" كلما كان الإنسان إجتماعيًا كلما كان عقله فارغًا" ما رأيك؟

هذه المقولة تعود إلى نيتشة ، حقيقة وقف حائرًا أمامها، هل يمكن للشخص الإجتماعي أن يكون عقله فارغًا، في مقولة أخرى يقول شوبنهاور: "الدرجة العالِية من الوعيْ والتّفكير تجعل الإنسان انطِوائي لا اجتماعي"

احترم جدا تحليلك ولكن تأويلك للمقولة خاطئ وليس المشكل في المقولتين بالفعل .

المقصود في رأي نيتشه أن العامة والجماعة لذيهم تفكير غوغائي سطحي متشبع بالمغالطات القطيع، وكلما احتك المرأة به أكثر كلما زاد غرقه وتشبعه بها، وبالتالي تموت عضلة النقد والمنطق عنده ويصبح مجرد تابع، أما الشخص الحكيم فيعتزل الناس ليس لانه ليس اجتماعي بل لانه يرى مالا يرون فعمل عقله ومنطقه ونقده في كل شيء، فلا يعود يجد في الاخرين اي فائدة .

قد يكون ما أقوله غريبًا، لكن النتيجة التي وصلوا لها هي نتيجةٌ طبيعية في ظل معتقداتهم التي تجعل الوجود الإلهى غائبًا من المشهد.

لا يمكننا مناقشة هذين القولين لنيتشه وشوبنهاور بل وفلسفتيهم مجتمعة بدون أن نجمع معها منطلق أفكار كل منهما، فالمنطلق الذي انطلقا منه في هذا هو تغييب الوجود الإلهي وإنكاره.

سأثبت كيف وسأرفق الأدلة في نهاية تعليقي ولكن أريد أن أستأنس بقول شبيه لقولهم زهو قول الفيلسوف ألبير كامو في كتابه "السقوط" إذ قال:-

( ثقل الأيام مخيف لكل امرئ يعيش وحده من غير إله).

هذا القول لألبير كامو يساند إلى حد ما نظريتي عن أن النتيجة التي وصل إليها نيتشه وشوبنهاور هي نتيجة طبيعية لتغييبهم الوجود الإلهي.

وعودة لمناقشة المساهمة فكلام نيتشه وشوبنهاور في حالة تغييب الوجود الإلهي هو كلام صحيح، إذ أنه لا معنى لأن تخالط الناس في ظل عالم سيفنى ولا قيمة له سوى التراب، فنحن تبعًا لخرافة التطور الدارويني مجرد مواد كيميائية لا أكثر وقتل الإنسان كقتل الجراثيم.

وهذا ما عبر عنه الملحد الكبير ريتشارد دوكينز في كتابه نهر خارج عدن إذ قال:-

(الكون في حقيقته بلا خير، وبلا شر، فقط قسوة عمياء غير مبالية).

لهذا فلا قيمة للاجتماعية، بل الانخراط فيها في ظل غياب الوجود الإلهي وعلو القيم الداروينية والرأسمالية الحاثة على تحقيق المكاسب المادية وفقط تبعًا لنظرية ريتشارد دوكينز في كتابه "الجين الأناني" فحينها تصبح الاجتماعية تضييع وقت وسذاجة لا قيمة لها.

أما في ظل الوجود الإلهي فالأمر يختلف، فأنت كمؤمن تمتلك نظرية تقول لك أن هناك جنة كبرى، ونعيمًا لا يفنى بعد الموت، وقبل الموت أنت ستمتلك راحة نفسية، لا يضاهيك فيها أحد.

أو بعبارة ابن القيم أحد أكابر علماء الإسلام إذ عبر عن نفس هذا المعنى فقال:-

( إن في القلب نيران حسرات لا يطفئها إلا معانقة الإيمان بالله).

ولأجل هذا فأنت ستكون اجتماعيًا لتدعو الناس إلى هذا النعيم، كما أن تحقق هذه الراحة النفسية سيدفعك للانخراط في المجتمع.

مصادر تعليقي:-

بحث بعنوان "الأطفال يولدون مؤمنين بالله"

ألبير كامو، السقوط.

ريتشارد دوكينز، نهر خارج عدن.

ريتشارد دوكينز، الجين الأناني.

ببساطة، ليس بالضرورة أن يكون الأمر كذلك! هذا رأيي البسيط حول الموضوع، فالمقولتين تشيران إلى آفاق مختلفة في الفهم البشري والسلوك الاجتماعي، فمقولة نيتشه تظهر التفكير في أن الشخص الذي يفكر كثيرا ويسعى لفهم أعمق للأمور قد يصادف حالات من الشك والحيرة في حياته، إن كون العقل فارغا هنا يشير إلى عدم وجود إجابات نهائية على الأسئلة الكبرى، مما يمكن أن يجعل الشخص يشعر بالحيرة.

رأيي هو أن هذه المقولات قد تشير إلى تعقيد الطبيعة البشرية والتأثيرات المختلفة للوعي والتفكير العميق على سلوك الإنسان. فالشخص يمكن أن يكون مرنا ويتحول بين الانطوائية والاجتماعية اعتمادا على السياق والظروف الشخصية وليس حسب المجتمع الذي هو فيه من الأساس.

أعتقد أن هاتين المقولتين تعبران عن وجهتي نظر مختلفتين عن العلاقة بين الشخصية والذكاء. نيتشه يرى أن الشخص الإجتماعي يفقد جزءًا من عمقه وإبداعه بسبب التأثر بالآخرين والتكيف مع المجتمع. شوبنهاور يرى أن الشخص الواعي والمفكر يجد صعوبة في التواصل مع الآخرين والاندماج في الحياة الاجتماعية.

لكن، هل هذه المقولات صحيحة أو كافية لوصف حالة الإنسان؟ أظن أنه يمكن تحديدها من منظور نفسي واجتماعي. فالإنسان كائن اجتماعي بطبيعته، ولا يمكنه العيش بمعزل عن الآخرين. كما أن الذكاء ليس صفة ثابتة أو محدودة، بل يمكن تطويره وتحسينه بالتعلم والتجربة. لذا لا أرى تناقض بين كون الشخص إجتماعيًا وذكيًا في نفس الوقت. بل قد يكون التفاعل مع الآخرين مفيدًا لزيادة المعرفة والابتكار والحلول.

تقول إحدى المفكرات العظيمات: حينما يحضر الفلاسفة تبدأ الأمور بالجنون، قائلة هذه العبارة هي أنا، ألفتها الآن وأنا أقرأ كلام نيتشة وشوبنهاور الذي وكالعادة يُشعراني بالغضب.

يعني تخيل أن تكون شخصًا اجتماعيًا تستمتع بوجود الناس حولك لنشر أفكارك كثل السياسيين والمصلحين والمفكرين الاجتماعيين والمثقفين في الصالونات الثقافية لتتفاجأ بعدها أن نيتشه قرر أنك إنسان فارغ العقل.

الاجتماعيون هم أشخاص يستمتعون بالتواصل الاجتماعي، وهم أشخاص رائعون وأذكياء في مهارات التواصل والتعامل مع الآخرين، كما أنهم يملكون مهارات فكرية عميقة تمكنهم من التواصل مع الآخرين، وبحسب دراسة أجرتها مستشفى ميد بارك فإن الاجتماعيون قادرون على معالة كم رهيب من المعلومات في وقت قصير، وبحسب نفس الدراسة فإنهم الاجتماعيون في الغالب يكونون صناع قرار، وعندهم قدرات كبيرة على حل المشكلات، وهذا هو رابط الدراسة لمن أراد أن يراجع خلفي:-

ولكن ورغم كل هذا يأتيك نيتشه بشاربه هذا ليقول لك أن هذه الناس المحترمة فارغة العقل، يبدو أن شاربه لم يغطي فمه فقط وإنما عقله أيضًا.

يجب أن نسحب الأقلام من الفلاسفة، كانت الكنيسة الكاثوليكية على حق في أفعالها فيهم.

أحيانا ما أميل الى العزلة والانفراد ولا أدخل في الكثير من العلاقات، ولكن أحيانا أخرى أشعر ان الاختلاط والتعامل مع مختلف الأشخاص، يعطي الانسان الكثير من الخبرة وتعلمه الكثير والكثير عن الحياة وكثيرا من الأمور التي لطالما حاول الانسان ان يتعلمها ويجنيها ولكنها لا تدرس ولكن تؤخذ من هبرات الاشخاص وتجاربهم الواقعيه، ف أنا أتفق مع تلك المقولتين كليا

أعتقد ان رأي شوبنهاور حقيقي تمامًا، وهو في رأيي مقارب لمقولة الشاعر المتنبي

( ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم)

وتحضرني مقولة أخرى توضح المعنى اكثر وهي لمي زيادة تقول فيها:

( إن الإنسان الذي لا يحتاج ان يخلو لنفسه لبعض الوقت هو روح فاسد)

شخصيًا رأيت زملاء اجتماعيين اكثر من اللازم، لا يكفون عن الحديث منذ اللحظة الاولى التي تطأ اقدامهم فيها سيارة الدوام، وكثيرًا ما وجدت نفسي دون وعي أفكر، ألا يترك هؤلاء لأنفسهم دقائق للتأمل أو التفكير في شيء يشغل بالهم مثلًا.