نسمع دائما أن الإنسان إن خان مرة، سيكرر فعلته من دون شك، ولكن أنا شخصيا لا أظن أن مرة واحدة كافية للحكم على طبع الإنسان فأحيانا تحصل ظروف استثنائية ويوجد حالات خاصة أحيانا. فأنا لا أبرر الفعلة، ولكن هل يمكن أن نجزم بشكل قاطع بأن من خان مرة سيخون دائما؟
من خان مرة، هل سيخون دائما؟
من يردد هذه العبارة لا أظنه ملاكا, سيكون على الأرجح من النوع الذي يخطئ وينكر خطأه أو يعطيه مسميات أخرى غير الخيانة.
هناك تلك الخيانة الواضحة وضوح الشمس والتي يدرك صاحبها فعله وهناك الإخلاص التام وبينهما أمور متشابهات.
لو تحدثنا عن المتشابهات فإن ما قد يتم اعتباره خيانة قد يعتبره صاحب الشأن حقا, فعندما خانني أحد أصدقائي وسرق مالي أخبرني أنه حقه وأخبر الجميع بذلك أيضا, هل سيخون مرة أخرى شخصا آخر غيري؟ الله أعلم, ولكن ليس بالضرورة أن يفعل ذلك مجددا فهو شخص طيب مستقيم طوال سنوات معرفتي به, ولكنه كان يمر أيامها بضائقة مالية وحالة نفسية جعلته يفكر بهذه الطريقة, ربما هو نادم الآن من يدري؟
هل سبق وخنت أنا؟ نعم لقد خنت بضع مرات أذكرها جيدا وقد ندمت عليها وحاولت تصحيح بعضها, لا أذكر أنني أخذت حق أحد ولكن أذكر كيف وعدت أحدهم أنني سأنجز بحث التخرج معه وأخلفته بعد أن أقنعني آخر بالتخلي عنه واستبداله به. هل هناك خيانات أكبر من هذه التفاهة قمت بها؟ الله أعلم! ربما توجد وأنكرها وأسميها أنا حقا وغيري يسميها غدرا وخبثا وقلة مروءة.
المهم أنه في آخر المطاف الكل يتحدث عن كيف تعرض للخيانة وكيف ظُلم ولا أحد يتحدث عن كيف خان وظَلم.
بالفعل نحن قلما نقيم أنفسنا بشكل موضوعي فلكل منا الجانب المظلم والإنسان في صراع دائم بين الجانب الخير منه والآخر الشرير. ولا يوجد إنسان خالي من السيئات فلا بد من وجود نزعة إلى فعل سيئ ولكن قد لا يكون هو الخيانة. فيوجد الكثير ممن لا يخونون ويلتزمون بوعودهم ولكن يرتكبون أفعال سيئة أخرى كالغرور والنميمة. فبرأيي، يوجد خيانة عرضية، أي حصلت بسبب اجتماع ظروف معينة وقد لا تتكرر الخيانة دون ظروف مشابهة، وهنا الإنسان قابل للخيانة ولكن ليست صفة متأصلة فيه وقد لا تتكر. من جهة أخرى، ألاحظ أن الخيانوة صفة متأصلة عند بعض الأشخاص حتى دون ظروف ضاغطة نظرا لانعدام قدرته على الالتزام أو الوفاء أو وضع مصلحته الشخصية قبل الآخرين.
دعنا نتفق ان الخيانة شيئ بغيض وان الفطرة السليمة السوية تبغض مثل هذا، بالاضافة الي حرمته الدينية، فمهما كانت الظروف والمواقف المفترض علي الانسان ان يعف نفسة عن مثل هذا، كذلك لا نستطيع ان نحكم علي انسان من خيانته الاولي انها اصبحت عادة له او الجزم انه س يخون مرة او مرات اخري ف الأمر يتعلق بطبيعة هذه الخيانة هل هي كانت ذله وخطأ ام محاولة ايقاع قام بها الشخص.
مهما كانت الظروف الاستثنائية فهناك طرق أخرى تقي من الخيانة. ولذلك فالإنسان الذي يعتقد أن ما يمر به كاف لتبريرها لنفسه لن ييأس في إيجاد ظروف أخرى مناسبة في المستقبل أو ربما هو شخص ليس لديه وازع أخلاقي كافٍ وفي الحالتين لا يوجد ما يضمن عدم تكرار الفعل ولا فائدة من الثقة بشخص موضوع تحت المراقبة طوال الوقت.
وهل يمكننا برأيك أن نعمم الخيانة على جميع الأصعدة؟ أي مثلا هل يمكن أن نثق بصديق خان شريكه العاطفي باعتبار أن قد يكون وفيا مع أصدقائه وتقتصر الخيانة لديه على العلاقات العاطفية؟
سؤالك دفعني للتفكير فعلًا. فمن ناحية الخيانة كسلوك غير أخلاقي علامة لا يمكننا تجاهلها في أصدقائنا فمثلًا هل أصادق شخصًا مشهور عنه اللصوصية؟
ومن ناحية أخرى فطبيعة العلاقات مختلفة هنا لأن الإنسان قد يكون له أكثر من صديق وهو لا يخون صديقًا لأجل أخر بعكس العلاقات العاطفية.
فالأمر هنا هو هل بارتكاب صديقك عملًا غير أخلاقي يستحق ابتعادك عنه أم لا؟ وفي الواقع أرى أنه على حسب العمل فعند الحديث عن الخيانة هنا لا أستطيع مصادقة شخص قام بالخيانة ولن أساعده في إيذاء طرف تم إيذاءه بالفعل.
ولكن هل تعتقدين بوجود أشياء أخلاقية أخرى يمكن التسامح معها في إطار الصداقة؟
أنا شخصيا لا أتوقع خيانة من صديق أو صديقة بناء على خيانتهم لشريك عاطفي لأن غالبا دوافع الخيانة العاطفية تختلف كثيرا عن دوافع الخيانة بين الأصدقاء ولا أربط بين الحالتين. ولكنني من الداخل قد أفقد جزءا من احترامي له. فجزء من تقديري وحبي للأشخاص يبنى على الطريقة التي يتعاملون بها مع الآخرين وليس فقط معي كي أستطيع احترامهم على أكمل وجه. فقد أحافظ على علاقتي به إلا في حال شعرت أنه إنسان مؤذي وعديم الرحمة. أي أن خيانته نابعة من مجرد تسلية وتسببت بأذى كبير لشريكه دون أن يترك لديه شعور بالذنب. لا أعلم كيف أوصل فكرتي فأنا لا أبرر الخيانة بأي حالتها ولكن يوجد حالات خيانة تظهر انعدام رحمة وأذية وحالات أخرى يندم عليها الإنسان ويحاول إصلاحها وتشعره بالذنب.
فسأقطع علاقتي مع الشخص الذي ينعدم ضميره ولا يندم على فعلته أو يأبه لمشاعر الآخرين. فيوجد حالات لا نتعرض بها لأذى من الشخص ولكننا ننفر منه بسبب فعل قذر مع غيرنا. فالإنسان يخطأ ولكن برأيي لا يجب أن نتسامح في إطار الصداقة مع الأناس الذين فقدوا ضميرهم.
إن المرء يظل يستصعب الخطيئة حتى يقع فيها فتسهل في عينه ويسهل عليه تكرارها، والخيانة مجرد نموذج فمن كسر كل القيود وأرخى كل المبادئ وأتى الخيانة مرّة فكيف لن يستطيع تكرارها بعد أن تجاوز الجزء الأصعب منها .
إذاً الذي يخون في المرة الأولى ستسهل الخيانة في عينه ولكن يبقى ضميره هو الذي يشدّ عليه أو يرخيه، فإن كان ضميره حياً فسيمنعه في كل مرة يفكر فيها بالخيانة مرة أخرى أما إذا كان ضميره ميتاً فلن يستصعب تكرار الأمر مراراً وتكراراً، ولكن الأمر ليس في تكرار الخيانة من الخائن بل في استعادة الثقة من الشخص الذي تعرض للخيانة، فمن الصعب جداً أن يثق الشخص مجدداً في من خانه أو يتقبل وجوده .
نعم وجهة نظر منطقية فعند بعض الأشخاص الضمير يكون في أوجه عندما ارتكاب الخطأ في المرة الأولى، ولكن بناء على قوة الضمير والقدرة على ضبض النفس، قد يصبح الخطأ أسهل في المرة المقبلة أو قد يتوب اللإنسان عنه إلى الأبد فيدرك حجم الضرر من فعلته.
وأنا شخصيا لن أعيد ثقتي بأي إنسان اقترف فعل الخيانة بأي نوع من أنواعها ومع أي إنسان، ولكن كي أكون موضوعية، شهدت على بعض الحالات حيث عادت المياه إلى مجاريها بل وبشمل أفضل بعد حادثة خيانة لأن الطرف الخائن أدرك حجم فعلته واستطاع مع الوقت إعادة بناء الثقة.
على الرغم من مرارة الخيانة إلا أن الحياة علمتني أن لا أقسو على الناس إن لمست منهم صدقاً وندماً .. أن لا أغلق الباب بلا عودة إن عرفت عنهم خيراً .. أن أمنح الفرص من خطّاء لخطّاء وأراعي ضعف نفوسنا وزلاتها .
أهنئك على القدرة على التسامح فعندما نتسامح نحن نفيد أنفسنا قبل كل شيئ ودون ذلك لن نستطيع تخطي الموضوع. ولكن من جهة ثانية يجب إبقاء التوقعات منطقية لأن التوقعات العالية هي ما يسبب خيبات الأمل.
من خان مرة، هل سيخون دائما؟
هذا يختلف من شخص الى آخر وان كنت ارى اختلاف معيار كلمة خيانة من شخص الى آخر. فقد يكرر الشخص ارتكاب نفس الفعل الخيانة او ان يرتكب الخيانة مع شخص آخر وحتى انتهاك ونقض العهد مع النفس تعتبر خيانة وقد تكون هي اكبر الخيانات.
وكما اسلفت يختلف مفهوم الخيانة وخرق الولاء من شخص الى آخر ومثال ذلك إن المبلغين عن المخالفات القانونية بالنسبة للبعض هو يمثل طعن بالظهر وخيانة من وجهة نظر الطرف الآخر فقد يكون الخائن بطل في جانب ومجرم وخائن في جانب آخر.
ومعيار الثقة وما تمثلها من اهمية داخل كل فرد فالثقة أمر خطير وما نخاطر به أثناء عملية الوثوق به هو فقدان الأشياء القيمة التي نعهد بها الى الاخرين، بما في ذلك احترامنا لذاتنا والتي يمكن أن تتحطم بسبب خيانة ثقتنا من قبل الآخرين.
تعريف الخيانة يختلف باختلاف الطرف الذي يتعرض للخيانة، فتعريف خيانة الصديق غير خيانة الحبيب غير خيانة مرتبطة بالعمل، ولكن المشترك بينهما بنظري هو الاستمرار بتقديم وعود يدرك الشخص أنه لن يوفي بها بالإضافة إلى الإخلال بالواجبات والأمانة. ولعل خيانة النفس هي أهم الأنواع التي لا يسلط الضوء عليها مع أننا يمكن أن نتوقع كيف سيكون الإنسان مع الآخرين من الطريقة التي يعامل بها نفسه. فمن يقدر نفسه بشكل جيد وصحي، سيقدر غيره، وإن حللنا شخصيات الخونة، سنكتشف لا محالة بأنهم يعانون من عدم قدرة على الالتزام حتى مع أنفسهم.
البشر يتلذذون بجلد بعضهم البعض!
فنجدنا نطلق الأحكام ونصدر التوصيفات الدائمة حتى لو تعثر أحدهم لمرّة.
لأجل ذلك كانت تقول جدّتي :- اللّه يغفر والناس لا ينسون.
سبحان اللّه يقول إنّ اللّه يغفر الذنوب جميعًا إلّا أن يشرك به، وأرى البعض مِن حولي مَن إذا التمسوا خيبة أمل لمرة اعتمدوها وشمًا للشخص طيلة عمره.
أتفق في أن الإنسان يقلق، يخشى أن يتكرر معه شيء قد التمسه في أحدهم وأساءه ، لكن المغفرة والنظر إلى النقص البشري مطلوب وحتمي.
الخيانة تسمى هكذا عندما تحصل بعد الإرتباط المقدس دينا و قانونا اي الزواج إن لم تكن في فترة الخطوبة بل منذ تعرفكم على بعض و ليس هناك مبرر بتاتا لخيانة الحبيب و أما عن الظروف الإستثنائية و الحالات الخاصة التي تجعلك تخون هذه محض سذاجة يصنعها العقل ليبرر تصرفه و يشعره بالرضى ولتكذيب واقعية حدث الخيانة.
و أما عن الخيانة مرة أخرى حتى ان لم يكن سيعيد الكرة فأقله يفكر بالأمر و هذا أيضا يعتبر خيانة و يعود السبب المطلق للخيانة بالمختصر المفيد سطحية عقل الخائن و تفكيره الطفولي بإمضاء الوقت و لهذا ينصح الناس دائما بالزواج الا بعد الإستقرار العقلي و النفسي للزواج فهي مسؤولية كبيرة جدا و لهذا السبب كثرت نسبة العنوسة و العزوبية لأعمار بالغة جدا بسبب مسؤولية عن الذات حتى بل قبل كل شئ فلتنال شيئا في هذه الحياة يجب أن تناله بإستحقاق و الخيانة هي فشل في إختبار الحياة.
و لكن سؤال لصاحب الموضوع من أسلوب حديثك أشعر بأن لك علاقة بالأمر إما أنك قمت بالخيانة و تريد تبرير نفسك و الشعور بالرضى كأن شيئا لم يحدث و إما من تحبينه قد خانك و تريدين اعادة المياه الى مجاريها لأنك ببساطة تحبينه حبه جما لكن صدقيني من يحبك بحق لن يفكر بتركك تؤذي نفسك حتى فما بالك و باله بخيانتك.
نصيحة الذهبية لك و أرجوك تذكر هذه العبارة إياك أن تستمر مع شخص أخطأ معك خطأ من نوع الخيانة لأن من يقوم بفعل كهذا رغم انك معه فهذا لا يسمى حبا على الإطلاق فإن إستمرت فهي تعني شيئا واحدا. المصالح.
لا يوجد إنسان لم يتعرض للخيانة في وقت من حياته وليس بالضرورة على صعيد عاطفي. فأنا أسأل السؤال من منطلق تحليل شخصية الإنسان واكتشاف الآراء المختلفة.
والخيانة هي خيانة سواء للزوج أو الخطيب أو الحبيب الذي لا تربطنا به صلة رسمية. فأنا لا أبرر للخائن ختى وإن كانت ظروفه فعلا قاهرة، ولكن نسعى هنا إلى التمييز بين الخيانة كحادثة عرضية يوجد قابلية لها عند الإنسان ولكن قد لا تتكرر وقد يستطيع الإنسان عدم تكرارها، وبين الخيانة كصفة متأصلة لا تحتاج إلى ظروف كي تحصل.
فمن خان مرة يفقد احترامي ولن أعطيه ثقتي ولكن لا نستطيع أن نساوي بين جميع حالات الخيانة.
التعليقات