كثيرا ما نسمع بأن الحب مقبرة الزواج، وأنه يستحيل للحب بأن يستمر بعد أن يعيش الطرفان تحت سقف واحد وتزداد مسؤولياتهما. فمن وجهة نظري، الزواج هو فقلا مقبرة الحب الذي يكون سطحيا ولم يبنى على أسس متينة، ولكن حتى في أفضل العلاقات، شيئ ما سيتغير لا محالة، فماذا تظنون؟
هل الزواج فعلا مقبرة الحب؟
الحبّ لا يكفي لبناء زواجٍ ناجح، صحيحٌ أنه ركنٌ أساسيّ من أركانه لكنه وهكذا بشكلٍ مجرد لا يكفي! تحيطُ بالحبّ في هذه الفترة من الزمن تصوراتٌ سينمائية، نكاتٌ منتشرة عن الزواج وتفاصيله، تنافسٌ اجتماعيٌ عنوانهُ المظاهر، ومثالياتٌ يدعيها الطرفان في الفترةِ التي تسبق زواجهما، وهذا قد يؤدي إلى صدمةٍ بعد أن يعيشا معاً، ولعلهُ من أسباب انتشار الطلاق المبكر لدينا، لا يوجدُ شخصٌ بلا عيوب ومشاكل، وهذا يعني أن من يحبك حقاً، سيكونُ قادراً على تحملها والتعايش معها لأجلك (لا أتحدث هنا عن مشاكل مدمرة للزواج وهادمة للأسرة) لا أن يشعرك بالنقص لأجلها، من يحب سيقتنع ويرضا، لن يكونَ الحبّ مشتعلاً وفي أفضل درجاته دائماً، لن تكون بحال جيدة دائماً، الحبّ سيجعلك قادراً على الاستمرار، ستشعرُ بالملل، يقال أنّ كلّ مبذولٍ مملول، سواءً أكانت غايتك الزواج بشكل عام، أو الزواج ممن تحب، فإنّ وصولك للغاية سيغيرك كيميائياً على الأقل، وهذا يعني أنّ الحب بحاجةٍ للتجديد بين حينٍ وآخر، من البديهي أن لا تكونَ العلاقة المجردة من أي التزامٍ أو مسؤولية شبيهة بتلك بالزواج الذي سيخلق التزاماتٍ متجددة ومسؤولية لا يمكن تحملها بسهولة ولا تنس الاجتماعيات المزعجة أحياناً، كلّ هذا وغيره يجعل التغيير متوقعاً، ولكنّ التغيير لا يعني بالضرورة نهاية الحب، لعلهُ مرحلةٌ جديدةٌ منه لا يحسن البعض التعامل معها لسببٍ أو لآخر..
بالطبع شيء ما سيتغير بل الأحرى أن كل شيء سيتغير ولكن هذا التغيير لن يكون دائمًا سلبيًا وبالنسبة لي فإنه في العلاقات الصحية يكون الزواج التربة التي يزرع فيها الحب ليكتمل وليس مقبرته على الإطلاق.
وبالطبع تزداد المسؤولية لكن كذلك تزداد المعرفة والخبرة والعشرة والود وغيرهما.
ولكن الأمر يتم حله بإدراكنا أن الحب ليس له شكل واحد وأن الشكل الذي نتوقعه ليس ما سوف نراه ولكن ما سنراه ربما يكون أحيانًا أفضل.
يمكن لزواج أن يكون مقبرة الحب ويمكن عبر الزواج نحي الحب، لنعود قليلا للوراء، هل ياترى أجدادنا تزوجوا عن حب وبعدها مات الحب لديهم أم ما حدث هو العكس؟ أتذكر الكثير من القصص التي سردتها لي جدتي قديما عن أحوال المعيشة في القديم، فكانت تقول لي الزوج لا يرى الزوج إلا ليلة الدخلة فقط أي بعد الزواج، ونجد أن زواجهم يستمر لسنين طويلة حتى على فراش الموت، لذلك أنا عكسك يا ريان أؤمن بأن الزواج قد ينبت الحياة وردية مليئة بالحب ولكن شريطة أن يكون كلا من الطريفين متقبل الأخر بعيوبه وحقيقته.
أنا أتفق معك عفيفة في ان الزواج التقليدي معرض للنجاح الأكبر لأنه يعتبر الالتزامات أكثر من مجرد مشاعر وهذا ما يجعل تلك الالتزامات تتحول لحب و مودة تكبر مع الوقت بعكس العلاقات العاطفية التي تبدأ بحب كبير ثم يأخذ بالنقصان والتضاؤل رويدا رويدًا لأن سقف التوقعات يكون مرتفع لديهما وعالم الأحلام مغاير للواقع والحياة الزوجية مبنية على حقوق وواجبات أكثر وليست أوهام وهي بحاجة للوعي الكبير من الطرفين لأجل نجاحها
هذا صحيح وفقاً للمفهوم الدارج للحب وما تنشره المسلسلات والأفلام .. فالأصل ليس أن الزواج مقبرة الحب ولكن أدمغتنا هي من جعلته كذلك لأننا نضع تصورات خيالية لا تمد للواقع بصلة ولأننا ننظر للعلاقة من وجهة نظرنا نحن ونحدد الحب وفقاً لمفهوم كل منا..
لو سألنا جماعة من الناس ما مفهوم الحب من وجهة نظركم؛ سنحصل على اجابات لا تحصى وستتابين فيما بينها بتحديد أولوية كل شخص..
بعض الناس تجد أن الحب بالتعبير المادي كالهدايا مثلاً بينما آخرين سيهتمون بالتعبير السمعي باستخدام عبارات المشاعر.. وهناك من يهتم بالتشجيع والتقدير والدعم، أو من يعتبر الحب هو المواقف وغير ذلك ..
تكمن المشكلة حين لا نتحدث ذات لغة الحب وهي الامر الذي شرحه الكاتب جاري تشابمان في كتابه لغات الحب الخمسوالتي حددها في خمس لغات وهي:
وقت خاص للحبيبب.
الأفعال أقوى من الكلام.
التلامس الجسدي.
الإطراء والكلمات الداعمة.
تلقي الهدايا.
وبالتالي إذا كنت من الأشخاص الذين يتحدثون لغة الحب وأفضل الإطراء بينما زوجي يتحدث ويعبر بالهدايا لن أفهم لغته ولن ألتفت لأهمية الهدايا التي يقدمها بالنسبة له وكذلك لن أعبر له بالطريقة التي تتناسب معه.
هذا الكتاب في رأي يحمل الكثير من النصائح التي يمكن لتطبيقها ان ينعش العلاقات .
ولكن بشكل عام المشاكل الزوجية في مجتمعاتنا لها أسباب وموروثات ثقافية تمنع الزوح من التعبير عن مشاعره والاهتمام بزوجته وتفرض عليه التعامل معها بشكل يقبله مجتمعه لكي يفرض سيطرته
بصراحة أنا أؤمن بمصطلح أعمق وأكبر من هذا ..
اللّه حينما ذكر في كتابه ووصف الزواج وصفه بكلمتي أعمق من حيثيات الحب هذا .
( مودةٌ ورَحمة ) ..
ويكأن الناس انتقلت إلى مرحلة سينطفيء فيها وهج الحب المتقدّ، والمكالمات التي كانت لا تنتهي، وكلام المدح اللامُنقطع.
ليبدأ كلٌّ منهم في رحلة ( صدق ) ، ينكشف كلٌّ منهما على الآخر، عيبه قبل ميزته، عثراته قبل وجوده بشكل أقرب للمثالية.
" سنعتاد يا رايان " ، اللهفة موجودة لكنها وطأة حدتها تهدأ، الشوق مُباح لكنّا لم نعد الشخصين الذين كانا يترقبان نظرة!
أصبحت الضمانية موجودة ..
ولا يُنجّي الناس ولا يُثمر حياتهم ولا يسعد قلوبهم إلّا أن يشملهم اللّه بـ ( مودةٍ ورحمة )
التعليقات