من هو اشد العنف جسدي ام لفظي

حتى العنف الجسدي يبقى أثره النفسي مدى الحياة, لماذا ترى أن العنف الجسدي لا يبقى أثره؟ لا أحد ينسى لحظات تعنيفه جسديا.

كما لا يمكن المفاضلة بينهما لأن هذا يرتبط بمعايير عدة, مثل شدة التعنيف سواء كان لفظيا أو جسديا. والظروف المحيطة والسياق وقرابة المعنف...إلى آخره، هل يمكن مقارنة الكلمات الجارحة بالضرب المبرح الذي قد ينتهي بالمستشفى، أو بالحروق من الدرجة الثالثة؟ هناك آباء يعاقبون أبناءهم بكيهم بتسخين ملعقة على النار, لو سألنا الطفل ما الأفضل سيخبرنا أنه يفضل السب والشتم يوميا صبح مساء على أن يمر مجددا بتلك التجربة.

من جهة أخرى، يبقى تأثير التعنيف مرهونا بشخصية كل فرد على حدة, فبعض الأشخاص قد يتأثرون بالكلمات القاسية أكثر من أي شيء آخر، بينما آخرون قد لا يبالون بها. كما أن بعض الأشخاص يتقبلون العنف الجسدي أو يتسامحون معه لأسباب متعددة، بينما آخرون لا يمكنهم تحمل أي نوع من أنواع العنف الجسدي، مهما كان السياق.

هذه العوامل جميعها تجعل من الصعب المقارنة بين العنف اللفظي والجسدي بشكل عام، وتؤكد أن التأثير النفسي للعنف ليس مقتصرا على أحدهما دون الآخر، بل هو مسألة معقدة تتعلق بالفرد نفسه وظروفه.

هل حقاً نقارن بين عنف وعنف ؟!

لا العنف النفسي مقبول بالنسبة لي ولا العنف الجسدي أيضاً كذلك، وعن نفسي أشفق على من يحاول أن يفعل ذلك معي؛ لأنه سيجد رد فعل يجعله يندم طوال حياته.

العنف بكافة الأشكال غير مقبول، ويجب أن يتم ردع ممارسه بالقوة أو بالقول أو بالاستغاثة بمن هو قادر، أما الصمت عنه فلا أرى أن ذلك حل ابدا

كلا النوعين من العنف شديد ومؤذٍ، ولا يمكن تفضيل أحدهما على الآخر. يعتمد ذلك على طبيعة الشخص، قوة تحمله، والسياق الذي حدث فيه العنف. المهم هو رفض جميع أشكال العنف والعمل على التوعية والحماية من آثاره.

جميع أنواع العنف تؤلم الجسد والنفس، وتدرك جروح لا تندمل بسهولة، ولكن العنف الجسدي أكثر خطورة في رأيي، لأنه يترك الضحية بندوب جسدية ونفسية واضطرابات قد تتطور فيما بعد لميول مضرة، وخلل في المشاعر التي يكنها الشخص لنفسه، فيشعر بالانحطاط والخوف من الآخرين، وعدم القدرة على النظر في أعينهم.