داخل عقلي هناك صورة عني لكن لا تشبه واقعي، في الواقع أنا ناجح لكن الصورة بها نجاح يفوق هذا بمراحل، أنا مرفه لكن لا مقارنة برفاهيتي في هذه الصورة المتخيلة.
في البداية كنت أحاول تطوير هذه الصورة واستمتع كثيراً بذلك، لكن مع الوقت اكتشفت أنني ارتكبت جرم بحق نفسي، خلقت فجوة جعلتني لا أشعر بأي إنجاز ولا المس أي تقدم بحياتي.
فكيف نعالج الفجوة بين الواقع والصورة المتخيلة بالعقل دون أن نتحول إلى نسخ غير طموحة وحالمة؟
أفهم ما تقصده وجميعنا يشعر بالأمر لأنه يحاول أن يرى أفضل نسخة من ذاته، وأرى أن الحل لا يكون في كبت الصورة المتخيلة أو الهروب من الواقع، بل في ردم الفجوة بينهما بخطوات عملية ومتزنة دون قسوة على الذات، فمثلًا إن كنت تتخيل نفسك رائد أعمال عالمي، فابدأ بخطوة صغيرة كإطلاق مشروع بسيط، واحتفل بكل نجاح تحققه، حتى لو كان بسيطًا لأن المشكلة لا تكمن في الطموح، بل في تجاهل الواقع وعدم تقدير ما نحققه بالفعل، فالموازنة بين الحلم والواقع هي مفتاح الاستمرار دون أن نفقد شغفنا أو احترامنا لذاتنا.
لو صح فهمى لكلامه فهو يسأل كيف نصل بين ظننا أننا رواد أعمال ناجحين كما نظن ونعتقد وبين أننا رواد أعمال متوسطى الأداء فى الواقع بل قد نكون الأسوأ؟! كيف إذا نسد الفجوة بين الحلم والواقع؟! وبالمناسبة قد يكون إحتفالنا بالنجاح هوا مبالغة مثلاً إذا كنا نظن أن أدائنا مميز ولكن ماحققنه سئ ومشين واقعياً؟! كيف نحدد؟!
أنا لدي تفسير مختلف للأمر. برأيي المشكلة ليس في تفاوت نسبة أو حجم النجاح بين الخيال والواقع، بل بالدافع النفسي والسبب وراء السعي وراء النجاح الهائل، فقد لا يكون السبب هو النجاح نفسه بشكل مباشر، ولكن رغبة من الإنسان في أن يُرى، أو يتم تقديره، أو يثبت قيمته، ولا مشكلة من أن يريد الإنسان هذه الأشياء ولكن المشكلة إذا كانت هناك بعض المواقف أو التجارب التي مر بها وجعلته بحاجة زائدة لها، كشخص كان مهمش في عائلته أو في وسط أصدقائه، أو كثيرا ما كان يتم انتقاده أو التنمر عليه، كل هذه التجارب المؤلمة ستخلق له دافع وراء اثبات النفس بتحقيق أشياء ربما تكون غير مناسبة مع واقعه أو مبالغ فيها لأنه في الأساس قد وصل لمستوى ممتاز ولا يحتاج لأن يقسو على نفسه أكثر من ذلك.
إن علم انه متأثر بشئ كهذا ما المانع فى أن يجد من يسد له هذا الأمر بصدق إن كان يؤثر معه إيجابياً.
أو أن يجلس مع نفسه ليحل مشاكله بنفسه.
هو حقا مؤثر بشدة معي وبصدق أبحث عن حل، لقد غذيت هذه الصورة داخل عقلي إلى أن وصلت لحالة أنني لا ارضى بأي إنجاز أو خطوة فقط اهرول نحو الخطوة التالية حتى الحق الصورة التي خلقتها بعقلي وهذا شقاء
بالنسبة لي هذه الحالة لا تنطبق مع ما أمر به ولكن أتفق أنها مسار آخر من نفس هذا التأثير ونوع مطابق لنفس هذه الفجوة، أنا يتم تقديري ورؤيتي والاعتراف بي واحظى بأكثر ما قد يحلم به أحد ولكن ازمتي بيني وبين عقلي الذي يأبي مع كل نجاح أن يعترف بذلك وكأنه يقول لم تفعل شئ بعد
المصيبة أنني أعرف الدافع، كنت بالصغر مصيبتي أنني أراني لا شئ، ومع الوقت بدأت أقرر أن أكون الأفضل في العمل اللعب الدراسة المنزل، أنا وصلت لمرحلة أنني اجهز الطعام أفضل من نساء عائلتي!!، واليوم أنا الأفضل ولكن مصيبتي في الصورة التي جعلتها صنم عملاق للغاية داخل عقلي
المصيبة أنني أعرف الدافع، كنت بالصغر مصيبتي أنني أراني لا شئ،
جميل أنك حددت السبب هذه بداية حل ولكنك لم تحدد مسبب! من أو ما الذي جعلك تظن هذا؟
لا يوجد طفل سيحمل هذا الانطباع عن نفسه من اللاشيء لا بد وأن محفز من البيئة المحيطة به تسبب في زرع ذلك في نفسه.
بالحقيقة أنا من حملته، الأمر بدأ بسبب خوف الاطفال من علامات جلدية ( بهاق واضح) بسببه لم ألعب معهم لم ادخل المكتبة لم اشارك في لوحة الفصل وحفلة العام وحصة الالعاب وصورة ختام العام كنت اشطر طالب ولكن كنت الطالب الذي لو غاب العام كله لن يفتقده سوى المقعد الذي يحتويه بمفرده بعدما خاف الجميع من الجلوس عليه جواري، كبرت وكبر الانطباع إلى أن التهمني اليوم
جميل أنك وصلت لأصل المشكلة يا اسلام هذه خطوة هامة جدا. الآن يجب أن تحلل هذه المشكلة. أنت شعرت بالاستقصاء بسبب شيء ليس لك أي دخل به ولكن لم يكن من المفترض أن بحدث معك ذلك. هذا ليس خطأك ولا حتى خطأ الأطفال الصغار لأنهم ببساطة أطفال. الخطأ كان على بيئة المدرسة التي لم تعلمهم أن البهاق ليس مشكلة من الأساس لكي يخافوا منه أو يحتاجوا لتجنبه. ولكن ما حدث ما قد حدث. الآن لم تعد أنت طفل ولم يعد هم أطفالا! جميعكم كبر وأصبح مدرك بشكل واعي أن البهاق ليس مشكلة وليس عيب. وبالتالي يا اسلام أنت لست مضطر لفعل أي شيء لتثبت عكس ذلك. حل مشكلتك عندك يا اسلام أنت من يجب أن تصدق من داخلك أنك لست مضطر أن تثبت لأي حد أي شيء لأنك مثل هؤلاء البشر جميعا. هل جميعهم عليهم فعل إنجازات جبارة ليشعروا بالرضا عن نفسهم أو يحظوا بالقبول؟ لا، بالطبع. إذا أنت أيضا لست مضطر لذلك.
هذا ما اقصده بالفعل أن أجد طريقة لمعالجة هذه الفجوة التي تقتلني ولكن بطريقة مرنة وآمنة لا تقتل طموحي وتبطئ من حلمي وخطواتي والمزعج أنني جربت كثيراً ولكن دون نتيجة واحدة
هذه الحلول صعبة، فأنا مثلاً في خيالي أنني سأصبح يوم مدير إقليمي في مؤسستي، اليوم أنا اصغر مدير عمليات سنا ومن اكبرهم خبرة وتأثير لكن لم احتفل لعجزي عن ذلك فالواقع به مدير عمليات والخيال به مدير إقليمي كلما قارنت هذا بذاك اشعر انني لم أفعل شئ
بقياس نجاحاتك أن تضع مقياس لنجاحك مثلاً كم أنا ناجح فى الأمر هذا؟! هل نتائجى جيدة أم أنى أظن أنى الأفضل ونتائجى لاتؤكد هذا، فالنتائج تكذب أى قول إن كان سلبي او إيجابي فلو أن قولى سلبي وأقلل من شأنى فقياس النتائج ورؤيتها بشكل ما سيجعلنى أرى نفسي بقيمة مناسبة، وتفخيمى فى نفسي سيجعلنى أرى نفسي بقيمتى الحقيقية إذا شاهدت نتائجى بعد قياسها بأى وسيلة قياس كأن أدون النتائج وأجمعها يوماً بعد يوم بشأن شئ محدد فى نوت بوك مثلاً.
الفكرة ليست في تقييم الواقع فأنا أفعل ذلك واكون صادق في التقييم وفق خطة ومعايير، لكن الأزمة تبدأ عندما أجد النجاح الذي قدرته في الواقع ضئيل ولا يعني شئ مقارنة بهذا الذي أنا عليه في الصورة المتخيلة داخل عقلي وهنا يبدأ الشعور بالنقص عندي والذي يسبب لي إرهاق وحزن كبير للغاية
ما تمر به يا إسلام شيئ طبيعي جدًا وليس هناك من أحد من العالمين إلا القلائل أو النوادر ( هؤلاء الذين تصالحت ذواتهم مثل الأنبياء و القديسون) لا يخبرون ما تخبره أنت عن نفسك. بمعنى أني كنت من فترة أقرأ للطبيب النفسي أحمد عكاشة فيقول: لكل منا أو لكل شخص ثلاث ذوات: الذات الإجتماعية كما يرونها الناس وما يروه عليك فعلاً و الذات الشخصية أو المثالية كما تحلم بها أنت ثم الذات الواقعية التي تظنها في نفسك وتريد أن ترتقي بها إلى المثالية. واعتقد طبقاً له لا مشكلة من أن تطمح للوصول إلى ذاتك المثالية وأنك ترها متحققة موجودة فعالة حتى ولو بعد حين. هذا ليس سيئًا على الإطلاق ولكن حاول كما قالت الصديقة @BasmaNabil17 أن تردم الفجوة بين الذوات الثلاثة لتعيش في انسجام مع نفسك وتتصالح كل هذه الذوات جميعاً.
جيد هذا التشبيه واذكر أنني سمعته على لسان محاضر لكن لا هو ذكر الحل ولا أنت ذكرته تقريباً، كيف اقنع نفسي أن ذاتي في الواقع هي الذات المثالية إقناع ليس به شك أو تظاهر بحيث استطيع تصديقه وتطبيقه!
شعرت كثيرًا بأن هناك فجوة بين ما أنا عليه فعلًا وبين الصورة التي أرسمها في ذهني عن نفسي أحيانًا أكون ناجحة ومرتاحة وأحقق خطوات ثابتة في حياتي لكن رغم ذلك لا أشعر بالرضا وكأنني أقارن واقعي دومًا بنسخة مثالية متخيلة لا تخطئ ولا تتعب اكتشفت أن هذه الفجوة مع الوقت بدأت تسرق مني شعور الإنجاز وتخليني دايمًا أحس إن اللي بعمله مش كفاية بدأت أراجع نفسي وأسأل هل الصورة اللي في ذهني طموح ولا عبء؟ وقررت وقتها إني أكون أكثر واقعية وأتقبل إن النمو بييجي بالتدريج وإن الطموح مش معناه أرفض كل اللي وصلت له بل أقدّره وأسعى أطور نفسي وأنا ممتنة لخطواتي مش نادمة عليها
ولكن أنا أحاول فعل ذلك وافشل واعود للاحتفاظ بهذه الصورة مرة أخرى والاستمرار في تغذيتها، أشعر داخل عقلي أنني لو تخليت عن هذه الصورة اتخلى عن عقلي ونفسي واسمح لها بالنمو البطئ والتراجع والتأجيل والكسل وغياب الدافعية وكأن هذه الصورة تمثل طموحي واحلامي كلها لو فقدتها فلن أحقق شئ له قيمة
أفهم جيدا ما تمر به لأنني مررت بشيء يشبهه كثيرًا فكرة التعلق بصورة مثالية للنفس تبدو محفزة من الخارج لكنها في العمق مرهقة جدًا أشبه بأن تعيش في سباق لا ينتهي مع نفسك وكلما اقتربت خطوة شعرت أنها لا تكفي وأنك يجب أن تبذل أكثر كي تستحق رضاك عن ذاتك أحيانًا نظن أن التخلي عن هذه الصورة المثالية هو تخلي عن الطموح أو القوة أو الحلم لكن في الحقيقة إدراك أن الإنسان ينمو ويحقق الإنجازات من مساحة من التقبل والرحمة لا يعني التراخي بل هو اعتراف بأن الدافع الحقيقي لا يأتي من جلد الذات بل من مرافقتها في الطريق بتفهم أعتقد أن الصورة التي نحتفظ بها لأنفسنا يجب أن تكون مرنة تسمح لنا بالتطور دون قسوة وتقبل التباطؤ أحيانًا دون أن نشعر أننا فشلنا ما دام هناك نية صادقة للسعي فإن التخلي عن الضغط لا يعني نهاية الطموح بل ربما بدايته الحقيقية
ولكن كيف لهذه الصورة أن تكون مرنة وأن تكون معنا في طريق السعي لا علينا به، أنا لا أستطيع تصور نفسي سوى في هذه الصورة بهذه الحالة، والمزعج أن هذه الصورة لا تثبت على وضع بحيث أقول أنني قد الحقها بيوم، فكلما انمو هي تنمو وكلما أكبر تصبح أكبر وكلما حققت نجاح اجد عقلي تصورها قد حققت اضعافه!
التعليقات