يرى بعض الناس أن المجهود الموجّه لرعاية الحيوان غير أخلاقي إذا ما احتاجه إنسان يعاني في بقعةٍ ما في الأرض. فما رأيكم في هذا المبدأ؟ وهل تجدون أنشطة رعاية حقوق الحيوان مفتعلة أحيانًا؟
ما رأيك في إنكار أهمّية جمعيّات حقوق الحيوان لإهمالها معاناة البشر؟
لا أعتقد أن التفكير بهذه العقلية قد يوصلنا إلى شيء؛ فعلى الجانب الآخر توجد جمعيات لرعاية حقوق الإنسان ومن الأفضل محاسبتها هي على التقصير في أداء مهامها. لكن لا أجد سببًا منطقيًا يجعلنا نتصدى لأنشطة رعاية حقوق الحيوان، بحجة أن الإنسان يعاني وهو أولى بالرعاية. الإنسان يعاني منذ بدء الخليقة، وما الجديد في ذلك؟ ألم يتواجد في العصور السابقة أشخاص مشردين بلا مأوى وأصحاب حالة اقتصادية يرثى لها؟ ما أقصده أن هؤلاء موجودون في كل عصر، ومهما كانت النشاطات التي تتسابق لتقديم الرعاية للبشر، ستتواجد هذه الفئة التي أتحدث عنها من حيث لا تدري.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الأشخاص المتطوعين أو الذين يعملون في مجال رعاية حقوق الحيوان غالبًا ما يفعلون هذا بدافع الحب منهم، بعضهم أصلًا لا يحب التعامل مع البشر ويجد في التعامل مع الحيوانات راحة أكبر، ربما يمنحه هذا شعورًا نحن لا نفهمه.
الحقيقة أنّ مشكلتنا ليست فيمن يوجهون جهودهم لرعاية الحيوان، المشكلة في عقليات البشر التي تسيطر عليها الأنانية وحسب.
لكن الأمر مؤخرا فاق الاحتمال، تجدين أن هذه المنظمات يبالغون في تقديم الرعاية للحيوان، واستعراض ذلك بشكل مثير للإنسان المحتاج، فهناك معاناة حقيقية بين الفئة الفقيرة والمحتاجة، تخيلي أن يكون هناك حيوانات تتلقى رفاهية واهتمام أكثر مما يتلاقه فرد أو طفل بنفس البلد فهل هذا منطقي، اليوم الطبقة المخملية ترى أن دعم الحيوانات نوع من أنواع البرستيج والاستعراض فيبذلون فيه الكثير من التبرعات والندوات في حين هناك من بني ذويهم ولا ينظرون إليهم، الأمر يحتاج لموازنة حقيقية، حتى لا نصل لهذه المرحلة الحالية.
لا أتفهم هذا الغضب يا صديقي. ففي المقابل أجده أمرا غير قابل للتفسير ولا يخضع لأي منطق. كما أشارت صديقتنا @raghd_agaafar ، لماذا لا نوجه اللوم لتقصير جمعيات الحقوقية الخاصة بحقوق الإنسان وجوانب تقصيرها،ط؟ لماذا لا نسائلها على مواردها الموجهة بشكل غير مفهوم ونتجه لإلقاء اللوم على جانب مثل رعاية حقوق الحيوان؟ إن الأمر يبدو في ظاهره مقارنة واقعية. لكنه على أرض الواقع ليس بالمنطقي، حيث أننا ننتزع حق كائن حي في الحصول على المساعدة، في حين أننا نغض الطرف عن جهات أخرى أقدر أصلا على مساعدة الإنسان من هذه الطبقة التي تحتاج المساعدة. ألا ترى أن توجيه اللوم لهذه الجمعيات غير منطقي؟
لا ألوم أحد علي، يبدو أنك لم تقرأ تعليقي بتركيز، نوهت عن الموازنة بين الاتجاهين، لأننا كمجتمع التوجه الاكبر والذي يتصدر المشهد الاعلامي هو الاهتمام بالحيوان وكأن الإنسان إن رفق بالحيوان فهو هكذا حقق معضلة وبالتالي يستحق تسليط الضوء عليه في حين أن دعم حقوق الإنسان أمر عادي لأنه المتوقع ونتيجة لذلك تجد التوجه الأول هو الأكثر توجها للشركات والمؤسسات الكبيرة أو حتى الأشخاص الذين يبحثون عن الشهرة، لذا تحقيق التوازن مهم
بالرغم من اتفاقي معك يا رغدة، فأنا أعترض على تناولك لفمرة الدعم الإنساني بهذه الطريقة. لأن النظرة للتخلص من التشرد والضياع وخلافه على أنه أمر مستحيل هو أزمة قد تودي بالمجتمع الإنساني بأكمله. إن الحلول قائمة لوجود فئات من البشر ما زالت تساعد، مهما كانت الصورة ضبابية أو سوداوية. أرى أن الأمل في البشر للخروج من مآزقهم الاجتماعية مال زال حيا وقائما.
ولكن ألا ترين يا رغدة أن المجتمعات التي تًقام فيها جمعيات للرفق بالحيوان في حين يًداس فيها الإنسان ويُطحن و ُيشرد هي مجتمعات منافقة تتصنع الرحمة وهي أبعد ما تكون عنها؟! أنا هنا لا ألوم الحيوان على أنهم اهتموا به حقيقةً أو كذباً ولكن ألوم نفاق المنافقين و تكلف المتكلفين! ولا نقول كما تقولين أنت: الإنسان مشرد منذ بدء الخليقة؛ لأن الإنسان يقيم وسط جماعة من الناس ترأسها حكومة يفترض أن تُعلي من قيمته هو قبل الإعلاي من قيمة الحيوان. كما قلت أنا لا ألوم الحيوان وكيف ألوم ما لا يفهم ولكن ألوم من يتصنع؛ فكان أجدر بهم أن يفرغوا من رعاية الإنسان ثم يتوجهوا إلى رعاية الحيوان وإن قدروا على الجمع بين الاثنين فبها ونعمة وإلا فالانسان اولى.
في مجتمع كهذا، هذا لا يعني إلا أنّ نشاطات حقوق الحيوان تقوم بدورها بينما النشاطات التي من المفترض أنها موجهة لرعاية حقوق البشر متراخية ومتكاسلة عن دورها. لا معنى سوى ذلك أستاذ خالد. الرحمة أيضًا تسري على الحيوان كما تسري على الإنسان، كلاهما يجوع وكلاهما يشعر بالألم. بالطبع لا أساوي هذا بذاك، فالإنسان مكرّم وهو خليفة الله في الأرض. ولكن نفس الشريعة أيضًا حثت على رعاية الحيوان.
أتفق فقط في نقطة المبالغة في ذلك إلى الدرجة التي تجعل رفاهية الحيوان تتعدى حصول الإنسان على أبسط حقوقه، وهذا بالفعل قد يكون مشهدًا مستفزًا لأي شخص.
النبي عليه السلام أوصانا ببر الحيوانات وقال لما سأله الصحابة : أولنا في البهائم أجراً؟ قال : نعم، ولكم في كل ذي كبد رطبة أجر....ولكن كيف أعلى من قيمة الاهتمام بالإنسان الذي نفخ فيه الخالق من روحه؟! قال: لأن تهدم الكعبة حجراً حجراً لأهون عند الله من أن يُراق دم امرئ مسلم!!! فإذا كنا من الرهافة بحيث نهتم بالحيوان هذا الاهتمام ونجعل له جميعات للرفق به، فمن الأولى أن نهتم بالإنسان وإلا كنا منافقين حقيقةً ونفعل كما يفعل الغرب وكفى وليس رحماء بالإصالة بل شعور مستورد مدخول غير حقيقي.
فما رأيكم في هذا المبدأ؟
عموما لا اتفق مع هذ المبدأ بحرفيته لعدة اسباب منها تسطيح العلاقات الكونية بين الانسان و الطبيعة ، وأن الاقرار بهذا المبدأ هو أقرار ضمني لوغوسنتريزمية الإنسان أي مركزية الإنسان وتسيده على الطبيعة، فحماية الحيوان او اي شيء أخر تقول ضمنيا بأن الانسان أقوى من غيره من الكائنات وأن لذيه مسؤولية أخلاقية تجاههم بحكم قوته عليهم بالعقل؟
طبعا لا ننفي المسؤولية الاخلاقية للانسان تجاه الكائنات الاخرى والطبيعة التي يعيش فيها لكن ليس لأنه ارفع مستوى منهم أو أقوى واعلى ،بل لأنه مجرد جزء من الطبيعة وعليه احترامهم باعتباره مشاركاً في الحياة الطبيعية وفرد منها، وعليه أن يتلتزم بخدمتها لا أن تخدمه هي.
ميزة الوعي والادراك التي يمتلكها البشر لا تجعلهم أعلى من غيرهم، ولا تجعل كائن اخر في خدمتهم ولاتعطيهم الحق في التحكم فيهم، هذه الفكرة هي فكرة وليدة ا الفكر الديني والتي مالبث ان ثبتها المنهج التجريبي الذي يريد ان يجعل الانسان الاله على الطبيعة.
اما اليوم بعد ظهور الفكر مابعد الحداثي وموت الانسان فقد تراجعت هذه المركزية الانسانية لتحل مكانها مركزية الطبيعة من جديد... ومعها جاءت فكرة دراسة المناخ وحقوق الحيوان ، لكن مازل هناك من يوظفل هذه المسألة توظيف برغماتي اي ليس لصالح الفكرة نفسها بل لصالحه الخاص، مثل بعص الاحزاب السياسية التي ما تلبث تدعم منظمات حقوقية شهور قبيل الانتخابات، او شركات تدعم نشاطات من هذا النوع لزويادة ارباحها وكسب التعاطف الشعبي...الخ.
بالطبع تعمل العديد من الجهات على استغلال الأمر. وهو ما لا أعده صديقت للبيئة أو للطبيعة بأي شكل من الأشكال. وعلى الرغم من أمني أتفق معك في فكرة عدم التوافق مع هذا المبدأ، فأنا يصيبني الغثيان أيضا من المؤسسات الاستثمارية الربحية التي تعمل على تحسين صورتها التسويقية من خلال هذا التريند الحقوقي.
وعلى صعيد آخر، نجد موجة التسويق الأخضر مثلا، والتي في ظاهرها تبدو مناهضة لكل الأعمال التخريبية التي تعو بها الصناعة على البيئة. لكن في حقيقة الأمر تحتفظ الشركات بنظرة أخرى، نظرة ظاهرية فقط، تحافظ فيها على الصورة والشعارات، في حين أن خطوط إنتاجها الداخلية لا يمكن أن تقوم على هذا الأساس.
من الخطأ لومهم
فالإنسان والحيوان .. كلاهما بحاجة لمراكز تهتم بهم
فوجود مركز مختص بالحيوان فقط .. لاعيب فيه
ومن غير المنطقي تحميله امر لايقع في اختصاصه
هذا هو التناول المفترض فعلًا يا صديقي. وفي ساق سوي من التفكير، لا يمكننا ان نلوم أحدهما على حساب الآخر، ولا يمكننا أيضًا أن نوجّه اللوم المستمر لجمعيات حقوق كائن ما لأنها لا تعير الإنسان الاهتمام الكافي، في حين أنّنا لا نطالب مؤسّسات أخرى بالأمر نفسه، في حين أنها أقرب أساسًا لهذا الواجب.
التعليقات