أصبح كتمان النجاح بالنسبة لي ضرورة تحمي النفس من الحسد والضغوط غير الضرورية، خاصة في عالم يكثر فيه من ينتظر سقوط الآخرين ليشعروا بالراحة، فأحيانًا المشاركة المفرطة في الإنجازات تجلب متاعب لا داعي لها، لذا أفضل الاحتفال بصمت وراحة داخلية، لكن في نفس الوقت لا أنكر متعة الفرح والمشاركة مع من أحبهم حقًا، ولكن بحذر وفي الوقت والمكان المناسبين. من وجهة نظركم، ما هي الطرق التي تعتمدونها لحماية أنفسكم نفسيًا واجتماعيًا عند تحقيق النجاحات؟
كتمان النجاح أصبح ضرورة لحماية النفس
الفطرة السليمة تميل إلى مناقشة أمور الحياة ومشاركتها مع الآخرين، فالبشر بطبعهم اجتماعيون، يحبون أن يتقاسموا الفرح والنجاح كما يتقاسمون الألم والمحن.
لكن مع مرور الوقت وتجارب الحياة، بدأت أدرك أن ليس كل من حولك يتمنى لك الخير بنفس القدر، وأنّ النية الطيبة لا تُقابل دائمًا بنفس الطيبة.
من هنا، تنشأ الحاجة إلى التوازن:
أن تُشارك إنجازاتك، لكن بحكمة ووعي، ومع من تثق بهم فعلًا.فليس كل صديق هو أهل للفرح معك، وبعض القلوب تضعف أمام النجاح إن لم تُهذّب بالرضا والقناعة.
كيف أحمي نفسي نفسيًا واجتماعيًا عند تحقيق أي نجاح؟
اولا الاحتفاظ ببعض النجاحات لنفسي حتى تنضج أو تُثمر، ثم أشاركها في الوقت المناسب و اختيار دائرة ضيقة من الأشخاص الذين أثق بهم فعلًا وأشعر معهم بالأمان النفسي و الامتنان الداخلي: أفرح لنفسي، وأدوّن نجاحاتي كنوع من الاعتراف بالجهد، دون الحاجة إلى إعلان دائم و الفصل بين العمل والعلاقات الشخصية، فليس كل إنجاز مهني يصلح للمشاركة في الدوائر الاجتماعية و الدعاء بحفظ النعمة، وعدم ربط قيمتي الشخصية بردود أفعال الآخرين.
ما زلت أؤمن أن الفرح الحقيقي لا يكتمل إلا حين يُشارك،
لكن بشرط أن يكون في حضرة من يستحقه.
بالفعل أصبحت مؤمنة بأن بعض الأحلام تشبه البذور، تحتاج هدوء التربة ودفء العناية قبل أن تُرى فوق السطح، كلما سارعت في الحديث عن مشروع أو فكرة، شعرت وكأن شيئًا ما يتعثر فجأة، لذلك صرت أستمتع بكتمان التفاصيل، لا من باب السرية بل من باب الحماية، أُخبئ إنجازاتي الصغيرة مثل مفاجآت، أُهديها لنفسي أولًا ثم لمن يقدر قيمتها لاحقًا، أعتقد أنه لا بأس ببعض الغموض الجميل، طالما النوايا طيبة والخطى ثابتة.
يجب أن نفرق في النجاح بين كتمان الكفاءة وكتمان الدخل..
بالنسبة للكفاءة (وهذا في رأيي): يجب أن يظهر الإنسان جهوده وجديته وكفاحه في العمل، فهذا من الجوانب الخيّرة وحتى أن له أثر طيب مستقبلاً.
بالنسبة للدخل (أو ما يشير إليه - مثل عدد مجموعات الدروس للمدرس): فلا يجب إظهار ذلك لأحد، إلا لمن نثق أن نجاحنا يسعدهم، ويقدرون على صون الأسرار، وهذا يتوفر في الأب والأم فقط.
المشكلة أنه حتى أبسط مظاهر الكفاءة والاجتهاد أصبحت تزعج البعض لا لشيء سوى الغيرة! كأن التفاني في العمل بات يفسر على أنه استعراض، أو محاولة للتميز على حساب الآخرين، مع أن الاجتهاد حق مشروع بل ومطلوب، من المؤسف أن يتحول الجهد الصادق إلى مصدر توتر بدل أن يكون مصدر إلهام، وكأن تألق أحدهم يُشعل في النفوس ضيقًا بدل أن يشعل الحماسة.
كنت شاركت في بداية عملي بالمجال الخبر وحين كنت أبدأ مشروعًا أو فكرة جديدة كنت أشارك وأطلب الدعم ممن أعرفهم، لكن مع الوقت أدركت أن هذا لا يناسبني، فهو يضع ضغطًا عليّ لكي أظل أشارك وأُظهر نجاحي ومدى ما وصلت له، في حين أنه مرت بي فترات توقفت فيها عن العمل أو لم أوفق في فكرة معينة، وما زاد الطين بلة هو الأوقات التي كنت أحتاج فيها الدعم حقيقة ولا أجده إلا من بعض أشخاص معينين والباقي لا، بالإضافة إلى بعض الهمزات واللمزات أو السخرية المُقنعة أحيانًا، وكذلك فضول البعض بطريقة مؤذية لمعرفة ماذا تفعلين وما دخلك الذي لديهم بالفعل تصورات عنه ربما تكون خيالية، وقد يستاءون من رد فعلي كأنني لابد أن أشارك كل تفاصيل حياتي معهم بينما هم شخصيًا لا يفعلون ذلك!!
لذلك توصلت في النهاية لاستنتاج أنني في غنى عن كل ذلك.
وكذلك فضول البعض بطريقة مؤذية لمعرفة ماذا تفعلين وما دخلك الذي لديهم بالفعل تصورات عنه ربما تكون خيالية، وقد يستاءون من رد فعلي
مثل هؤلاء الأشخاص لا ينفع معهم إلا الصد والإحراج المباشر، شخصيًا كنت أخجل من الرد عليهم، لكن بعد الكم الهائل من التطفل الذي مررت به، أصبحت أكثر جرأة في وضع الحدود، الآن لم أعد أسمح لهم بالتدخل أو التطفل على حياتي الشخصية، بل صار لدي القدرة على الرد بطريقة لبقة تضع حداً لأي فضول غير مرغوب فيه.
أتفق معك لأنني أصبحت أرى أن كتمان النجاح أحيانًا ضرورة وليس خيارًا فالعين لا ترحم والحسد قد يأتي من أقرب الناس دون قصد لذلك صرت أحتفل بنجاحي مع نفسي أو مع دائرة صغيرة جدًا أثق بها دون الحاجة إلى إعلان كل خطوة أو مشاركة كل إنجاز أرى أن الاحتفال الحقيقي هو شعور الرضا الداخلي وليس عدد التهاني من حولنا أما عن حماية النفس فأعتقد أن أفضل الطرق هي الدعاء واليقظة النفسية وعدم إعطاء كل الناس مفاتيح تفاصيل حياتنا
على العكس تمامًا، أجد صعوبة شديدة في كتمان أي لحظة نجاح أمرّ بها أو اي شئ آخر يسعدني. لا يشغلني وقتها إن كان من حولي سيحسدني أو يسيء الفهم، لأن فرحتي تدفعني تلقائيًا للمشاركة. فحين أشعر بسعادة حقيقية، أحتاج أن أُخرجها وأشاركها مع من حولي، لا بدافع التباهي، بل لأنها طاقة داخلية لا أستطيع كبتها! وأنا أعلم جيدًا أن هذا التصرّف قد لا يكون هو الأصوب دائمًا، وربما لا يناسب طبيعة الناس أو الواقع الذي نعيش فيه، لكن بصراحة شديدة، هذه طبيعتي، ولم أستطع حتى الآن أن أتخلّص منها أو أغيّرها، رغم يقيني بأنها أحيانًا تُسبب لي متاعب لا داعي لها.
التعليقات