هذا الحد ، وترجلا من السيارة ، صاعدين للأعلي بمنزلهما .

وتراسل لين الفتاة تسألها عن سبب طرحها لهذا السؤال ، وما حدث ، تهديء من روعتها ، وتبث بداخلها الكثير من الثقة التي فقدتها بعد كل هذا الإحباط ، والضغط الذي رادوها طيلة هذا الوقت الفائت .

لتطرح سؤالاً بات بالضرورة طرحه ليُجب المتابعون عنه ، تحاول فهم ، عقولهم.

وبالفعل طرحت السؤال:

(هل كليات القمة تقتصرعلي كليتا الطب ، والهندسة فقط؟)

وغدا الجميع يجيبها من منظورهم النابع عن تفكير يصف حالتهم العقلية .

أجابتها إحدي الخريجات التي باتت تعاني مثلها قائلة:

كلها صوريات ، يبغي المجتمع وضعنا بها ، صوريات قد كانت تخصهم ، أو أحلام لم تحقق ن وقوالب لم تسعه ، فقرروا وضعنا بهما ،أو قوالب أتسعتهم وإحتفظوا بها لنا ، غافلين عن أننا لسنا هم ، ولا صورتهم المعلقة بشهاداتهم الجاميعة ، أو أحلامهم ، أو حتي قوالب الماضي القريب .

ونبس بنظرة نمطية نابعة عن رؤيته للأمور ، أبدي برأيه والد : لا نقلل من قيمة الخريجين ، ولكن الأولياء يطمحون بمستقبل أفضل لأبناءهم ، ما الخطأ بهذا؟

ونبس شاب عشريني تضج ملامحه بعمره من خلال صورته علي صفحته الشخصية:

راهن جدي الذي يراه الجميع متعلمًا ، وعلي قدر كاف، ولم يصل أحد في عائلتنا علي مرتبته المهنية ، والتعليمية ،حينما قررت دراسة التكنولوجيا ، ورأيت أنها هي المتحكمة بكافة جوانب حياتنا الآن ، أري أن التكنولوجيا هي المستقبل ، الدفع ، العمل ، الحجوزات ، وغيرها من الأمور .....،.....،...إلخ .

الجيل الحالي تسيطره عليه التكنولوجيا ، والتطبيقات الإلكترونية ، وكذلك المدونات ، والبرامج الخاصة بالذكاء الإصطناعي .

وأباحت فتاة أخري عن رأيها بقوة وجسارة تليق بها بعدما كافحت للوصول:

أرادا والداي دخولي طب ، وبالفعل إلتحقت به بناءًا علي رغبتهما ، ونجحت به بفضل الله ، ثم بفضل صديقتي التي دعمتني ، لأتخطي رؤيتي للقيود ، وأنظر لها من منظور أخري .

ونجحت أيضًا بتخصيص فترة زمنية بيومي ، تنسح لي الفرصة من خلالها للتنفيس عن موهبتي ، وهوايتي ، وحبي الشغوف بالرسم ، والألوان ، وبت من لحظتها أصنع لوحاتي الفنية ، وأحتفظ بها في قلبي لا بالبادرون .

وتربت أبنتي علي حب الفن كذلك ، من شدة حبي له ، وتخطت مرحلة الثانوية ، بمجموع يؤهلها للإلتحاق بطب ، أو هندسة ،وكانت قد أفضت إليّ رغبتها بالإلتحاق بكلية الفنون الجملية ، وتطمح فيما بعد بقسم ديكور ، لبيت رغبتها وبالفعل إلتحقت بها ، وتفوقت ، وأثمر تفوقها عن عدة جوائز حصدتها لوحاتها بعدما شجعنا والدها المعلم الفاضل ، بإقتراحه أن نفتتح معرضًا فنيًا ، يضم أسم كلاتان ، وبالفعل نجحنا بهذا ، أطفالنا ليس نحن ، لا نستطيع رمي أحلامنا ، وطموحاتنا علي عاتقيهم ، ليحققوها بدلًا منا .

أضافت بأخر تعليقها (عنوانًا يحتوي علي مكان معرضهما )

وأضاف أخر رأيه :

هناك العديد من الطلاب حصلوا علي مجموع كبير يؤهلهم ، لهاته الكليات المدعوة بالقمة ، ولكنهم لا يستحقون هاته الكليات وغير جايرين بها ، أخرين إجتهدوا ولكنهم لم يوفقوا في الإمتحانات ، وإلتحقوا بكليات غير محببة بالنسبة إليهم ، ولكنهم إجتهدوا بها ، فهناك العديد من الأطباء ، والمهندسين ، والمحاميين غير أكفاء بمهنته غير عكس شخص إلتحق بكلية لم يرغبها ، ولكنه إجتهد.

ورأي أخر:

هناك بعض الطلاب مثلي ، خضوع لحرب إقناع، وإخضاء الأهالي لرغبتهم بكلية معينة، تخصص بعينه ، رغم مجموعهم الكبير ، ولكنهم بعد أن إختاروا كلياتهم للأسف البعض لم يوفق بها، وتحملوا قرار الإختيار ، وبات لوم الأهالي يصنع ضجيجًا بالعقل ، علي عكس البعض الأخر.

وأخر:

الإنسان أمامه خياران:

أما أن يترك أهله يختارون له مصيريه ، فممكن أن تستغله كمسمار تعلق عليه مسؤولية الإختيار.

أما يُترك لك حرية الإختيار ن وفي هذه الحالة لا تلوم إلا نفسك فالخطأ خطأك .

في كلتا الحالتين هناك لوم ، ومسؤولية .

إختتمت لين السؤال المطروح قائلة بعدما قرأت الكثير من الآراء:

الموضوع كبير ، وبالغ الأهمية ، يحتاج الكثير من التمعن ، والتفكير ، ولكن نحاول أن نلقي نظرة ضوء عليه علنا نجد حلاً.

#كليات_القمة.

#حكايات_نمنم_لـ30_يوم_غير_كل_يوم.

#منة_محجوب.

#خواطر #شعر #خربشات #قصائد #كتابات #أدبيات