لا تزال آثار جائحة كوفيد-19 تظهر بين الحين والآخر خلال عام 2021 على الرغم من مرور عام ونيّف على أول تفشٍ لها. فمن كان يتوقع أن يُصيب الشلل العديد من القطاعات الهامة في العالم، وأهمها التعليم والعديد من خطوط الإنتاج وانهيار اقتصادات الدول وإفلاس شركات ضخمة وتسريح ملايين الموظفين من أعمالهم! كل ذلك حدث في خلال عام واحد فقط!
هذه الأحداث المتتالية جعلت من عام 2020 مميّزًا، وأجزم أن كتب التاريخ في المستقبل ستُخصص فصلًا كاملًا للحديث عن أحداث هذا العام الذي كان أبعد من أي تصوّر ممكن لبداية العقد الجديد!
وعلى الرغم من الآثار السلبية العديدة التي سادت وعمّت العام الماضي ومطلع العام الجديد، لكن علينا أن نتحلّى بالإيجابية وننظر إلى نصف الكوب الممتلئَ! فالعديد من الناس اليوم يختبرون حالة نفسية تُعرف باسم "نمو ما بعد الصدمة".
هذا المصطلح الذي قد يبدو حديثًا بالنسبة لنا، لكن عمره يبلغ قرونًا من الزمان! ولم يظهر المصطلح بمعناه الحالي إلا عندما طرحه عالما النفس ريتشارد تيديشي ولورانس كالهون العامليْن في جامعة كارولينا الشمالية في منتصف التسعينيات من القرن الماضي.
ويقول تيديشي واصفًا "نمو ما بعد الصدمة":
"إن ما تفعله أحداث الحياة الصعبة هي أنها تجعلنا نضع معتقداتها الجوهرية والأمور البديهية، والتي افترضنا أنها مسلّمات عن أنفسنا في موضع الشك، بحيث يُمكن أن يؤدي صراعنا مع هذه الأمور والتشكيك بها إلى إحداث تغييرات تُعرف بنمو ما بعد الصدمة".
هذا المصطلح، وعلى الرغم من أنه لا يُخفف من وطأة الصدمات التي سبّبتها لنا الأحداث الماضية وأبرزها جائحة كورونا، إلا أنه بلا شك ساعدنا في التعامل مع الآثار الناتجة عن التجارب المؤلمة، والسعي لتحسينها.
وتُشير الأبحاث بهذا الخصوص إلى أن التغيير النفسي الإيجابي أمر لا مفر منه بما يتعلّق بالتعامل مع أزمات فيروس كورونا، على الأقل بالنسبة لجزء من مختبري الصدمات.
وسواء تعرّضنا لصدمة بفعل تأثير جائحة كورونا أو تعاملنا معها كأنها حدث مؤلم ومرَ بحال سبيله، من المهم أن نسعى للتغيير وتسليح أنفسنا بأدوات البقاء والازدهار في أوقات الأزمات.
وعلى نطاق المال والأعمال، نجد أن العديد من الشركات تحاول مستميتة حتى اللحظة الخروج من تداعيات الجائحة الاقتصادية، ما بين تقليل عدد العاملين أو تغيير في الاستراتيجية بأكملها لتتناسب مع المعطيات الجديدة.
كل ذلك يندرج تحت أساليب النمو بعد الصدمة!
وفي النهاية، كيف تغيّرت أفكارك أو ممارساتك خلال هذا الوقت العصيب؟ هل ثمة قيم أو أنشطة تمنحها الأولوية في حياتك بعد اختبار آثار الجائحة ولم تكن قبلًا تولي لها اهتمامًا؟
وما هو الأمر الذي لم يكن ليحدث أبدًا في حياتك لولا تعرّضك لهذه التجربة الصعبة؟
التعليقات