الأمل .. هذه الحالة الوجدانية البديعة التي لطالما ألهمتني لأكتب عنها، وأكتب لأجلها، فكانت مدونتي لأبعث بها الأمل في نفس كل قارئ، لأنني أؤمن بهذه الحالة وأؤمن بجدواها، لطالما اعتبرت الأمل وقود للحياة، ودافعاً للتقدم، بالأمل نتنفس وبالأمل نختم يومنا في كل ليلة، أملٌ بيوم أفضل، بمستقبل مشرق، وبلقاء مجزٍ .

يقول الطغرائي عن الأمل :

 أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها
ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ

أي والله ما أضيق العيش لولا الأمل، وما أعسر الحياة دونه . 

إن للأمل مترادفات عدة فهو يعني الثقة بالله، الإيجابية، الطموح، والصبر حتى الفرج، ولكن متى يمكن أن يصبح الأمل سلبياً ؟ هل يمكن ذلك ؟

القاعدة تقول : كل شيء زاد عن حده، انقلب ضده .. هل تنطبق على الأمل؟ يقول المتنبي :

طَوى الجَزيرَةَ حَتّى جاءَني خَبَرٌ*  فَزِعتُ فيهِ بِآمالي إِلى الكَذِبِ
حَتّى إِذا لَم يَدَع لي صِدقُهُ أَمَلًا*  شَرِقتُ بِالدَمعِ حَتّى كادَ يَشرَقُ بي

أغلبنا مرّ بهذه التجربة المريرة، تلك الصفعة التي لم تكن كافية لإيقاظنا وحسب بل أنها أيقظت آمالاً كاذبة بداخلنا، تلك الصفعة التي هوى فيها استيعابنا، ونطق لساننا مكذباً : "لم يحدث .. لم يحدث .. كل ذلك كذب"، مرحلة الصدمة التي تتركنا منكرين لكل الحقائق ومصدقين لما تمليه علينا النفس من أماني وآمال واهمة، إن الحقائق تصفع يا صديقي .. إن الحقائق تؤلم وتعذب .

نخال أنفسنا قد حبسنا في كابوس مرعب، نجاهد لإيقاظ أنفسنا منه، ونفشل بعد محاولات عاجزة، نفرّ إلى النوم لعلنا نقوم غداً وكل شيء يعود كما كان، ويأتي غد ومن بعده سليله ونحن في ذات الفوضى المربكة التي خيّمت علينا، تختلط الحقيقة بالوهم ونضيع بينهما، وماذا بعد؟ ألن أعود إلى عالمي وحياتي قبل الواقعة ؟

بين الأماني والمنايا سنين ضوئية، نتقلب بينهما، يقول أحمد شوقي :

الأماني حُلمٌ في يقظةٍ 
والمنايَا يَقْظةٌ من حلمِ

هل تتمسكون بالأمل في أصعب لحظاتكم؟ ومتى نكون بحاجة لكبحه ؟