و ماذا بعد ان هرمنا - ديمقراطية ويستمينيستر و الاوهام الحقيقية "السودان نموذجاً" 

⭕️ في يوم ١٤ يناير ٢٠١١ ، الْيَوْمَ الذي هرب فيه الرئيس التونسي زين العابدين ، بن علي وقف المواطن التونسي أحمد الحفناوي مرددا عبارة "لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية" ، هذه العبارة التي ذاع صيتها لفترة طويلة في كل الدول العربية في وضع يعني نهاية الحكم الدكتاتوري و التحول الي الديمقراطية ، ذلك الحلم الذي ظل يحلم به العرب زمناً طويلاً في ظنهم ان النظام الديمقراطي هو الحل لمشاكلهم السياسية و الاقتصادية ، و هم بالطبع ينظرون الي الديمقراطية في العالم الغربي كنموذج ناجح و يظنون انها يمكن ان تطبق و تنجح كذلك في عالمهم . منذ تلك اللحظة بدأت آلات الاعلام الغربية في وصف و مدح هذه التغييرات و أطلقت عليها "ثورات الربيع العربي" للمطالبة بالديمقراطية و الحرية و صدق الجمهور العربي عموما الامر و سار الاعلام العربي المضلل خلف الاعلام الغربي في نفس الطريق حتي ظن الناس انهم باتوا قاب قوسين او أدني من التنعم بالديمقراطية و خيراتها .

⭕️ ديمقراطية العالم العربي و ربما العالم الثالث عموماً هي عبارة عن عملية تجميل ظاهرية للحكم او كما يسميها الغربيون "الميك اب"، و بالانجليزية makeup و هي عمليات تغيير لون البشرة او كما يشاع "عمليات التفتيح و التبييض" ، و قد ظهرت كذلك عمليات تغيير شكل و حجم بعض مكونات الجسم ، و هو ما تقوم به بعض النساء و ربما اخيراً دخل بعض الرجال في الامر . تقوم الشركات المصنعة لمواد التجميل في الاعلانات بعرض الصور الجميلة لفتيات أوروبيات صاحبات لون و جمال طبيعي و كأنها تقول لنسائنا إنكن اذا استخدمتن هذا المستحضر او الدهان فستكونن مثل هؤلاء النساء في هذه الصور ، فتقوم الفتيات بالهرولة نحو محلات المستحضرات الطبية و الكرياتين و عشبة الشيا و السوري صاحب المحل في سوق سعد قشرة في بحري ، و يدفعون الغالي و النفيس لهذه المستحضرات لتغيير الألوان و الأشكال ظنا منهن إنهن سيصبحن مثل أولئك الأوربيات ، فعندما تقابلك إحداهن و هي مستخدمة هذا المستحضر او ذاك تظن انك في مواجهة عفريت من الجن فتتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، لأنك ستري لونا للوجه و اخر للعنق و ثالث لليدين ،الرب سبحانه و تعالي خلق لكل لون انف يتناسب مع شكل و حجم معين و لون شفاه يتناسب مع شكل و حجم معين و عيون بلون يتناسب مع حجم و شكل معين , أي اختلاف أو اختلال او تغيير في احدي هذه المكونات ستصيب كامل الشكل بخلل في جماله , هذا بخلاف الأمراض من سرطانات و فشل كلوي و تشوهات بالجلد .

 و هو بنفس المعني عندما نقول اننا نريد تطبيق ديمقراطية الغرب بحذافيرها فتعرض لنا هولندا بجمالها و طبيعتها و بشرها و يقال لنا طبقوا الديمقراطية لكي تكونوا مثل هؤلاء ، فديمقراطية ويست مينيستر تم حبكها و اعدادها لتطبق في بيئة محددة و جاهزة في بنيتها و بأناس محددون في طبعهم و ثقافتهم و نسبة تعليمهم و تناسق مجتمعاتهم ، و قد جاء نظام وستمنستر من أعراف وممارسات وسوابق قضائية لبرلمان المملكة المتحدة، والتي تشكل جزءًا مما يعرف بدستور المملكة المتحدة. و محاولة إنزالها في بيئات و مجتمعات و أناس اخرون لا يشبهونهم دائما يكون مصيرها الفشل و التجارب كثيرة جدا ، لذلك الاجدر لدول العالم الثالث و علي رأسها نحن ان نبحث عن نظام يشبه بيئتنا و مجتمعاتنا و ثقافاتنا و نسبة تعليمنا و الا سنعيش في دوامة لان عمليات "الميك اب" أمور ظاهرية لا تستطيع تغيير الأصول  .

⭕️ ماذا يحدث بعد الثورات :-

▪️ يغضب الشعب و يتظاهر الناس في الشوارع و تحت الشمس و يتغبروا و ينتفضوا و يموت بعضهم و يجرح و يفقد اخرون و القادة و السياسيون ينتظرون هناك في الامكنة العالية و السرادق المظللة و المكاتب المكيفة الهواء في الداخل و خارج الوطن و كأنهم يتابعون رواية سينمائية، و يقولون :-

(متي ينتهي أولئك السذج الهائمون من ثورتهم لنجتمع و نتفاكر في كيفية تقسيم "كيكة" السلطة؟) ، هذه  "الكيكة" التي يستمتعون بها بمكاتب و مساكن واسعة و سيارات فارهة و مخصصات عالية و سفريات متعددة و ازياء جميلة و سياحة مريحة وحراسات،،اما الذين قاموا بالثورة فينتهي دورهم يوم الاحتفال بتسليم القادة و السياسيين " الكيكة"..

▪️ في احتفال تسليم "الكيكة" للزعماء و القادة و الساسة يخاطبون الثوار و يقولون لهم : "أيها المواطنون الثوار الأحرار" فيصفق الثوار و يهتفون لهم "عاش فلان" و "شكرًا فلان" و "فلان أمل الأمة" ، ثم ينفض الجمع و يستقل القادة و مجموعتهم سياراتهم و من خلفهم و عن يمينهم و يسارهم الحراس و الامنيين .، و ينتشر الثوار الأحرار الأشراف يمنة و يسرة يتزاحمون للبحث عن وسيلة توصلهم الي مساكنهم في "كلاكلات" و "ام بدات" و "تكامل" و "حاج يوسف" و "دار السلامات" و "حلة كوكو" و "جريفات" و "شعبية" و "دروشاب" ،  بحثا عن وسيلة توصلهم الي منازلهم البائسة البعيدة ، يتزاحمون ، و يتسابقون و يتشاجرون بحثا عن مقعد و يظلون هكذا حتي ساعات متأخرة من الليل ليصلون الي مكانهم الطبيعي :-

✔تلك الصحاري البعيدة ،،،،

✔و هذه الشوارع و الطرقات غير المعبدة المليئة بالحفر و المكدسة بالقمامة ، ،، 

✔و هذه الورش المتسخة بالزيوت السوداء و مخلفات الصيانة ، ،،

✔و هذه الأسواق المكتظة بالبضائع الكئيبة ،،، 

✔و هذه المواقف المكشوفة غير المظللة ،،،،

انتظارا للقرارات و الوعود من السلطات الجديدة و التي يقال لها "حكومة الثورة"

✔️ فيهيمون كل يوم ،،،،  

✔️ و يقرأون كل يوم ،،،،

✔ و يشاهدون كل يوم ،،،،  

✔ و يستمعون كل يوم الي اخبارهم ،، 

✔ و يتناقشون في داخل البصات كل يوم ، و في سرادق العزاءات و المأتم و الافراح و في المقابر و في صفوف الوقود و البنوك و المخابز و علي ملاعب الكرة و منصات التواصل الاجتماعي الخيالية ،، 

✖️ يتشاجرون ،،

✖️و يختلفون ،،

✖️و يضرب بعضهم بعضا،،،

✖️و يقتل بعضهم بعضا،،،

✖️ يتخاصمون ، 

- الاخ ضد أخيه ، 

- و القريب ضد قريبه ، 

- و الجار ضد جاره ، 

- و الصديق ضد صديقه ، 

- و الزميل ضد زميله ، 

كل هذا من اجل هؤلاء الذين تربعوا علي كراسي السلطة ،،

▪️ يظل السيناريو كما هو حكامنا الذين تعاقبوا علي السلطة في بلادنا منذ الاستغلال و الي اليوم ، المدنيين و العسكريين ، يسارهم و يمينهم , حديثهيهم و تقليدييهم, يعملون و يفكرون فقط من اجل شيء واحد هو "السلطة" و يبحثون عنها باي وسيلة :-

✔بدءا بالانتخابات السلمية ، فإن لم يستطيعوا  

✔يلجأون الي المعارضة السلمية من أجل الوصول إلي السلطة ، و إن لم يستطيعوا 

✔الانقلابات العسكرية بالتعاون مع بعض العسكر , و ان لم يستطيعوا

✔التمرد و القتال والحروب , و إن لم يستطيعوا 

✔الهروب و الاحتماء بالدول و الأنظمة العالمية الاخري لاعانتهم لتغيير السلطة في بلادهم . 

✔و عندما يثور الناس و ينتفضون يأتي هؤلاء الحكام مرة اخري و يسرقوا الثورة . للاسف صارت الثورات احدي وسائل تغيير اسماء الحكام ليس الا .