أطفال الشوارع، الفقراء، الشحاذين، المعرضين للعنف، وغيرها .. جميعها مناظر لا تخلو منها الشوارع، ففي كل مرة نطلع فيها نلتقي بهم، منهم من يطلب المساعدة، ومنهم من يكن في مكانه وحاله يشرح نفسه دون أن يتفوه بكلمةً، مع الوقت أصبح دعم ومساعدة الأخرين يتلاشى بل يكاد يكون معدوم!، فلو جلست في مكان به شخص يطلب المساعدة المادية أو المعنوية قد لا ترى شخصًا واحدًا يتقدم لمساعدته !
تأكدت لدي تلك النظرية بمشاهدة برنامج الصدمة، فالبرنامج قائم على فكرة الواقعية، وذلك من خلال تجسيد مشهد تمثيلي لحدث واقعي، كرجل يطلب مساعدة مادية، أو طفل يطلب مساعدة في البرد، أو بائع جائل يتعرض للإضطهاد، أو امرأة تستغيث من الضرب .... وغيرها من المشاهد التي كثرت فيها نتيجة واحدة، وهي مرور العشرات أمام الحدث يكتفون بالنظر والمرور بدون أي رد فعل !
وهذا نفسه ما يحدث في الشوارع تقريبًا، فلماذا كثرت تلك الظاهرة وأصبح الناس يمتنعون عن تقديم يد العون لبعضهم البعض ؟
هناك العديد من المبررات التي يلجأ إليها هؤلاء الأشخاص في تلك المواقف، وأبرزها :
الخوف مع كثرة المشاكل والأحداث التي تُدخل من يُحاول المساعدة إلى قلب المشكلة، أصبح معظم الأشخاص يخشون التدخل لمساعدة الأخرين، ولذلك يكتفون بالنظر دون التحقق، بل ومعظمهم يُسرع أو يُغير إتجاهه للهروب من أي تدخل في المشكلة التي أمامه.
الكذب والإحتيال مع إنتشار ظواهر الإدعاء بغرض السرقة أو النصب، فأصبح الناس يخشون اعطاء الصدقات حتى لا تذهب لمن لا يستحق، بل وحتى أصبح هناك فئة تخشى السرقة وسط إزدحام المشاكل، فلا يرغبون في التدخل ويُفضلون الحفاظ على أنفسهم وأموالهم.
إعتياد الأمر يُقال أن كثرة رؤية أمر ما تُفقد الإنسان حماسه تجاه هذا الأمر، ككثرة رؤية الفقراء في الشوارع التي أصبحت أمر عادي، أو كثرة المشاكل والعنف الذي جعل بعض الناس لم يفزعوا منه ويمرون من أمامه وكأنه أمر طبيعي.
قد تكون تلك المبررات طبيعية ومنطقية، ولكن ماذا عن هؤلاء الذين يحتاجون المساعدة الحقيقية وقد يتوقف مصير حياتهم على تلك المساعدة أحيانًا.
من المواقف التي حدثت بالقرب مني، هو موقف تعرضت له إحدى صديقاتي مع زوجها وبناتها حيث تعطلت سيارتهم على طريق سفر، ونزل زوجها حاول الإستغاثة ولكن لم يقف له أحد !
بعد ساعة تقريبًا إضطرت إلى نشر منشور على مواقع التواصل الإجتماعي تطلب إستغاثة من أي شخص قريب منهم ولكن لم يذهب لهم أحد واكتفى البعض بالتفاعل فقط، وفي النهاية اتصلت بأخيها الذي كان في محافظة تبعد عن طريق السفر بمسافة حوالي 4 ساعات، واغلقوا السيارة عليهم واضطروا للإنتظار حتى وصل إليهم !
برأيكم .. ماهي الأسباب التي جعلتنا نمتنع عن مساعدة الأخرين ؟ و كيف يُمكن حل ذلك لتعود الإنسانية وتقديم الدعم والمساعدة مرة أخرى بيننا ؟
التعليقات