كيف نشرح لطفل أن ليس كل من يبدأ معنا يكمل الطريق؟

سأقول له: يا صغيري تخيل أن الحياة مثل حديقة كبيرة نمشي فيها مع أصدقاء وأحباب، وكل واحد منهم عنده طريق خاص يجب أن يمشيه في وقت معين، مثل عندما نلعب مع صديق ثم يناديه والده ليعود إلى البيت، نحن نحزن لأنه غادر لكننا نفهم أنه لم يتركنا عن قصد.

وهكذا في الحياة، الناس يأتون ويرحلون، ونحن نكمل طريقنا ونقابل أشخاصاً جدداً، لكن نحتفظ في قلوبنا بمن كانوا معنا ونتذكرهم دائماً بمحبة.

أرى أن الأمر يبدأ بتقديم الحياة له كقصة مليئة بالشخصيات الجميلة، لكن لكل منهم دورا وزمنا نعلمه أن بعض الأصدقاء مثل الزهور: يأتون في فصل ويغيبون في آخر، لكن عبيرهم يبقى في الذاكرة.

لا نغرس فيه الخوف من الوحدة، بل نعلمه أن في داخله رفيق دائم: قلبه، خياله، وربه.

المهم ألا نحمله قسوة الواقع دفعة واحدة، بل نهيئه لها عبر الحنان، والقصص، والصبر.

سؤال جيد جدًا إسلام، بما أنني من المؤيدين لفرادنية الرحلة، التي يكتمل جمالها بدعم الآخرين بالطبع، ولكنها فردية لا محالة. ففكرة إيصال المعلومة للطفل من الصغر تحتاج إلى زرع أفكار بجانب تشجيع سلوكيات، فمثلًا إيصال فكرة "الاعتماد على النفس" هي بوصلة قوية للفكرة الأكبر، بمعنى تشجيعه على القيام بالمهام الصغيرة فالأكبر بنفسه، ثانيًا عندما يأتيني بمشكلة، أقول له بأن يحاول حلها مرة واثنين وأتابع سلوكياته، وأتدخل فقط في حالة تجاوز الأمر قدراته، وعندما يكبر قليلًا، يجب أن أتحدث عن مفاهيم كالفقد والموت باصطلاحات مناسبة لكل سن على حدة، حتى يتكون عند الطفل مفهوم "أن كل الأشخاص سنفقدهم لا محالة" وأن ذلك يدعو للشيئين: الأول هو الاستمتاع بلحظاتنا مع من نحبهم والتعبير عن مشاعرنا السيئة والجيدة باستمرار، والثاني هو معرفة أن الشخص عليه أن يتعلم كيف يعيش بمفرده، يتجاوز صعابه، ولا يعتمد كليًا على وجود الآخرين، حتى لا يصطدم فجأة بغيابهم.

أعتقد أن مفتاح شرح فكرة الوحدة في رحلة الحياة لطفل صغير يكمن في تبسيطها وربطها بتجارب ملموسة يفهمها. يمكننا أن نبدأ بالحديث عن أن كل واحد منا مميز وله طريقه الخاص في هذه الحياة، تمامًا مثل أننا نلتقي بأصدقاء ورفاق في محطات مختلفة داخل قطار، ونقضي معهم أوقاتًا جميلة ونشاركهم اللعب والضحك، ولكن لكل منهم أيضًا طريقه الخاص الذي قد يأخذه إلى مكان آخر في وقت ما. مثل قطار، نصعد في محطات مختلفة وينزل ركاب آخرون، وهذا لا يعني أن الرحلة انتهت أو أننا أصبحنا وحيدين للأبد، بل هي فرصة للقاء ركاب جدد ومشاركة قصص جديدة. الأهم أن نركز على الذكريات الجميلة التي جمعتنا بمن رحلوا وما يمكن أن نتعلمه منها من دروس تجعل تجاربنا أجمل مع الأشخاص الجدد الذين نتعرف عليهم .

أعتقد أن الإجابة سوف تتحدد أو تختلف باختلاف الموقف أو نوع الغياب الذي تتحدث عنه.

فغياب الموت قد أقوم بتهيئته للطفل عن طريق شرح فكرة الموت نفسها للطفل من خلال أمثلة من حوله، فمثلًا قدا استغل موقفًا لموت حشرة أو نبات وأشرح له أنها هكذا ماتت وأصبحت غير موجودة هنا ولن تتحرك مرة أخرى، ثم اتجه بعدها بمدة لشرح موت الأشخاص وأن هذا الشخص حين يموت فإن جسده هو فقط من يموت لكن بداخلنا شيء اسمه روح لا تموت، ونحن سنرى هذا الشخص مرة أخرى في الجنة وليس هذا هو الفراق الأخير ولكنه فراق أو غياب مؤقت.