إلى حين تجرع مرارة مايسمونه بالغدر أو الخيانة ستبقى تظن أن ماعاد لها وجود إلا قليلا ،وقتها ستتذكر تحذيرات والدتك المتككرة لك أن ليس كل من حولك يؤتمنون، سيمر على ذهنك كل كلمة قرأتها في ذلك قراءةَ من لا يعي لأنه ما جرب ذاك الشعور .

وبالطبع لن تأتيك تلك الطعنة من بعيد أو عدو فلست تثق فيهم أساسا ،بل من أقارب وأصاحب لم تظن بهم سوءً يوما ...

يحضرني قول طرفة بن العبد

وظلم ذوي القربي أشد مضاضة ... على المرء من وقع الحٌسام المٌهند

تختلف حدة ألمها مع اختلاف نوع الخيانة وحتى أيّ قريب أو صاحب هذا الذي خذل وغدر .

أولئك من يخفون وجوههم خلف أقنعة لو أزيحت لأسفرت عن نصف شيطان ما تسرك رؤيته ، يظهرون ما ليس بقلوبهم وذاك أشد النفاق.لن ترتعب من وجوههم تلك فاطمئن لن تراها سوى حين تلقي الطعنة ،بارعون هم في تمثيل الود والمحبة .

لم فعلت..؟

إن بحثت وفكّرت وأمعنت لن تجد مسوغا لفعلٍ كهذا غير مرض القلوب، وإن أصاب القلب علل وأدواء تبعته الجوارح .

أمراض بعيدة كل البعد عما درّسونا،لا تبرأ إلا بأدوية إيمانية نبوية تزكوية،فلن تجد لها أثرا إن أنت شرّحت قلبا مصابا.

حسد ،غيرة ،نفاق،غل ،حقد،أنانية وهلمّ جرّا

لن يستسيغ المصاب بهذه العلل نجاحك وصعودك درجات في دنيا دنيئة ،أو ربما لن يعجبه أن تتحلى بخصال افتقدها ، وقس على ذلك من نعمٍ عُميَت عنها أبصارنا ،ستكون ضربة كهذه كفيلة برد بصرنا إلينا لنراها رؤية واضحة ونقدرها حق تقديرها .

يمكنني تلخيصها في عبارة إلحاق ضرر وأذى .

نِتـاجها !

هاقد انتهكت الثقة التي وضعتها في خائن ما دريت حقيقته،أتُراك ترجع الشخص الذي كنت عليه قبل تجربة هذه الصفعة !

قطعا لا ، ربما بداية إصابة بصدمة تتحدد درجتها تبعا لنوع الخيانة وحدتها ، ثم ستعاني أزمة ثقة فيمن حولك ، سيختار البعض التقوقع حول أنفسهم ولن يقدروا على التعاطي مع أفراد المجتمع بانفتاح معهود .

اسمعني

إن تعرضت لغدر يوما ستفهم ما كتبت، وإن لم يحصل وهو ما أتمنى فلتكن كلماتي تنبيها لك لتراجع علاقاتك جيدا ،ضع صفاء نيتك جانبا مرفوقة بحسن الظن المبالغ فيهما لتحسن التمعن ،فلربما ستستطيع على أقل تقدير أن تعرف بعضا ممن يضمرون لك شرا أو ممن لا يحبون لك الفلاح فتأمن شرورهم ، بسلوكاتهم أو زلات لسانهم ،أو ربما بما يقول لك قلبك إن استفتيته .

ولسنا دعاة شك ،إنما الحذر واجب.

جعلتني تجربة مررت بها أرى بعضا مما أعميت عن رؤيته بسبب ظني أن العالم مثالي ، خير وشر كلاهما ظاهران عيانا ،قريب إليّ يحبني وأحبه،ومن يكرهني ويريد لي سوءً فلن يكون بقربي ببساطة .

حصن نفسك بالأذكار وتوجه لله بالدعاء...كفانا الله إياكم شرور النفوس.