دائما ومنذ طفولتي كان يستهويني شغف غريب بالتاريخ وكتبه وعن الشعر العربي المتعلق باحداث معينة فأستهوتني الفترة الأموية التي حكمت لمدة اقل كن مئة عام واستهوتني الفترة الجاهلية التي كانت تعاصر امرؤ القيس الكندي الشاعر المعروف.وقد استهواني كثيرا شعر عبد الرحمن بن معاوية ( الداخل ) الذي فر من دمشق وأسس دولة قوية في الأندلس وهو الوحيد الذي كان يحكم الأندلس ويشعر انه وحيد في ارض غريبة رغم انه حاكمها وامر باحضار شجرة نخل من المغرب فزرعها وعندما كبرت كان ينظر إليها ويقول

يَا نَخْلُ أَنْتِ غَرِيبَةٌ مِثْلِي *** فِي الْغَرْبِ نَائِيَةٌ عَنِ الأَصْلِ

فَابْكِي وَهَلْ تَبْكِي مُكَيَّسَةٌ *** عَجْمَاءُ لَمْ تُطْبَعْ عَلَى خَيْلِ؟

لَوْ أَنَّها تَبْكِي إذًا لَبَكَتْ *** مَاءَ الْفُرَاتِ وَمَنْبِتَ النَّخْلِ

لَكِنَّهَا ذَهِلَتْ وَأَذْهَلَنِي *** بُغْضِي بَنِي الْعَبَّاسِ عَنْ أَهْلِي

......

وهنا تشعر بالقهر والحنين وعزة نفس حيث انه كان حاكما قويا وقائدا عسكريا محنكا لكن يبقى هناك شيء اقوى من هذا المجد وهو الغربة والشعور بالحنين وذكريات الطفولة حتى انه ذات مرة أرسل وزيره سرا إلى الشام ليحضر ما تبقى من أهله وامره ان يأتيه من غراس الشام من الاشجار كل الأنواع وحمله قصيدة قال فيها ..

أيها الراكب الميمم أرضي

أقري من بعضي السلام لبعضي

إن جسمي كما علمت بأرض

وفؤادي ومالكيه بأرض

قُدر البين بيننا فافترقنا

وطوى البين عن جفوني غمضي

قد قضى الله بالفراق علينا

فعسى باجتماعنا سوف يقضي!...

...

وهنا نستدرك مشاعر صقر قريش عبد الرحمن بن معاوية .. وهو من قام ببناء مسجد قرطبة والذي يعتبر نسخة طبق الأصل عن مسجد بني أمية في دمشق وحين حضرته الوفاة كان آخر كلامه لو أخترت مكان الموت ما أخترت سوا الشام ..مات الداخل بعد ان حكم 33 عاما تاركا لعقبه دولة استمرت في ذريته 3 قرون .