طرح أحد الزملاء موضوع هنا حول كيفية حماية أنفسنا من التأثر بأراء ومعتقدرات الآخرين وعدم الاقتناع بها كونها مغلوطة، لكن هنا السؤال هو كيف نتأكد من أن معتقدنا، رأينا، نظرتنا، تجاه موضوع، قضية شائكة وهلما جراء صحيح ولا سيما عندما تتعارض مع ما يعتقده الآخرون أنه صحيح أو طبيعي؟
كيف نتأكد من أن رأينا ومعتقدنا تجاه موضوع ما صحيح؟
الصواب ليس مجرد شعور داخلي باليقين، بل هو نتيجة بحث منطقي، وتجرد من التحيز، واستعداد دائم للمراجعة. عندما يتعارض رأينا مع الآخرين، فإن التحقق من صحته يتطلب الاستماع بإنصاف لوجهات النظر المختلفة، والبحث عن أدلة علمية أو منطقية تدعمه، والتأكد من اتساقه مع المبادئ الأخلاقية والعقلانية. العناد ليس دليلاً على صحة المعتقد، بل القدرة على تعديله عند ظهور أدلة جديدة هي ما تميز الفكر الناضج. في النهاية، الحقيقة ليست حكرًا على أحد، بل هي نتاج بحث مستمر ورغبة صادقة في الفهم.
والبحث عن أدلة علمية
الأدلة العلمية قد لا تبقى ثابتة، ربما ما كان علميا البارحة، أصبح اليوم غير صحيح ، فمثلا نظرية النسبية لأينشتاين التي كانت تعتبر في الماضي أصبحت اليوم محل شك.
كلام في ظاهره صحيح لكنه يتطلب توضيحًا دقيقًا. العلم بطبيعته ديناميكي ويعتمد على الاكتشافات المستمرة والتطورات المعرفية. ما كان صحيحًا بالأمس قد يتغير اليوم نتيجة للتقدم في الأدوات والتقنيات البحثية. ولكن هذا لا يعني أن العلم غير ثابت أو لا يعتمد على أسس قوية، بل يعني أن العلم يتطور ليكون أكثر دقة وشمولًا.
مثلا نظرية النسبية لأينشتاين التي كانت تعتبر في الماضي أصبحت اليوم محل شك.
أما بالنسبة لنظرية النسبية لأينشتاين، فهي لم تُعتبر "محل شك" بالمعنى الذي قد يوحي به القول. على العكس، النسبية العامة والخاصة ظلا حجر الزاوية في فهمنا للجاذبية والزمان والمكان لعدة عقود، وقد تم تأكيدهما في العديد من التجارب والملاحظات. بل إن النسبية هي التي وفرت لنا الفهم الذي يمكننا من تفسير نتائج متعددة في مجالات مثل الفلك والفيزياء الحديثة. أي اعتراضات أو تعديلات تُطرح عادة تكون في نطاق فهم أعمق أو امتداد للنظرية، وليس إلغاءً لها.
العلم يظل يعتمد على الأدلة التجريبية القوية، وعندما يتم تقديم فرضيات جديدة أو تعديلات على النظريات الحالية، فإن هذه التعديلات تكون نتيجة للتحقق المستمر وليس بمعنى أن الأدلة السابقة كانت "غير صحيحة.
يمكننا طرح السؤال بطريقة أخرى للوصول للإجابة، وهي كيف ننتبه أننا ربما نكون على خطأ؟
وإجابة ذلك تكون عندما نتخذ موقف مشحون شعورياً رغم عدم وجود دلائل تدعم ذلك الموقف منطقياً، أو تكون دلائل غامضة لا تستند على أسس واضحة، لأن المواقف المشحونة عاطفياً أو شعورياً تنبىء باحتمال عدم وجود أسس منطقية للفكرة.
أحيانًا الشخص الغاضب قد يكون رأيه صحيح بالفعل ومدعوم هذا الرأي بأدلة منطقية ولكنه لا يستطيع ادارة غضبه والتحكم به، لذا بحاجة هو إلى التعامل مع كيفية إدارة غضبه أثناء التعبير عن رأيه من خلال اتباع بعض التقنيات كالانتظار لبرهة من الوقت قبل إبداء الرأي، ناهيك بأن لا يعتبر الرأي المناقض له وكأنه تحدي له،لابد من إفناده.
التأكد من صحة رأينا أو معتقدنا لا يعتمد فقط على تمسكنا به، بل على مدى منطقيته وقابليته للاختبار. يمكننا البدء بالبحث عن الأدلة التي تدعمه، فهل يستند إلى حقائق موثوقة أم أنه مجرد انطباع شخصي؟ التجربة العملية أيضا عامل مهم، فإذا كان الرأي قابلاً للتطبيق وأثبت فعاليته، فهذا مؤشر على قوته. كذلك، مراجعة تحيزاتنا ضرورية، فقد نتمسك برأي معين لأنه مألوف أو مريح، لا لأنه صحيح. الحوار مع المخالفين يساعد في اختبار تماسك رأينا، فإذا استطعنا الدفاع عنه بحجج منطقية، فهذا يعزز مصداقيته. والأهم أن يكون رأينا مرن وقابل للتعديل عند ظهور أدلة جديدة، لأن الثبات المطلق قد يكون علامة على التمسك بالمعتقد أكثر من البحث عن الحقيقة.
الثقة المفرطة في معتقداتنا دون تمحيص هي وهم خطير. حتى لو بدت آراؤنا منطقية، فهي قد تكون مبنية على انحيازات أو معلومات ناقصة. التفكير النقدي والبحث الدقيق هما المفتاح، لكن حتى ذلك لا يضمن اليقين المطلق. الأهم هو أن نبقى متواضعين، مستعدين لمراجعة آرائنا عند ظهور أدلة جديدة. الثقة العمياء في أي رأي، حتى لو كان "خاصًا بنا"، هي بداية الطريق إلى الجهل.
أظن قصدك عن الموضوع الذي طرحته أنا، ما كنت أشعر به أن الطريقة الصائبة لفعل ذلك أن نكون في حالة يقظة وتنبه مستمر لما نتبناه أو نتأثر به من البيئة المحيطة فذلك هو الحل الأمثل لأن ننجو من أي ضلالات أو معتقدات خاطئة.
أما لو قصدك عن التحقق من معتقداتنا ومسلماتنا الشخصية فأظن أنه يجب أن نرجع إلى أصلها وننظر في مبررات صوابها من أكثر من اتجاه أو مصدر
التعليقات