إن للشعر حضوراً في كل مجالات الحياة حتى المطبخ، فلابد أن لتلك الأطباق شهية المنظر والمذاق عميق الأثر في سحر الشاعر الذي ينقل لنا افتتانه بحسناء الصحن في أبيات شعرية لذيذة لغةً وطعماً .

الحلويات جزء أساسي من مائدة رمضان، حيث تسجل هذه الحلويات الموسمية حضوراً مميزاً في كل عام، منها ما تتشاركه الدول العربية ومنها ما تتفرد به دولة عن الأخرى، والكثير منها له سجل تاريخي حافل، فبحسناء الشهر الكريم الكنافة تغنى الشاعر المصري أبو الحسن الجزار قائلاً :

سقى اللهُ أكنافَ الكنافةِ بالقِطْرِ … وجادَ وَليُّها سُكّرٌ دائمَ الدُرِّ
وتبًّا لأوقاتِ المخللِ إنها  …  تمرُّ بلا نفعٍ وتُحسَبُ من عمري

أعشق الكنافة.. بعيداً عن البيت الثاني الذي أجزم بأنه رسم ابتسامة ساخرة على وجوهكم، حيث أن هذا النوع من الشعر تتخلله بعض الفكاهة في الأعماق، أود سؤالكم سؤالاً خاطفاً : هل جربتم يوماً أن تكتبوا عن طبقكم المفضل؟

حسناً، ماذا إن قامت الحرب بين طبقين في هيئة أبيات شعرية مرحة .. هنا يقارن الشاعر ابن عنين بين الكنافة والقطائف قائلاً :

غَدَت الكنافةُ بالقطائفِ تسخَرُ… وتقولُ إني بالفضيلةِ أجْدَرُ
طُويَت محاسنها لنشر محاسني..كم بين من يُطوى وآخر يُنشَرُ

برأيكم من الأجدر بالفوز في هذه المعركة .. الكنافة أم القطائف ؟

إن الشعر ثورة ووسيلة لنيل المطالب، ماذا إن كانت هذه المطالب متعلقة بالحلويات ؟ يذكر العلامة جلال الدين السيوطي في رسالته الشهيرة باسم "منهل اللطائف في الكنافة والقطائف" قصة ارتفاع أسعار الحلوى في القرن العاشر الهجري مما استدعى تقديم شكوى للمحتسب من قبل المواطنين آنذاك وكانت الشكوى منظومة شعرياً ومما جاء فيها :

وقد صِرتُ في وصف القطايفِ هائمًا
تراني لأبواب الكنافة أقْرَعُ
ما قاضيًا باللهِ محتسبًا عسى
ترخصُ لنا الحلوى نَطيبُ ونَرْتَعُ

في الختام أعزائي الحسوبيين أقدم لكم اعتذاري إن كنتم تقرؤون مساهمتي أثناء صيامكم تقبله الله منكم، ومع مشارفة الشهر الكريم على توديعنا، لابد أننا سنودع معه أيضاً هذه الحلويات الباهية التي زيّنت موائدنا الرمضانية طوال الشهر وقامت بالواجب وزيادة، وهنا يدغدغني فضولي لأعرف أي الحلويات تفضلون ؟ وهل سبق وأن قرأتم شعراً أو كتاباً حول وجبتكم المفضلة ؟