صاحب بالين كذّاب.
هذا المثل المصري القديم يعني أن الشخص الذي يحاول التركيز في القيام بأكثر من شيء في آنٍ واحدٍ يخدع نفسه، فهو كمن يحاول أن يصبح بعقلين، وهذا مستحيل.
في هذا الصدد، أحيانًا ما كنتُ أشعر بأن فكرة تعدّدية المهام Multi-tasking ما هي إلّا خدعة. ما رأيكم في ذلك؟
في هذا الصدد، أحيانًا ما كنتُ أشعر بأن فكرة تعدّدية المهام Multi-tasking ما هي إلّا خدعة. ما رأيكم في ذلك؟
الوصول لمرحلة تعددية المهام في العمل الحر مثلا، هو أمر جيد، يحتاج برأيي إلى الإنضباط والإلتزام، واجهت ذات مرة مشكلة في التعامل مع عملين في نفس الوقت، لكن الأمر يتطلب تقسيما وإدارة للوقت، يعني يمكن أن تكون مبرمجا في المساء، مصمما في الصباح، أما في نفس الوقت فذلك تشتيت للعقل، وسيؤدي مع مرور الوقت إلى ضعف في إنتاجية المستقل.
لقد ظل الناس طوال سنوات يسعون جاهدين للوصول للmulti-tasking والذي دائما ما يبدو كالحل لجميع مشاكلنا وإذا ما أتقناه سنستطيع أن ننجز أعمالنا في وقت أقل بكثير، وهذا صحيح بالفعل، ولكن إذا استطعنا أن نقوم بالمهام المتعددة في نفس الوقت وبنفس نسبة التركيز التي نملكها عند القبام بالمهام منفردة، وهو المستحيل بعينه.
في أحد الدراسات التي أجريت عام 2018 ونشرت في مجلة Springer قام مجموعة من علماء الأعصاب باختبار الmultitasking وأثره على المخ، وقد كانت النتائج محبطة، فالقيام بالعديد من المهام في الوقت ذاته يقلل من نسبة التركيز في المهام ويزيد من نسبة الأخطاء فيها. بالإضافة إلى ذلك، أثبت مسح أدمغة المتطوعين في التجربة أن الشبكة الجبهية الجدارية تنشط بشكل كبير عند التحول من مهمة لأخرى مما يجهد المخ بشكل كبير بسبب التنقل المستمر بين المهام.
وبالتالي يمكن أن نستخلص أن تعددية المهام نتيجتها هي تركيز أضعف وأخطاء كثيرة وإجهاد ذهني
حقيقي للغاية يا كريم، فبغض النظر عن استحالة القيام بشيئين في الوقت نفسه من الناحية الرياضية، كلّما قلّصنا فارق الوقت في التنقل من أحدهما للآخر، تسبّب ذلك في تقليل التركيز المتاح.
لقد ظل الناس طوال سنوات يسعون جاهدين للوصول للmulti-tasking والذي دائما ما يبدو كالحل لجميع مشاكلنا وإذا ما أتقناه سنستطيع أن ننجز أعمالنا في وقت أقل بكثير،
ال multi-tasking مرهق للغاية، تخيل أنك تعمل في تخصصين في نفس الوقت، يتطلب كل واحد منهما دقة في التركيز ووعيا بما نفعله، وإستلهام أفكار بصفة دائمة، كيف يمكن أن يوفق المرء لذلك؟ خصوصا وأن عمل الكثير من الأشياء في أوقات متباعدة يأخذ وقتا كثيرا وجهدا أكبر، فما بالك حينما يكون في نفس الوقت، لا أعتقد أنه يقلل الوقت إنما يقوم بتوسعته أكثر فأكثر كلما قل تركيزنا وضعف جهدنا إحتجنا لوقت أكثر لتنفيذ المهام المتعددة ولو أنها في نفس الوقت.
هذا بالفعل ما كنت أناقشه طوال التعليق، ولكن البعض للأسف يأخذها كعملية حسابية دون أخذ العوامل التي ذكرتها حضرتك في عين الاعتبار، فلو كانت المهمة أ تتطلب ساعتين، والمهمة ب تتطلب ساعتين، فإذا أتقنت الmulti-tasking سافعلهما سويا في ساعتين وهذا أبعد ما يكون حيث أنه سينتهي منهم على تلك الحال بعد خمس أو ست ساعات وبجودة أقل.
وهذا أبعد ما يكون حيث أنه سينتهي منهم على تلك الحال بعد خمس أو ست ساعات وبجودة أقل.
بالفعل، فإتقان ال multitasking لن يقتصر الوقت كما يظن البعض، بل هو دمج للمهام مع بعضها البعض، وقد يتسبب في قلة جودتها، ربما يوجد مفهوم آخر لل multitasking بحيث يكون بشكل عام، عمل المهمة أ و ب و ج و د، في تخصصات مختلفة ومجالات مختلفة، لكن في أوقات منفصلة ومحددة، مع تتبع إستراتيجية مريحة كالبومودورو مثلا، بأخذ قسط من الراحة مع كل فترة عمل، هذا نموذج لتعدد المهام بحيث يكون ناجعا بعيدا عن التشتيت، مثلا أقوم بالبرمجة، ثم التصميم، ثم الكتابة، ثم التسويق الإلكتروني وأدير شركتي الخاصة وغيرها، لكن في أوقات محددة منفصلة، لا أنكر أن التركيز على تخصص واحد مهم لتحقيق إنتاجية أكثر، لكن الذي يحقق نجاحا من خلال هذه الإستراتيجية هو حتما متمكن من إستخدام تعدد المهام في حياته.
أنت هنا تقسّم الوقت وتديره يا ياسر. وبالتالي فإن فكرة الـ Multi-tasking ما هي إلّا خدعة، حيث أنك تقوم بكل عمل عند التنفيذ الفعلي على حدة، من هنا نستطيع أن نستنتج أن الأمر فعليا غير ممكن على الإطلاق.
السؤال الذي يراودني صراحة يا علي: أيعقل أن تكون فكرة تعددية المهام بهذه السذاجة من الأساس؟! أقصد أن من طرحها وروّج لها لم يخطر بباله أنه يستحيل العمل على أكثر من مهمة أو نشاط بنفس الوقت بتركيز وكفاءة عالية؟! وهذا ما يجعلني أشكك في تعريفنا أو فهمنا للفكرة التي قد تشير إلى معنى آخر أو إضافي، كالعمل على مشروعين خلال نفس المدة الزمنية، والاستماع للبودكاست أثناء قيادة السيارة، أو ربما دراسة 6 مواد يومياً قبل التقدم لامتحاناتها النهائية، والانتهاء منها جميعاً بأوقات متقاربة، بدلاً من التركيز على دراسة مادة واحدة مثلاً حتى الانتهاء منها، ثم الشروع بدراسة مادة جديدة، وهكذا دواليك.
على العموم، أظن أنه لو كان مصطلح تعددية المهام يعني القدرة على التبديل بين الأشياء، أو القيام بعدة مهام في تتابع سريع، فهذا يعني أساساً أننا نفصل بين المهام ولا نجمع بينها، حتى لو كنا نفصل بينها بفواصل زمنية متناهية الصغر. وبالتالي يكون عندها مجرد مصطلح هلامي خادع يوهمنا أننا قادرون على الجمع بين مهام متعددة في نفس الوقت، بينما نحن نركز على كل مهمة على حدة، باستثناء أننا نؤدي المهام بتتابع سريع، واحدة وراء الأخرى، الأمر الذي يخلق لدينا وهم تعددية المهام.
هذا أمر مقنع بهذه الصورة يا نبراس. في إطار شرحك، أصبحت الفكرة أكثر مرونة، وبالتالي فإن التحسين ممكن. لكن ما يسوّق له البعض فيما يتعلّق بأن نمتلك أكثر من نشاط ونتحكّم فيهم في الوقت نفسه فهو أمر غير ممكن على الإطلاق، حتّى وإن هُيّء لنا ذلك، فأنا أعني أن القدرة على القيام بذلك بحث أمر يستحيل رياضيًّا، وتظهر الفروق في التوقيت حتى وإن كانت ثوانٍ معدودات.
في هذا الصدد، أحيانًا ما كنتُ أشعر بأن فكرة تعدّدية المهام Multi-tasking ما هي إلّا خدعة. ما رأيكم في ذلك؟
هذه الفكرة تعتمد على الطريقة التي يتم بها تنفيذها. يمكن لتعددية المهام أن تكون فعالة وتساعد على تحسين الأداء في حال تم تطبيقها بطريقة صحيحة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تحديد الأولويات وترتيب المهام بحسب الأهمية والتركيز على المهمة الرئيسية في الوقت المناسب، وذلك بحسب متطلبات العمل والوقت المتاح.
لذلك برأي يجب النظر إلى طبيعة العمل ومتطلباته قبل اتخاذ القرار بشأن تطبيق تعددية المهام أو التركيز الكامل على مهمة واحدة. ويجب الإنتباه إلى أن التركيز المستمر على عدة مهام في نفس الوقت يمكن أن يؤثر على القدرة على التركيز والإنتباه، ويقلل من الفعالية والكفاءة في العمل.لذلك أرى، بأنه يجب تجنّب تعددية المهام في حال عدم الحاجة إليها أو في حالة وجود مهام متناقضة أو تتطلب تركيزًا عاليًا.
يعتمد ذلك على تعريفنا لفكرة تعدّدة المهام يا عفيفة. فهل ترين أنكِ في صف التعريف الذي يتبعه معظم الناس فيما يتعلق بفكرة تنفيذ مهمة باليد اليسرى ومهمة باليد اليمنى؟ أم أن الأمر يختلف في هذا الصدد بالنسبة إليك وتميلين لتعريف مثل الذي أوضحه نبراس في تعليقه السابق؟
اطلعت على تعريف نبراس، وقد أثار انتباهي بالفعل لنقطة مهمة فتطبيق تعددية المهام هي في الأصل تفريق المهام وتنظيمها بشكل منفصل بدلاً من تجميعها بين المهام التي تتشابه وتنفيذها دفعة واحدة وترك المهام المختلفة لتركيز فيها في مهام متفرقة، ولذلك تعتبر تعددية المهام مهارة مهمة قد لا يتقنها الجميع وتساعد لاشك في زيادة الإنتاجية وتحسين التركيز وتخفيف الضغط. وأضف إلى ذلك أنه لا يمكن تعلمها بين ليلة وضحاها بل تستدعي الممارسة اليومية وإدارة الوقت بشكل فعال بالإضافة إلى تقنيات العمل الحديثة التي تساعد على تبسيط المهام وتنظيمها بشكل أفضل.
تعدد المهام يؤدي الى تشتيت الافكار وبالتالي الابداع سيقل حتى و تم الانجاز سيكون بجودة منخفضة ولكن لو قمت بتنفيذ مهمة احد بالوقت الواحد والتركيز عليها ستكون جودة عالية وستكون راضي عن نفسك بالانجاز الذي حقتتة مع الاخذ باعتبار تنظيم الوقت.
التعليقات