حب الآخرين وحب لهم الخير هي صفة عضيمة لكن السؤال هل توصلت(ي) لحب الاخرين بحيث لايزعجونك ولا تغر او تحسدهم نهائيا يعني الرضى الكلي وكيف؟
هل تخلصت من مشاعر الغييرة وكره الاخرين نهائيا كيف؟
هناك مشاعر أجدها أكثر روعة وجمالًا من مشاعر الغيرة والحسد، يُصورها الشاعر في قوله:
إذا ما نعمة وافت لغيري ... شكرتُ كأن لي فيها نصيبًا
الرضا هو نتيجة ممارسات معينة تولد هذا الشعور، عندما ندرك أن النعم التي تأتي غيري لا تزيد ولا تنقص من رزقي شيئًا، ونحمد الله على كل ما رزقنا، ونهتم بالدعاء لغيرنا، يلقي الله في قلوبنا الرضا، لدرجة أننا نفرح بنعم غيرنا كما نفرح لأنفسنا.
الشخص الواعي هو الذي يقارن نفسه الآن بنفسه عندما كان بالأمس وهنا سيشغل نفسه بنفسه لأنه لن ينظر إلى الآخرين. كل شخص فينا يصل في ميعاده لا مبكرا ولا متأخرا: فالشخص الذي تزوج عند العشرين لم يُرزق بأولاد حتى الثلاثين، والذي تزوج عند الثلاثين رُزق بالطفل من أول عام، هذا مدير وهو في الخامسة والعشرين من عمره ومات عند الأربعين، وذاك مدير عند الأربعين ولكنه عاش حتى الثمانين، أوباما ترك رآسة الولايات المتحدة وهو ابن ال55 وترامب تولى الرآسة وهو سنه ال70. لو أدركنا هذا لعشنا مرتاحين.
بالضبط، لن نستفاد شيء من مقارنة أنفسنا بغيرنا أو بالنظر إلى حياتهم إلا لو على سبيل التعلم فقط لا غير، وما دون ذلك لن يفيد، فلا هم ولا إنجازاتهم التي حققوها مانعين عنا شيء أردناه، فالأفضل أن يركز كل إنسان في حياته ويعمل على تطوير نفسه بما يحتاج حتى يصل إلى ما يريد.
كل شخص فينا يصل في ميعاده لا مبكرا ولا متأخرا
أتعلم حسين؟ هذه واحدة من العبارات المفضلة بالنسبة لي، ربما لأنها بشكل أو آخر تضفي شعور بالسكينة والرضا، وتجعلك تُقدّر فعلًا ما وصلت له دون أن تقارنه بما وصل له الآخرين في نفس سنك وما إلى ذلك، ولاحظ أن مواقع التواصل الاجتماعي لها دور كبير في هذا الأمر، فهي تضع لك إنجازات مهولة ما قبل الثلاثين، وإنجازات غير منطقية ما قبل الأربعين، فتشعر بالعجز أمامها، في حين أن الإنجاز الحقيقي هو أن يدرك الشخص قدراته وكيف يستغلها لصالحه ومن خلال ذلك يوفر حياة مستقرة لنفسه ينعم فيها بالرضا الداخلي.
أرى دائماً أن الحياة قصيرة جداً لدرجة أن هناك الكثير من الأشياء التي نتمناها ولن نتمكن من تحقيقها أبدا بسبب انشغالنا بغيرنا، وسؤالنا الدائم لأنفسنا عنهم: ماذا فعلوا؟ وأين ذهبوا؟ ولماذا لسنا مثلهم؟
ووجهة نظري أن انشغال الفرد منا بتحقيق أهدافه والنجاح في حياته سيجعلنا تلقائياً نتخلى عن أي مشاعر كره أو غيرة سواء بسبب كوننا ناجحين مثلهم بالفعل بل وأكثر منهم في بعض الأحيان، أو بسبب أننا منشغلين وأوقاتنا ممتلئة بالأشياء الهامة والمفيدة، فالله سبحانه وتعالى يوزع الأرزاق بالعدل ولكل فرد منا رزق موزع على جميع جوانب الحياة كالصحة والتعليم والمال والأسرة وغيرها من الأشياء التي لا بد أن نشكر الله عليها كل حين، إذا أدرك الإنسان هذا الشيء جيداً لن يبالي بغيره.
هناك الكثير من الأشياء التي نتمناها ولن نتمكن من تحقيقها أبدا بسبب انشغالنا بغيرنا، وسؤالنا الدائم لأنفسنا عنهم: ماذا فعلوا؟ وأين ذهبوا؟ ولماذا لسنا مثلهم؟
ذكرتِ نقطة محورية، التركيز دائمًا مع إنجازات الغير يجعلنا في شعور مستمر بعدم الرضا لما وصلنا له، والذي قد يكون فعلًا حلم بالنسبة لشخص آخر، والتأثير السلبي هنا أننا نظل في حلقة مفرغة من التساؤل عن عدم تحقيق إنجازات مثلهم، شعور بالتوتر والقلق المستمرين، عدم رغبة في استكمال السعي نحو أهدافنا (ربما حتى نقلل منها).
هناك عبارة قرأتها سابقًا وأجدها عملية جدًا في هذا الموضوع، وهي عندما تجد مشاعر غيرة أو حسد بسبب إنجازات أحدهم، فبادر بعمل فعل لطيف وإيجابي له. مثلًا لو حصل أحدهم على ترقية اليوم وساورني شعور لا إرادي بالغيرة (ربما لأنني لست على مستوى كافي من النضج حتى لا أقارن نفسي بالاخرين) فهنا أذهب له وأهنئه من كل قلبي وربما أيضًا أقدم له هدية بسيطة، الهدف هنا أنه بعد ذلك سأجد أن المشاعر السلبية تحولت لمشاعر إيجابية ورغبة حقيقية في التواجد بجانب هذا الصديق ودعمه.
المشاعر تتغير طوال الوقت، الفكرة تكمن في القرارات التي نتخذها بناءً على هذه المشاعر.
التعليقات