ألا يمكن أن يكون للذكاء حدود؟ متى أقول أنا أصبحت أكثر ذكاءً ووصلت إلى حد المعرفة؟
هل ذكاء الإنسان له حدود؟
ووصلت إلى حد المعرفة؟
سأتصرف وكأنني لم أقرأ هذه الجملة التي لا وجود لها في حياتنا، بل إن من يقول عن نفسه أنه وصل إلى حد المعرفة هو إنسان جاهل، فالشخص المتعلم كلما تعلم أمراً أدرك جهله، يقول الشافعي رحمه الله :
“كلما أدّبني الدهر أراني نقص عقلي و كلما ازددت علما زادني علما بجهلي”
حتى في تلك اللحظة الذي نغتر بما وصلنا إليه من العلوم، يرسل لنا الله مواقف تذكرنا بجهلنا وبنقائصنا، فنقع في موقف قابيل لما رأى الغراب، فأصبح الغراب أستاذه .
بالنسبة للذكاء وقدرة العقل البشري فحدوده فيما يدركه، أما العلم الذي خفي عنا أي علم الغيب، فلا نستطيع التفكر فيه مهما بلغ ذكاءنا، لا نستطيع تخيل أشكال الملائكة مثلاً، على الرغم من أن الرسول وصف لنا بعضاً من أوصاف جبريل عليه السلام إلا أن عقلي لا يستطيع تصورها ولا تخيلها ولا أعتقد أن أحداً من البشر يستطيع التوصل إلى هيئته الحقيقية مثلاً .
بالنسبة لعالمنا المُشَاهد فنظن أن الذكاء البشري قد انتهى ونُفاجأ بأمثلة تثبت العكس، وفي كل يوم تخرج لنا اختراعات لم تخطر على البال، لذلك إن العقل البشري أعجوبة، لابد أن نحافظ عليه وننميه وننشطه حتى يسطع بالأفكار المتلألئة .
ألا يمكن أن يكون للذكاء حدود؟
نعم للذكاء حدود، فليس من المنطقي أن يسع الإنسان - أو اي كائن آخر- كل شيء في الكون علمًا!
ولو حصل ذلك لكام هذا الكائن هو الإله، ما دون الإله مهما بدا أن ذكاءهم واسع في نظرنا كبشر، فإنه محدود مقارنة بكل ما في الكون.
متى أقول أنا أصبحت أكثر ذكاءً
بتجاهل الجملة الاخيرة، فإنك لن تستطيع تحديد كونك ذكيا أو لا، لأنه ما مقياس الذكاء الذي تتحدث عنه أصلا؟
إذًا تفسيرك للسؤال الأخير وردك عليه يوحي لنا بأهمية الاهتمام بنوعيات التفكير والذكاء بشكل عام. وعلى الرغم من أنني لستُ من المهتمين بتحديد مستويات ذكائهم، أرجو منك أن تمنحنا لمحة سريعة حول كيفية تقسيم مستويات الذكاء لأنني سمعتُ بعض المعلومات المغلوطة في هذا الصدد.
وعلى صعيد آخر، لم يكن الكثير من العباقرة في التاريخ على درجة من الاهتمام بتحديد مستوى ذكائهم، فهل ترون أن هذا الأمر غير مهم فعلًا كما أراه أنا أم لا؟
أنا أتفق معك تماما
لا أجد أن تحديد نوع الذكاء يحدث فرقا أو يصنع تغييرا ما في طريقة تفكير الإنسان، بل على العكس قد يأخذ شخص ما اي اختبار من اختبارات الذكاء ويجد أن ذكاءه متدنٍ في جانب ما، فيُحبط.
ناهيك عن أنه أساسا لا يشترط أن نكون كلنا على درجة من المعرفة بمعادلات الرياضيات أو حل مشاكل الحياة أو أي أمور أخرى، بل يكون شخص فاشل في العلوم المنطقية كالرياضيات مثلا، لكنه بارع في تنسيق الالوان!
أو فاشل في حل المشاكل، لكنه بارع في كسب محبة الناس(اجتماعي)
وهكذا، فعلى أي أساس تقيس هذه الاختبارات؟...لا أعرف
ألا يمكن أن يكون للذكاء حدود؟
فعلا للذكاء حدود ولكننا نستطيع بالتدريب والمعرفة واطلاق العنان للابداع ان نطور من انفسنا ونجتاز الحدود التي اصطنعناها لذكائنا ونتقدم الى الامام.
متى أقول أنا أصبحت أكثر ذكاءً ووصلت إلى حد المعرفة؟
قد نصل الى درجة اعلى من الذكاء ولكن لن نصل الى حد المعرفة وهذا مستحيل الا في حالة واحدة وهي توقف الدماغ والموت. وغير ذلك بحر العلم واسع جدا ربما اكبر من هذا الكون.
لقد ذكرتني بعبارة: "من قال أنا عالم فهو جاهل" لأن العقل المطلع مع الوقت يدرك أن المعرفة بحر لا يمكن احتواؤه، مهما بلغ المرء من العلم، ولكن باعتقادي الشخصي أرى أن الذكاء محدود جدًا فقد تتفوق علينا بعض الحواسيب في كثير من الأمور بالرغم من أننا نحن البشر من قمنا بصنعها، وأعتقد أنه لا زال أمام المعرفة البشرية الكثير لتكتشفه وتتعلمه ، بيد أن هذا لا يتعارض مع حقيقة أننا كائنات ذكية وواعية، وفي اللحظة التي يتواضع بها العقل البشري أمام الطبيعة والعلم والمعرفة يبلغ ذروة ذكاؤه.
ألا يمكن أن يكون للذكاء حدود؟ متى أقول أنا أصبحت أكثر ذكاءً ووصلت إلى حد المعرفة؟
يسعى الإنسان بطبيعته الجينية والنفسية إلى البحث المستمر عن التكامل، وعلى الرغم من أن هذا غير حقيقي، فإنه يجب ألّا يفقد هذه الميزة لأنها وسيلته الوحيدة للتقدّم والتطوّر على صعيد وعيه بنفسه وبالعالم.
وعليه، فإنني أرى أننا من المستحيل من جهة أن نصل إلى ما تنوّه إليه بسؤالك حول حدود المعرفة، لأن هذه المعرفة تفوق قدراتنا البيولوجية كي نتناولها، فقد أدرك الإنسان من خلال جزء من هذه المعرفة أن الوجود هو كل يضمّ الجزء، وبالتالي فهو -طجزء- لا يمكنه أن يلم بحدود هذا الكل. لكن من جهة أخرى، يستطيع هذا المنطق أن يخبرنا بأننا نستطيع التطوّر واستقصاء المزيد من المعرفة ما حيينا، وبالتالي فإن بحثنا عن الكمال -على الرغم من كونه مستحيلًا- يصبح فعّالًا، وتتم ترجمته دائمًا إلى المزيد من المعرفة والعلم. لذلك أرى أن أبرز ما يمكننا فعله في هذا الصدد هو الاستمتاع بهذه الرحلة وعدم التنازل عن استكمالها.
هناك فرق بين الذكاء والمعرفة, فالذكاء محدود أما المعرفة فليس لها حدود.
الذكاء هو مجموع القدرات العقلية التي عن طريقها نتمكن من اكتساب المعرفة, الذكاء مثله مثل أي قدرة جسدية أخرى.
يمكن للإنسان أن يكتسب مهارة جسدية يتقنها كرياضة رفع الأثقال مثلا, معتمدا في مهاراته على قدراته الجسدية والتي لها حدود بلا أدنى شك.
لا يمكن للإنسان أن يصير أكثر ذكاء لأنها قدرات عقلية تحدد منذ الولادة, فالطفل الحاصل على IQ 120 مثلا في اختبارات قياس الذكاء سيحصل على نفس النتيجة بعد عشرين عاما من اختباره.
ولكن يمكن للإنسان أن يصير أكثر معرفة.
ألا يمكن أن يكون للذكاء حدود؟ متى أقول أنا أصبحت أكثر ذكاءً ووصلت إلى حد المعرفة؟
للوهلة الأولى يبدو السؤال معقولا ولكنه غير منطقي، ولكن في عمق السؤال هناك لغز لا بد من التعامل معه باحترافية: ما هو الفرق بين الذكاء والمعرفة وايهما يسبق الاخر وايهما اكثر أهمية وتأثيرا؟ حين نتعرف على الإجابات عن ذلك يمكننا بالفعل ان نذهب للحقيقة .
الذكاء هو فطري او وراثي يمكن تدعيمه بالمهارات وبالتالي الانسان يولد لديه ذكاء ومهارات وبالمقابل كلما ارتفعت نسبة المهارات ارتفعت نسبة الذكاء. ولكن المعرفة لا تولد مع الانسان.
لنقل ان لدينا جهاز كمبيوتر حديث جدا. لقد تم تصميمه بأحدث ما توصل له العلم الحديث. لكنه في النهاية آلة لا يمكننا الاستفادة منها بدون العمل عليها وتغذيتها بالمعلومات وبالتالي هناك لوحة المعالج المركزي في الجهاز ستقوم بتحليل تلك البيانات المدخلة وتحويلها الى معلومات ويمكن من خلالها اتخاذ القرارات الحكيمة والمناسبة. ماذا لم ندخل البيانات للجهاز ما قيمته؟
وكلما تدربنا اكثر كلما زادت خبراتنا ومهاراتنا وقدراتنا، هكذا هو الذكاء، يمكن التحكم فيه بالتدريب! الم نسمع عن البرمجة اللغوية العصبية انها تتحكم في مركز الدماغ وبالتالي ترفع من نسبة المهارات بينما المعرفة لا تمثل 7% ونقول ان الانسان ذكي للغاية وهذا الذكاء بسبب ما امتلكه بفعل التدريبات من تحكم في لغة الجسد وحل المشكلات والتعامل مع الأولويات وغير ذلك.
وكلما ارتفع مستوى الذكاء والمعرفة معا كلما اصبح الانسان اكثر عبقرية وابتكار وابداعا وهكذا يسبق غيره فالمهارات المعرفية ترفع من مستوى الذكاء ولكنها لا تصنعه، بينما الذكاء يصنع المعرفة ويطورها، بل ان جاز لنا التعبير فان تكونت المعرفة من جسد صغير او عملاق فان روحها هو الذكاء ، فمتى كان الذكاء محدودا كانت معرفة الشخص محدودة وهكذا! ولنتذكر أيضا أن اكتساب المعرفة يتم من خلال التعليم والملاحظة والإدراك، وكلما كانت الانسان ذكيا كلما كان اكثر ابداعا في التعليم والملاحظة والإدراك.
الذكاء غير محدود ولكن هناك حدود لإستخدامه، فإذا زاد الذكاء عن حدّه تحول إلى جنون وهوس! مرة قرأت في مقالة أن الإنسان لا يستخدم من ذكائه إلا ما يقارب ٦٪ على ما أتذكر، وأن الحد الأقصى للذكاء البشري هو إستخدام ١٠٪ منه، وأن الزيادة عن ذلك الحد ستؤدي إلى هلوسة الشخص وجنونه، لذا فحتى الذكاء لا بد لنا أن نكون معتدلين به، فكل ما هو زائد أو ناقص مُضّر.
متى أقول أنا أصبحت أكثر ذكاءً ووصلت إلى حد المعرفة؟
تحدي الذكاء يكون بين ذكائك اليوم وذكائك في الغد، إذا تعلمت أمرًا واحدًا كل يوم فأنت تصبح أذكى من اليوم الذي سبقه، أضف إلى ذلك أنك تُمرن خلايا دماغك وستصبح أكثر سرعة في تلقي المعلومات وتخزينها لفترات أطول وبجودة تذكر رائعة.
نفرق بين فرضين:
- الحد المطلق،: طبعا كل شيء مخلوق له حد ينتهي إليه، وهذا الفارق الأعظم بين الخالق والمخلوق، والذكاء مخلوق.
- الذكاء الشخصي: لن تصل إلى نهايته؛ لأن الإنسان كلما ازداد عمره كثرت خبرته وعلومه ومعارفه على قدر ما يُغذيها وينميها، وحد بلوغ نهاية الذكاء الشخصي هو مفارقة الحياة.
أطال الله في عمرك!
التعليقات