رغم تطور الوسائل التي توفر الوقت وتقلل الجهد، يشعر كثير من الناس بأنهم لا يملكون وقتًا كافيًا لحياتهم.
فهل المشكلة في قلة الوقت، أم في كيفية استخدامنا له؟ وهل فقدنا مهارة العيش ببساطة وسط تسارع الحياة وتدخل التكنولوجيا ؟.
منذ نشأة الكون حتى يومنا هذا اليوم ٢٤ ساعة لم يتغير، لكن شعورنا الحالي بعدم امتلاك الوقت الكافي يأتي من كثرة المشتتات، لم تعد المشكلة أننا مشغولون فقط، بل أننا مشغولون طوال الوقت بأشياء كثيرة، وقليلة القيمة. اليوم، نعيش كل شيء دفعة واحدة نأكل ونشاهد ونتواصل ولا نحس بأي منها.
فالحل لا يكون بالمزيد من التطبيقات لتنظيم الوقت، بل بـالوعي بكيف تقضي وقتك فعليًا. الجرأة على قول "لا" لما لا يضيف لحياتنا، واستعادة لحظات السكون، والبساطة، والانتباه الكامل.
منذ نشأة الكون حتى يومنا هذا اليوم ٢٤ ساعة لم يتغير، لكن شعورنا الحالي بعدم امت.
وكأن الحياة اليوم تُشبه الحياة منذ نشأة الكون فعلًا
هل نعيش بنفس الإيقاع؟ بنفس الضغوط؟ بنفس الحضور الذهني؟
الزمن قد يكون ثابتًا، لكن شكل العيش داخله تغيّر تمامًا، وهذه المقارنة تفتقد للإنصاف..
يكون بالمزيد من التطبيقات لتنظيم الوقت، بل بـالوعي بكيف تقضي وقتك فعليًا. الجرأة على قول "لا" لما لا يضيف لحياتنا، واستعادة لحظات السكون
هل يستطيع الإنسان أن يستعيد سكونه بينما هاتفه، عمله، خوارزميات الإنترنت، رسائل العائلة، ضغط الوظيفة، والتوقعات الاجتماعية كلها تلاحقه؟
وكأن استعادة التركيز قرار بسيط نضغط عليه من داخل الإعدادات
ولمَ دائمًا نفترض أن الناس تفتقد الوعي؟
ألا يحتمل أنهم واعون تمامًا بما يفقدونه، لكنهم ببساطة مرغمون على هذا الإيقاع المُنهك؟
هناك فرق كبير بين من يُشتّت نفسه هربًا، ومن يُشتّت رغمًا عنه.ثم لنكن أكثر واقعيه من قال إن كل مشغولياتنا قليلة القيمة؟أحيانا هذه التفاصيل الصغيرة الأكل أثناء التصفح، الحديث السريع، التنقل بين مهام كثيرة ليست سطحية، بل محاولة للبقاء واقفين في عالم لا يمنحنا لحظة لالتقاط أنفاسنا.
هدفي لم يكن مقارنة "الآن" بـ "نشأة الكون" حرفيًا، بل كان نوعًا من التذكير أن عدد الساعات لم يتغير لكننا نحن من تغيّرنا أمامها.
ولمَ دائمًا نفترض أن الناس تفتقد الوعي؟
ألا يحتمل أنهم واعون تمامًا بما يفقدونه، لكنهم ببساطة مرغمون على هذا الإيقاع المُنهك؟
أنا لا أحمّل الأفراد المسؤولية الكاملة، ولا أزعم أن استعادة السكون قرار بسيط كما في إعدادات الهاتف، بل أؤمن أن الضغوط حقيقية، والإيقاع مرهق، والمشتتات أحيانًا مفروضة علينا. لكن في المقابل، هناك جزء ولو بسيط من تلك الفوضى يمكن التحكم فيه، وهنا تأتي فكرتي عن الوعي، ليس وعيًا مثاليًا أو تنمية بشرية سطحية، بل وعي واقعي، يميّز بين ما يمكن ضبطه وما لا يمكن. مثلًا هل من الضروري أن نبدأ اليوم بتصفح الأخبار السلبية؟ هل يمكن إطفاء إشعارات معينة؟ هل كل مكالمة أو رسالة عاجلة فعلًا؟ هل من الممكن قول "لا" لبعض المهام الإضافية أو الاستنزاف الرقمي؟
كلها محاولات بسيطة لاستعادة مساحات صغيرة من التركيز وسط هذا الطوفان.
حسنًا نورا ... يبدو أننا دخلنا مرحلة أنا لم أقصد حرفيًا و"أنا معكم لكنني أقول شيئًا آخر تمامًا".
جميل أنك لم تقصدي المقارنة بنشأة الكون حرفيًا، رغم أنك استخدمتها كمدخل، لكن الأهم من المدخل هو المعنى الذي خُتم به التعليقك أن الوقت لم يتغير، ونحن من تغيّر.
وهنا بيت القصيد لستِ فقط تذكّرين، بل تلميحك واضح أن الفوضى التي نعيشها اليوم قابلة للضبط… فقط إن وعينا...
وهل تظنين أن من يغرق في دوامة العمل، والضغوط، والتشتت، والتفكك الداخلي… ينقصه فقط إطفاء إشعارات معينة وعدم الرد على مكالمة؟
هل هذه حلول حقيقية، أم مجرد ترف تنظيري يرتديه من يملك رفاهية المسافة من الصراع؟
كلها محاولات بسيطة لاستعادة مساحات صغيرة من التركيز وسط هذا الطوفان.
هل تدرين كم من الناس باتوا يستدينون وقتًا للنوم؟
هل هذه المساحات الصغيرة تكفي لبناء حياة؟ أم أنها مجرد فتات نلتقطه من مائدة عالم يأكلنا حيًّا؟
ليتك قلتِ أنا أقدّم نصيحة بسيطة، وانتهى الموضوع.
لكن عندما تأتين بفكرة وعي واقعي وكأنك تقدّمين وصفة إنقاذ… فأنتِ للأسف، تدورين في حلقة الوعي النخبوي الذي يُلقي حِكمًا لطيفة، ثم ينسحب بهدوء من عمق المأساة. الوعي لا يُستعاد بالأسئلة البلاغية، ولا بهل يمكن أن تقول لا؟
بل يبدأ من السؤال الحقيقي....
لماذا صارت كل اختياراتنا خاضعة لابتزاز يومي، يجعل حتى الرفض فعلًا مكلفًا؟
دعني أوضح أمرين قبل أن أُوصَف بأنني أقدّم ترفًا تنظيريًا أو وعيًا نخبويًا
هناك فرق كبير بين التبسيط المُخل، وبين الاعتراف بأن هناك هامشًا ولو ضيقًا يمكن للفرد أن يتحكم فيه وسط كل هذا الطوفان.
لم أقل إن إطفاء الإشعارات سيغيّر الحياة، بل ذكرت ذلك كمثال رمزي لمحاولة استعادة بعض السيطرة، لا أكثر.
وأحيانًا، هذه المساحات الصغيرة هي كل ما نملكه فعلًا.
كذلك الوعي ليس حكرًا على النخبة، طرح الأسئلة، والتفكير في كيفية عيشنا اليومي، ليس ترفًا بل ضرورة.
الفرق كبير بين من لا يستطيع التغيير، ومن لا يحاول حتى التفكير فيما يمكن تغييره.
نعم، هناك من هو مُرغَم على هذا الإيقاع، ولكن هناك أيضًا من انساق له دون وعي، لا لأنه غافل، بل لأن الإيقاع كان أسرع من قدرته على التوقف.
فلم أزعم أنني أملك وصفة إنقاذ الكون أنا أشارك وجهة نظر مبنية على تجربتي والتي عانيت فيها من قلة الوقت بين عمل ومنزل ودراسة ووو ولكن الحل كان محاولة البحث عن نفسي بين كل هذا، أن أحظى ببعض من الوقت وبمجرد العمل على تغيير طريقة تفكيري وجدت متنفسا واضحا، وأنا بالنهاية شخص عادي فكر كيف يجد متنفس في يوم مليء بالمتطلبات ووجدت لأني فكرت بكونه ممكنا وليس مستحيلا.
ولو كنا سنقيس كل رأي بمقدار قدرته على إنقاذ الجميع، فلن يبقى هناك أي حوار.
بالطبع المشكلة في سوء إدارتنا للوقت، جربي تأملي من حولك ستجدين أغلبنا نجلس لساعات نتصفح الهاتف ونغرق في عالم لا نهاية له من الرسائل والتنبيهات، حتى يمر الوقت وكأننا كنا في سبات، أحيانًا يبدو أننا نملك كل الوقت في العالم، لكننا ببساطة نضيعه في أشياء لا تضيف لنا شيئًا، وربما فقدنا مهارة العيش ببساطة وسط كل هذا الزحام والتقنيات التي من المفترض أنها تسهل حياتنا، لكنها في النهاية تسرق منا أجمل لحظات الحضور الحقيقي.
رائع كلامك يا بسمة… لكنه في نفس الوقت يحمل في داخله افتراض خطير أن المشكلة ببساطة فينا… في سوء إدارتنا وكأننا نعيش في فراغ، بلا ضغوط، بلا توقعات، بلا سحب مستمر لأعصابنا وانتباهنا.
جربي تأملي من حولك ستجدين أغلبنا نجلس لساعات نتصف
فعلًا تأملت، ووجدت أن الناس لا تغرق في الهاتف لأنها لا تملك وعيًا، بل لأنها مرهقة، مستنزفة، ومُحاطة بعالم يطلب منها أن تكون منتجة طوال الوقت....
ثم لنسأل هل تصفّح الهاتف دائمًا مضيعة؟
أم أحيانًا هو المتنفس الوحيد وسط جدول لا يرحم؟
مَن قال إن البساطة تُسترد بإلغاء التنبيهات؟
البساطة الحقيقية لم تختفِ لأننا فقدناها، بل لأن الواقع صار أعقد مما يُحتمل، والأدوات التي قيل إنها "تُسهّل حياتنا"، بدأت في المقابل تزيد من توقّعات العالم منا بشكل لا يتوقف.
وصدقيني، المشكلة ليست أننا نملك كل الوقت ونضيّعه… بل أننا نعيش في زمن يُشعرنا بالذنب حتى حين نرتاح.
فلو توقّفنا عن الركض لحظة، يظهر لنا من يقول أين استثمار الوقت؟ أين الإنتاج؟.
بالتالي، لا يكفي أن نلوم أنفسنا أو الآخرين على طريقة قضاء الوقت، بل يجب أن ننتبه:
هل الوقت يُدار؟ أم نحن من يتم استهلاكنا باسم إدارته؟
الوقت نفسه ليس عدوًا، بل المشكلة تكمن في طريقة إدارتنا له وسط ضجيج الحياة وتداخل التكنولوجيا. كثيرًا ما نُهدر لحظات ثمينة في الانشغال بتفاصيل غير مهمة أو في التشتت بين مهام متعددة، فتبدو الساعة وكأنها تهرب منا. فقدان مهارة التوازن والوعي باللحظة هو ما يجعلنا نشعر بأن الوقت ضيق، رغم أنه في الأصل متاح للجميع بنفس الكمية.
التعليقات