صراع الأجيال
ان صراع الأجيال صراع قديم جديد لم يهدا في أي فترة من الفترات وان اختلفت صوره و مظاهره . ولعل الباحث في تفاصيل هذا الصراع يلاحظ تجلياته في ميادين كثيرة بدءا بسوق العمل مرورا بأحزاب السياسة الى الشركات الاقتصادية وغيرها الكثير .
ولقد اصبح الجمع بين همة الشباب و حكمة الشيوخ مطلبا شديد الأهمية يزداد الطلب عليه يوما بعد يوم و لا يمكن لهذا المزج الا ان يكون في صالحهم جميعا . ذلك لان الشباب يتمتعون بقوة بدنية وصحة عالية و الشيوخ يتمتعون بعين ثاقبة و رؤية حازمة .
ان تقريب وجهات النظر بين جيلين متغايرين سينتج عنه الية عمل ترفع من شان المجتمع فترى مجتمعا باجساد الشباب و عقول الشيوخ .
والفوائد الناتجة عن تقريب وجهات النظر تسهيل عملية النمو و ثانيها انقاذ الشباب من من تجارب الفشل العميقة بعد تلقيحهم بلقاح الحكمة و التجربة . كما أن هذا التقارب يحافظ على حيوية المجتمع من خلال ربط حيوية الشباب بحكمة الشيوخ و هذا ثالث المكاسب المحققة و القائمة تطول .
ومعلوم أن عزل كل جيل عن الاخر و بناء الحواجز بينهما سيؤدي في قادم الايام الى مزيد من سوء التفاهم وظهور بئر الصراع . فالشاب يملك سيفا حادا ولكنه لا يعرف في وجه من يستخدمه و الشيخ يعرف تلك الوجوه جيدا ولكن خنجره الحافي يجعله عاجزا امامهم . ولعله بين الحين و الاخر يقع المحذور فيحمل الشاب سيفه على الشيخ الضعيف اما طلبا في الظهور بعد الظمور او رغبة في الاصلاح بغير سلوك سبيله فيخسر المجتمع من الجهتين .
ان تقريب وجهات النظر بين الجيلين سينتج الية عمل ترفع من شأن المجتمع فترى مجتمعا بأجساد الشباب و عقول الشيوخ . وما أجملها من حياة عندما يعرف الشيوخ أن دورهم الأعلى و مهمتهم الأخيرة هي تعبيد الطريق الوعرة أمام جيل شاب يصعد على مصاعد صاروخية اكيد انها لم تكن موجودة أيام السلاسل الخشبية التي صعد عليها الشيوخ وقتها .
ومن غير المشكوك فيه أن لكل زمان ما يميزه عن غيره . فالحاسوب الذي يراه الشيخ مجرد تلفاز متطور يراه الشاب على أنه جهاز الحضارة الذي يفتح الباب على صراعيه امام مستقبل مشرق . و بالعكس فما يراه الشاب من محراث قديم عديم النفع يراه الشيخ وسيلة العيش و الطريق نحو العزة و الشموخ .
ومعلوم أن تأجيج الخلافات بين الجيلين سيؤدي في نهاية المطاف الى ميلاد جيل هجين من الكهول العالقين بين اجساد الشيوخ المريضة و عقول الشباب الطائشة فينهار المجتمع و يخسر القوة و الحكمة . ولعل هذا الجيل الجديد من الكهول سيأتي عليه الدور بعد عقود من الزمان ليعيش اأزمة في الهوية انها ليست بحثا عن لغة أو وطن أو دين أو مذهب ولكنها من نوع خاص انها أزمة البحث عن جيل يناسبهم و هيهات .
ولاشك أن تحسن ظروف الحياة و ارتفاع معدل الأعمار سيؤدي الى ازدياد نسبة المسنين . فلا تكاد تمر عشرات السنين حتى ترى جيلا من شيوخ الشيوخ بأعمار تبدأ من سن التسعين فما أعظم الفوهة يومها بين جيل العشرين و جيل التسعين فهل سنعيش حتى ندرك ذلك الجيل وما الاعمار عند ربك بقليل .